في ليلة 9 أكتوبر سنة ..1918 أقام حسين رشدي باشا رئيس الوزراء حفل عشاء في كازينو سان ستفانو بالاسكندرية حضره جمع من وجهاء البلاد وكبار مسئوليها وبعض أعضاء الأسرة الملكية. وفي هذه اليلة ولدت فكرة جمع توقيعات من كافة أطياف الشعب لتشكيل وفد يقوم بالتفاوض وعرض قضية الاستقلال علي مؤتمر الصلح. وكان صاحب هذه الفكرة هو الأمير عمر طوسون الذي كان شديد العداء للانجليز.. وقد عرض فكرته هذه علي سعد زغلول باشا بصفته وكيل الجمعية التشريعية وقد اعتبره الشعب زعيم الأمة. وعلي الفور وافق سعد باشا علي هذه الفكرة.. ويقول عبدالرحمن الرافعي في كتابه عن ثورة 1919 إن سعد باشا تلقي الفكرة من عمر طوسون وانفرد بها لكي لا تكون الرئاسة للأمير. وفي يوم 13 نوفمبر سنة ..1918 ذهب سعد باشا وعلي شعراوي باشا وعبدالعزيز فهمي باشا إلي دار المعتمد البريطاني للحصول علي موافقته لسفر الوفد لحضور مؤتمر الصلح بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي ولعرض قضية الجلاء والمطالبة بتنفيذ وعود بريطانيا بالجلاء عن مصر بعد انتهاء الحرب. ودارت مناقشات مستفيضة بينهم وبين السير وينجت الذي فاجأهم بقوله إنه يدهش لأن ثلاثة رجال يتحدثون عن أمر أمة بأسرها دون أن يكون لديهم ما يخولهم صفة التحدث باسمها.. وكان الرد هو أن سعد باشا هو الوكيل المنتخب للجمعية التشريعية والاثنان الآخران عضوان فيها وهنا قرر سعد باشا البدء في تنفيذ فكرة جمع التوقيعات من مختلف طبقات الشعب بإعطاء توكيل لمجموعة الشخصيات لكي يشكلوا الوفد المصري.. وقد بدأ هذا التوكيل بعبارة نحن الموقعين علي هذا قد أنبنا عنا حضرات.. إلي آخره.. تم طبع الآلاف منها وتوزيعها في مختلف أقاليم مصر ومدنها وقراها.. وأقبل الناس عليها بصورة أذهلت الانجليز.. ووصل الأمر إلي قيام من لا يعرف القراءة والكتابة بأن يبصم علي هذا التوكيل ولكن السلطات البريطانية تنبهت إلي خطورة هذه التوكيلات فتصدت لها وأصدر المستر هينز المستشار البريطاني لوزارة الداخلية المصرية أوامره مباشرة إلي مراكز البوليس بمنع تداول التوكيلات ومنع التوقيع عليها.. وطبعاً لم تستطع حكومة حسين رشدي باشا أن تفعل شيئاً.. كانت هذه فكرة الأمير عمر طوسون منذ نحو 95 عاماً.. والمقصود بها أن يري الانجليز إجماعاً من كل طوائف الشعب تجاه أمر واحد هو تشكيل الوفد.. ومضت كل هذه السنوات وخلالها كانت تظهر في بعض المؤسسات والمصالح وغيرها حملات لجمع التوقيعات للمطالبة بأمر من الأمور.. وهذه الأيام تكررت حملة أخري لجمع التوقيعات من المواطنين ولكن مع وضد النظام الحالي..!!