سقط مبارك وصبيانه. إلا أن نظامه والتربة التي أفرزته مازالت علي حالها ويمكنها إفراز ألف مبارك جديد وإذا كنا قد تحدثنا في هذا المكان عن إصلاح التعليم والتربية كمدخل لتتبوأ مصر مكانتها اللائقة في العالم. فإن التعليم ليس المدرسة وحدها ولا المدرس ولا الكتاب المدرسي وحدهما. وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية واحدة من أهم روافد التربية في عالمنا المعاصر وعليه يجب تنقية تربية الإعلام وتقليبها وتعريضها للشمس والهواء من أجل إصلاح هذا المجتمع إذا كنا نرغب حقاً في إصلاحه. الإعلام في مصر شأنه مثل دول العالم المتخلفة هو صانع الديكتاتوريات. الصحافة والتليفزيون هما الرحم الملوث الذي ينمو فيه الفراعنة. الإعلام عليه مسئولية جبارة خلال الفترة القادمة تتلخص في إزالة كل أنواع النفاق وتربية جيل جديد علي الصدق في التعامل والتناول. هذا الجيل الجديد قد يصعب عليه النمو في ظل وجود أباطرة النفاق الإعلامي. هؤلاء الذين شربوا وترعرعوا في ظل أجواء أقل ما يقال عنها انها لم تكن سوية لن يسمحوا بأن يدخل هواء نقيا في الأوساط الإعلامية كما انهم سينقلون فيروس النفاق والتدليس حتي لمن يريد أن يكون سليما ومعافي. الإعلام من أهم روافد التربية وعلينا نحن الصحفيين أن نعمل علي وأد أي محاولة جديدة لانبات فرعون جديد كما يجب علي المتحولين أن يبحثوا لأنفسهم عن ملاذ آمن يختبئون فيه ليرحموا القارئ والمشاهد من طلعتهم غير البهية ومن فحيح أقلامهم المسمومة. النفاق واحد من أهم آفات التربية السليمة والسوية وعليه يجب عن أساليب جديدة في التعامل والتناول لكل خبر وتعليق ورأي وتحقيق شريطة أن يكون خالياً من النفاق وعبارات التزلف والتملق. إعلام ما قبل 25 يناير صنع الطاغية واحتضن الفساد وهلل له ووصف كل انتكاسة بأنها تاريخية وكل كلمة ينطق بها الحاكم بأنها الحكمة وكل حركة يخطوها بأنها غير مسبوقة وكانت النتيجة ان تلال الفساد التي جلس عليها نظام الحكم السابق كانت في رأي بعضهم إصلاحاً والنهب الممنهج كان تخطيطا وإذلال البشر كان استقرارا وتجويع الشعب كان لحكمة لا يعلمها إلا الرئيس.. إعلام ما بعد 25 يناير يجب أن يتخلص من كل العورات وأن يخفي كل التشوهات إذا كنا نأمل أن نري "مصر" جديدة لا تدليس فيها ولا نفاق.