الكفاءات المصرية في المجال الموسيقي التي تذهب إلي الخارج للدراسة تنجح وتتفوق ولكن تظل هناك تعطي جهدها وخبراتها للفرق الأجنبية والسؤال لماذا لا يعودون إلينا؟ ولماذا لا يتم الاستفادة منهم؟ وإلي متي تظل الطيور المهاجرة تحلق في سماء الدول الغربية وتبعد عن سمائنا؟ كل هذه الأسئلة دارت في ذهني عندما شاهدت عازف الكمان عبد الحميد الشويخ يعزف بمهارة أمام عشاق الموسيقي الأجانب والمصريين أثناء مشاركته لفرقة سونفونيتا مصرية في جولتها في 4 دول أوروبية .. وفي فيينا عاصمة النمسا وقبل ثورة 30 يونيو بأيام كان هذا اللقاء مع الشويخ أبحث معه عن اجابات لأسئلتي ولكن تشاء الصدف أن يتطرق الحديث لموضوعات وحلول تصلح تقديمها للوزارة الجديدة وكأن الحوار تم إجراؤه منذ ساعات كما سوف يتضح ذلك من السطور القادمة. وعبد الحميد الشويخ من أسرة موسيقية حيث كان والده عازفاً في فرقة أم كلثوم اكتشف موهبته الموسيقية مبكراً وعمله هو أخيه العازف خالد الشويخ العزف علي آلة الكمان منذ الصغر وألتحق بعد ذلك بالكونسرفتوار. تجربة وعن تجربته واسباب سفره للخارج يقول: أنا سافرت عام 1982 اثناء دراستي في الكونسرفتوار وكان زمن نهضة موسيقية ونشاط في المعهد حيث نسافر بشكل دائم ووجدت أن الإحتكاك بالوسط الموسيقي العالمي هو المحك لأن العلم جانب اساسي في التميز وأن الاستمرار في مصر لا يمثل منافسة ولهذا قررت السفر كي أتعلم وأفيد بلدي بعد ذلك رغم معارضة الأسرة وذهبت إلي سويسرا وانهمكت عدة سنوات في الدراسة والاشتراك في المسابقات واستطعت أن اثبت كفاءتي وتفوقت علي الأجانب واؤكد للعالم أني من بلد مصر الحضارة التي عرفت الموسيقي من أيام الفراعنة التي نجد علي جدران معابدها آلات الهارب والفلوت ولكن للأسف حيث فكرنا في العودة كان الواقع الموسيقي قد تغير.. ودخلت البلاد في مراحل الإنحدار ووجدت مثل كثيرين غيري أن اظل استفيد من الجو الموسيقي العلمي والمنافسة الشريفة هنا التي اوصلتني حاليا لأكون رائدا في واحد من أهم الأوركسترات العالمية ومن الممكن أن أفيد بلدي أكثر عن طريق الإتيان إليها من حين لآخر وتقديم عزف جيد ومتقن وأيضا تقديم ورش عمل للعازفين ندربهم ونعطيهم خلاصة تجربتنا ولكن للأسف تم تجاهلي أنا وغيري ولم يفكر الكونسرفتوار الذي تعلمت فيه أن يدعوني مرة واحدة لإعطاء دروس متخصصة لدارسي الكمان إلي أن جاء المايسترو الصعيدي قائداً أساسيا للسيمفوني وكان يدعوني للعزف سنويا وعرفني الجمهور المصري ولكن بعد تركه المنصب لم يدعوني أحد لمدة عشر سنوات حيث جئت هذا الموسم وعزفت ولكن للأسف قررت عدم العودة بعد أن قابلت المايسترو التشيكي الذي تم تعيينه كقائد أساسي وتحدث معي بأسلوب كأني عازف مبتدئ ولم يكلف خاطره بالقراءة والبحث عني لأن هذا النوع من القادة لا يهمه بناء الأوركسترا ولا الحرص علي إجتذاب المصريين ويضيف: أنا زعلان من بلدي التي لا تسعي للإستفادة مني ومن غيري خاصة العناصر المصرية التي لها خبرة كبيرة في مجالها.. وعن سؤاله عن السبب في ذلك هل هي الإدارة هل الخوف من المقارنة؟ قال للأسف لا أعرف ولكن أري أن هناك اختلافاً كبيراً في الواقع الثقافي المصري وأن الموسيقي ليست لها نصيب فيه وليس هذا فقط بل هناك حرب عليها ولكن أنا مثل كل المصريين أؤمن أن التغيير قادم .. وعن الحل يقول: يجب تغيير المنظومة كلها أنا لا أصدق أن مدينة مثل القاهرة بها 20 مليوناً عندما يقام حفل للموسيقي الكلاسيك يحضر فقط خمسين شخصاً فقط هذا عيب تسويق وإعلان ودليل أيضاً لغياب الخطة المتكاملة ولهذا يجب أن يتم الاهتمام بعلم التسويق وأن يتم إرسال بعثات للخارج للتعلم أو دعوة خبراء من الخارج كما يجب أن يكون هناك سياسة الثواب والعقاب بالنسبة لكل من يقوم بوظيفة فنية أو إدارية في المجال ويستطرد: لازم يكون هناك نظام دقيق يماثل كل دول العالم التي تتقدم في الفن كما علي أجهزة الدولة المسئولة عن الموسيقي أن تهتم بالإستفادة من الكفاءات المصرية إلي أقصي درجة ويكون هناك احترام للتخصص. يضيف: والأهم التعليم في الصغر وأن تكون الموسيقي مادة أساسية في جميع المدارس. عن إنشاء معاهد موسيقية في المحافظات قال إقتراح جيد ولكن يجب أن يكون تعليم جاد وبطريقة صحيحة وتشجيع الجمعيات الأهلية للدخول في هذا المضمار ويجب وأن يكون هناك رعاة للفنون يساهمون في النهضة الموسيقية وعن دوره شخصيا يقول: أنا علي إستعداد الحضور مرتين في السنة لعمل ورش عمل مجانا لشباب العازفين بالإضافة للعزف وعمل ريستال ولكن لابد من دعوتي والتنسيق معي. وعن رحلة سنفونيتا في أوروبا التي شارك فيها بالعزف المنفرد والجماعي يقول الشويخ : نقطة حضارية هامة أمام العالم المتقدم في الموسيقي .. كما أنها علي المستوي الشخصي أسعدني جداً أن أتواصل مع شباب العازفين المصريين واسترجع الروح المرحة التي نتميز بها ولا تتعارض مع العمل الجاد والرغبة في التقدم. أخبار وعن أخباره في الموسم القادم وماذا يقدم قال: سوف أعزف منفرداً "الفصول الأربعة" لديفالدي مع اوركسترا سويسرا القومي "سويس دي موند" الذي أنا رائده منذ حوالي 25 عاما ومع الأوركسترا سوف نعزف بداية من سبتمبر القادم "رباعية خاتم النيبلونج" لفاجنر وكما تعلمين انها من الأعمال الصعبة والطويلة وهذه ثاني مرة ألعبها ويضيف وبالنسبة لأوركسترا جنيف الوتري الذي أنا مسئول عنه سوف أقدم 9 حفلات موسيقي حجرة.. وعن أمنيته لمصر قال: أن تستيقظ من كبوتها سريعاً وتعود الموسيقي لتسلق سلم النهضة مرة أخري وواثق أن هذا سوف يحدث إن شاء الله.