بعد قرار حبس الرئيس السابق حسني مبارك 15 يوماً علي ذمة التحقيقات بات السؤال الملح. كيف ستتم محاكمته. خاصة في ظل تأخر صدور القرار؟ خبراء السياسة والقانون أكدوا أن 60 يوماً منذ التنحي حتي الآن تكفي بالفعل لاعدام المستندات التي تدين النظام.. وأن شهادة الشهود من الممكن الأخذ بها لمحاكمة مبارك بشرط اقتناع القاضي. أشاروا الي أن التحقيق مع الرئيس السابق ومحاكمته موعظة للقيادة القادمة. د.محيي سليم استاذ قانون مدني بجامعة المنوفية يري أن رئيس الجمهورية مواطن عادي وليس فوق القانون ولا يوجد في جميع دول العالم ما يحرم اخضاع الرئيس للمساءلة القانونية. أوضح أن مردود ذلك علي الرئيس القادم سيكون جيداً حتي يتعظ من تجارب الآخرين ويعلم أنه خادم لهذا الشعب ويعمل علي مصالحه.. كل هذا لا يعني أن ينتهي الاستبداد والسيطرة الي الأبد. والدليل أن هناك المئات ممن يحكم عليهم القضاء بالاعدام والادانة اذا ارتكب جريمة قتل ورغم هذا تظل تلك السلوكيات تمارس حتي دون توقف.. لذلك نتمني أن يكون الرئيس المستقبلي ضد هذه الأساليب ويضع نصب عينيه ما يراه في صالح البلاد. أكد أن الرئيس اذا كان في منصبه فهناك قانون ينظم محاكمته لكن بتنحيه يصبح مواطناً عادياً وأدلة الاثبات هي التي تثبت ادانته من عدمها سواء مادية كأوراق أو شهادة شهود أو سلاح مضبوط. د.فوزية عبدالستار رئيس اللجنة التشريعية سابقاً تقول إن المواطنين لدي القانون سواء وإعلاء مبدأ المساواة فوق الدساتير. فأي شخص يرتكب جريمة يحاكم ويخضع للقانون مهما كان شأنه وقدره وصفته الوظيفية. أشارت الي أن الشارع المصري يجب أن يعي أن التحقيق مع الرئيس السابق ليس علي سبيل الانتقام لكنها تطبيق للقانون والقضاء المصري محل ثقة والقاضي يحمل ضميراً شديد الحساسية فيحكم بالادانة اذا ثبت ذلك أو بالبراءة. أوضحت أن تأثير ذلك علي من يتولي الحكم بعد ذلك يرجع للشخص نفسه فاذا كان "ديكتاتوري" سيفرض نظامه أو ديمقراطياً سيعمل علي الديمقراطية لأن محاكمة آخرين لا تؤثر علي سلوكناً مطلقاً. د.أحمد فوزي أستاذ قانون دولي جامعة بني سويف أكد أن مساءلة الشخص أياً كان موقعه أمر ضروري ويجب أن يمارس حتي لو كان الحاكم في مكانه بالسلطة وهذا معمول به في كل دول العالم.. لكن هناك فرقاً كبيراً بين ما هو جنائي وسياسي. فالتهم الجنائية تخضع لقانون العقوبات بناء علي قاعدة لا جريمة ولا عقوبة ألا بنص وأن يستوفي المتهم حقه في الدفاع. أشار الي أنه من أول نظرة للرئيس المستقبلي سيري ما حدث للسابق ومحاكمته تعتبر خطوة علي الطريق الصحيح مما يجعله يتجنب الاهتمام بمصالحه الشخصية ويلتفت الي العواقب الوخيمة اذا ارتكب أخطاء. د.حسن جميعي رئيس قسم قانون مدني يشير الي أنه تقديم الرئيس السابق للمساءلة القانونية يردع الرئيس الجديد عن استغلال منصبه ويعي أنه موظف عمومي يتولي السلطة بهدف تحقيق المصلحة العامة. أوضح أن الرئيس اذا قام بأخطاء عمدية أو بسبب اهمال ففي كلا الحالتين يستحق عقوبة لكن هذا يجعلنا نثق الي حد كبير في الرئيس القادم الذي سيكون شديد الحرص علي تجنب الأخطاء وعدم التكاسل عن ازالة المعوقات والسعي نحو الاصلاح واليقظة في مواجهة الفساد. يقول الدكتور حسن نافعة أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عادة ما تعقب الثورات الشعبية محاكمات ثورية انتقامية تنتقم ممن تم خلعهم أكثر مما تحاسبهم لكنني أعتقد أن الشعب المصري الذي ضرب للعالم نموذجاً يحتذي به في ثورته الأخيرة قادر علي أن يقدم نموذجاً لمحاكمة عادلة تبهر العالم خاصة وأن هذه الخطوة انتظرناها طويلاً منذ يوم التنحي.. فيما يتعلق بمدي تأثير محاكمة الرئيس مبارك علي سياسات الرئيس القادم يقول الرئيس المنتظر لابد أن يكون علي نفس مستوي رقي الثورة المصرية التي قامت لافراز شخصية قيادية تليق بهذا الوطن ومن المؤكد أن أي رئيس قادم سيجد في قصة مبارك مع السلطة كل العظة والعبرة السياسية. يقول الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية خطوة محاكمة مبارك بناءة جداً وتصب في صالح فكرة دولة القانون التي لا تعلو فيها سلطة أي فرد عن سلطته وهذا يتفق تماماً مع وعود الحكومة والمجلس الأعلي للقوات المسلحة وهذا يلغي تماماً فكرة الاستثنائية في القوانين والمحاكمات والتي سادت في مصر بعد ثورة 23 يوليو وأكد علي أن الرئيس القادم سيظل ماثلاً نصب عينيه هذه الفكرة لأنه أصبح لا يوجد أدني شك في أنه سيخضع للقانون شأنه شأن أي مواطن آخر خاصة مع وجود رقابة شعبية وبرلمانية عليه. اتفق معه في الرأي الدكتور جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس الذي أكد علي أن محاكمة مبارك ستكون رادعة ليس للرئيس القادم فقط بل ولأي مسئول تنفيذي سيشغل أي منصب في مصر ما بعد ثورة 25 يناير فهذا الاجراء التاريخي الذي نشهده لأول مرة في تاريخ مصر سيكون له انعكاسات ايجابية جداً علي الحياة السياسية في وطننا لمدة عقود قادمة. في النهاية أكد عبدالفتاح حامد رئيس منظمة الشرق الأوسط علي أن حبس مبارك ونجليه خطوة تدل علي أن الدولة تسير في الاتجاه الصحيح وأنه لن يكون هناك تراجع عن مبادئ الشفافية والمصداقية التي نادي بها الشعب في ثورته وصدق عليها الجيش وبهذا اعتقد أن كل الأهداف التي قامت عليها الثورة في طريقها للاكتمال. أضاف هذه الخطوة بالاضافة لتحديد مدد الرئاسة ستجعل أي رئيس قادم يفكر جيداً في اليوم الذي سيصبح فيه مواطناً عادياً بعيداً عن حصانة كرسي الرئاسة وأعتقد أنه سيعد العدة للابتعاد عن النهاية المأساوية لحياة مبارك السياسية.