خروج المظاهرات والاعتصامات عن كل الحدود جعل البعض يطالب بهدنة لمدة عام منها علي الأقل لمنع حالة الانفلات الأمني والخروج عن الشرعية والتفرغ للإصلاح ومواجهة التراجع الاقتصادي بسبب توقف الكثير من القطاعات عن العمل..خبراء السياسة والاقتصاد والقانون قالوا إن هذه التظاهرات في معظمها تحولت إلي نوع من الإرهاب وليست تعبيراً عن الرأي وامتدت آثاره السلبية إلي كل المجالات. تساءلوا أين قانون تنظيم التظاهر لضبط هذه السلوكيات حيث إن حماية الجبهة الداخلية هو الأهم محذرين من زعزعة الثقة في الأمن لأن هذا يمس هيبة الدولة ويؤدي إلي المزيد من التدهور. قالوا ليس أمامنا عند فشل الحوار والتفاهم بين الفصائل السياسية سوي التطبيق الصارم للقانون علي الجميع مطالبين بضرورة توقف التظاهرات قبل بداية العام الدراسي خوفاً من اندساس بعض الخارجين علي القانون فيها. * المستشار محمد حامد الجمل نائب رئيس مجلس الدولة سابقاً قال إننا في أمس الحاجة إلي إصدار قانون التظاهر لتنظيم هذا الأمر الذي خرج عن كل القواعد والأسس التي تلتزم بها جميع دول العالم رغم إقرارنا بأن التظاهر حق من حقوق الإنسان الأساسية التي لا ينازعه أحد فيها بشرط الالتزام بالسلمية والقواعد الموضوعة. أضاف أننا نحتاج إلي إيقاف هذا الشكل الدامي من التظاهرات التي تؤدي إلي سقوط القتلي والجرحي بدون أي سبب والتفرغ لتحقيق الإصلاح في مصر علي كل الأصعدة سواء السياسية أو الاقتصادية أو حتي الاجتماعية حيث شاهدنا تدهوراً في العلاقات الاجتماعية بين المواطنين في الآونة الأخيرة بسبب أساليب الحشد والحشد المضاد. أشار إلي أهمية أن تتدخل الدولة في هذا الوقت الخطير في تاريخ مصر وتنظيم هذا الأمر ولا يترك علي عواهنه وإلي أن يصدر القانون الوطني لتنظيم التظاهر يجب أن يكون هناك التزام بالقواعد المتعارف عليها ومنها إخطار جهة الأمن بسبب التظاهر السلمي وميعاده والطريق الذي يسلكه حتي تستطيع الدولة السيطرة علي الأمر وحمايته خاصة إذا كان سلمياً.. أما إذا خرج عن المسار السلمي فيجب أن يكون هناك التعامل الصارم مع أي شكل من أشكال الخروج علي القانون حماية للمواطنين وللمجتمع. مسارات محددة * المستشار عادل قورة رئيس المجلس الأعلي للقضاء سابقاً قال إن المظاهرات منذ 25 يناير وحتي الآن هناك الكثير منها الذي خرج عن القواعد التي يحددها القانون مثل الالتزام بالأماكن التي يحظر فيها التظاهر أو تحديد مسارات معينة للسير. أضاف أن هناك من يشجع علي هذه التظاهرات تحت دعوي حقوق الإنسان وهذا غير حقيقي فأهم أركان حقوق الإنسان الالتزام بالقانون سواء من جانب الدولة أو المواطن. أشار إلي أن ما يحدث حالياً ليس تعبيراً أبداً عن الرأي ولكنه تهديد وإرهاب بغرض تحقيق أهداف سياسية.. أو استخدام غير شرعي للقوة وهذا يندرج تحت المخالفة لمبادئ القانون سواء المحلية أو القانون الدولي لأن كل من ينشر الرعب والخوف والفزع فهو يعتدي علي حقوق الإنسان الأساسية ولذلك أطالب بأن يكون للدولة إجراءات حاسمة لإيقاف هذه التداعيات السلبية التي نجمت عن تزايد ظاهرة الاعتصامات والتظاهرات ويكفي الخسائر التي أصيبت بها قطاعات الصناعة والسياحة والتجارة وبأرقام مفزعة بجانب تهديد السلم الاجتماعي. ضرب الاقتصاد * اللواء أحمد عبدالرحمن عضو المجلس المصري للشئون الخارجية قال إن هناك من استغل مفاهيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في ارتكاب أفعال وهجمات لإسقاط الدولة وضرب الاقتصاد حتي وصلت الخسائر في كل المحافظات إلي درجة كبيرة من السوء ومنها علي سبيل المثال محافظة السويس التي قدرت خسائرها ب30 مليون جنيه ومحافظة سوهاج 5 ملايين جنيه. أضاف وهناك المصانع المغلقة التي وصلت إلي أكثر من 4000 مصنع والمظاهرات التي تخرج ليست سلمية أو مشروعة حتي يتم السماح لها بالتواجد في الشوارع والميادين لأنها تجاوزت مرحلة السلمية إلي مرحلة العنف والتخريب وتعطيل المرور ومما لا شك فيه أن حماية الجبهة الداخلية تعد أهم العوامل التي ينبغي تحقيقها. أشار إلي أن سلوك العديد من المواطنين في مواجهة محاولات الخروج عن الشرعية والقانون يعكس رغبة حقيقية لدي المواطنين في ضرورة إغلاق هذه الصفحة والتوقف تماماً عن هذه المظاهرات التي تعطل العمل وتشكل خطورة علي القائمين علي الأمن. * أحمد زعيتر عضو ائتلاف شباب الثورة قال إن الملايين خرجت إلي الشوارع والميادين واستقرت علي خريطة الطريق وآن الأوان لأن نحول الطاقة التي تهدر في المظاهرات إلي اصطفاف وطني واتفاق من أجل دعم الاقتصاد المصري الذي يعاني بشدة منذ ثورة 25 يناير. أضاف أننا كمجموعة من شباب الثورة نبحث الآن تنظيم مجموعة من الفاعليات لدعم الاقتصاد المصري والوصول إلي الاستقرار الآمن والسياسي الذي سيؤدي بدوره إلي زيادة الاستثمارات وضخ المزيد إلي شرايين الاقتصاد القومي. أوضح أن هناك العديد من التجارب العالمية في هذا المجال أبرزها تجربة جنوب أفريقيا في التصالح بعد صراع أشد ضراوة بين السود والبيض بشرط أن يتم بعيداً عن قضايا القتل والتحريض علي العنف خاصة أن هناك محاولات جادة من بعض شباب الجماعة تريد الاندماج في العمل الوطني والتخلي عن أسلوب العنف ضد المجتمع. أوضح أننا يجب أن نستنفد كافة الطرق السلمية للم الشمل وبعد ذلك ليس أمامنا سوي القانون لفرض النظام حفاظاً علي كيان الوطن وأن نتفرغ للعمل والإنتاج فمن لا يملك قوته لا يملك قراره خاصة أن هناك العديد من الجهات الداخلية والخارجية التي لا تريد الاستقرار لمصر. هيبة الدولة * اللواء أحمد السماحي الخبير الأمني أكد أن الشعب لن يقبل بعد الآن بديلاً عن الديمقراطية والحصول علي حقه في التعبير عن رأيه بكل السبل ومنها التظاهر أو حتي الاعتصام ولكن هذا الأمر زاد علي حده في الفترة الأخيرة وتحول إلي نوع من الفوضي بل وأصبح سبباً في هز هيبة الدولة حيث غالباً ما تفقد السيطرة علي مثل هذه التظاهرات غير المنضبطة ويسقط فيها الكثير من الضحايا ويتم الاعتداء علي رجال الأمن لهز الثقة فيهم. أضاف أننا نعيش حالة من الانفلات غير المسبوقة فكل شخص أو جماعة لا ترضي عن وضع ما تقوم بالتظاهر وتعطيل حياة الناس وإصابة مصالحهم بالارتباك بل والشلل والتوقف التام وهذا لا يحدث في أي بلد من بلاد العالم حتي أعتي البلاد الديمقراطية فحرية الشخص حدودها تتوقف عندما يتم الاعتداء علي حرية الآخرين وهذا ما يحدث في هذه التظاهرات التي تخرج بطريقة عشوائية دون مراعاة لأي قواعد. أشار إلي أننا في مثل هذه الظروف في حاجة إلي طريقين نسير فيهما في نفس الوقت.. الأول محاولة التقريب بين القوي السياسية خاصة التي لم تتورط في الدم أو تحض علي العنف والاقتتال لخلق حالة من التجانس والاتفاق حتي لو كان مرحلياً لينعكس ذلك علي الشارع وتتراجع التظاهرات. والطريق الثاني هو الحسم في تطبيق القانون في مواجهة هذا الانفلات فلا يمكن أن نغض الطرف عن هذه التظاهرات والتي تصيب البلاد بخسائر لا حد لها علي كل المستويات وتخلق حالة من عدم الاستقرار. فاتورة الاعتصامات * د.حسام كامل رئيس جامعة القاهرة سابقاً قال إن أول من يدفع فاتورة الاعتصامات والتظاهرات هي مؤسسات الدول بجميع قطاعاتها ويكفي أن نعلم أن عجز الموازنة ومعدل التضخم وصلا إلي حدود غير آمنة ويهددنا الاستقرار الاقتصادي كما أن معدل البطالة وصل إلي 13% والفقر 25% وكل الأرقام مؤشرات تنم عن خطورة الأوضاع التي وصلنا إليها. أضاف أن الاعتصامات والتظاهرات تحولت من ظاهرة ديمقراطية إلي وسيلة للقتل والترويع والنهب والسرقة والحرق وبالتالي لابد أن تتخذ الدولة إجراءات حاسمة بعيداً عن مبادرات المصالحة والتسامح ونبذ العنف لأن التجربة أثبتت أنها لم تحقق أي نتائج إيجابية حتي الآن. نتائج سلبية * د.علي عبدالرحمن أستاذ الاقتصاد بجامعة قناة السويس قال إننا في حاجة ملحة إلي هدنة من هذه المظاهرات والاحتجاجات ولتكن لمدة عام حيث تؤدي إلي نتائج سلبية علي كل المستويات سواء الأمنية أو الاقتصادية وفي نفس الوقت لا تحقق أي فائدة سواء للمجتمع أو حتي لمن يقوم بالدعوة لها أو المشاركة فيها. أضاف أن الوضع الاقتصادي أصبح علي درجة كبيرة من السوء واستمرار هذه التظاهرات وحالة عدم الاستقرار في المجتمع سوف تؤدي إلي المزيد من التراجع الاقتصادي الذي سيكون من الصعب التعامل معه خاصة أننا نعاني من تراجع الاستثمارات بشكل مخيف وبما يشبه الحصار الاقتصادي من دول الغرب التي ترفض الاعتراف بجموع المواطنين الذين خرجوا في 30 يونيه. أشار إلي استمرار الظاهرة فيها خطورة كبيرة خاصة أننا علي أبواب عام دراسي جديد والكل يعلم أن هذه المظاهرات حتي التي يقوم بها الطلبة يندس فيها عناصر خارجة عن القانون وتحاول إثارة القلاقل وهو ما يؤثر علي انتظام سير العملية التعليمية ويدفع ثمنه الطالب. أشار إلي أن حالة عدم الاستقرار التي أنهكت الوطن منذ ثورة 25 يناير والتي مر عليها ما يقرب من عامين ونصف العام أدت إلي تراجع اقتصادي غير مسبوق ويكفي هنا أن أدلل علي ذلك بمجموعة من الأرقام منها تجاوز العجز في الموازنة العامة ل 160 مليار دولار ووصول الدين الخارجي إلي 1.3 تريليون جنيه ناهيك عن الكساد التجاري والسياحي الذي يعاني منه الجميع وآضر ضرراً مباشراً ملايين الأسر المصرية. أوضح أن حزمة المساعدات العربية سواء التي حصلنا عليها أو التي ستأتي مستقبلاً شيء جيد وساهم بالتأكيد في الحد من الخطر الاقتصادي بشكل كبير ولكن هذا لا يكفي فلابد أن تتوقف حالة عدم الاستقرار التي نعيشها وأن يبدأ الجميع في العمل بعيداً عن حالة الفوضي والاضطرابات. الأمن القومي * د.أحمد أسامة أبودومة رئيس مركز الكرمة للتنمية الإنسانية طالب بتطبيق القانون لأن تكرار ظاهرة المظاهرات بعد 30 يونيه أدخلنا في مرحلة الدولة الرخوة وحالة من الفوضي العارمة تضر بسلامة الأمن القومي المصري الذي هو في حد ذاته الأمن الإنساني. أضاف أن التظاهرات التي ينظمها التيارات التي ترفع شعار الإسلام السياسي استهدفت ترويع الآمنين وإثارة البلبلة ونشر الاضطرابات مما كان له تداعيات أحدثت شللاً في الحياة اليومية تمثلت في هروب الاستثمارات وخسائر مرفق السكة الحديد وتعطله وقطاع النقل وكذلك في الصادرات وقطاع البناء والتشييد فكل القطاعات والفئات بلا استثناء تضررت وأصبحنا نعتمد علي المنح والمساعدات.