"الدهاة يصنعون الثورة والشجعان ينفذونها واللصوص يسرقون ثمارها".. جملة شهيرة من أدبيات الثورات التي عرفها العالم. الدهاة كانوا رءوس الثورة الفرنسية والثورة البلشفية واللصوص سرقوا الثمار في الثورتين وأجمل ما في ثورة يناير ان الدهاة لم يخططوا لها. بل اجتمعت إرادة مجموعة من الشباب علي القيام بها.. أعلنوا موعدها وتوقيتها وانطلقوا إلي الميادين والشباب الشجعان تلقوا رصاصات الغدر بصدورهم العارية واللصوص مازالوا في الأكمنة والسراديب يعيدون تنظيم صفوفهم لسرقة الثمار ولكن هيهات.. الثورة انطلقت وخلاص "توبة ما عاد فيها مجاملة خلاص ولا عاد من الثورة الشاملة مناص" كما قال صلاح جاهين وتغني عبدالحليم حافظ اللصوص مهما فعلوا وتخندقوا وتلونوا لن يستطيعوا سرقة ثمار الثورة والوقت الذي راهنوا عليه ليس في صالحهم. فكل اللصوص ينتظرون دورهم أمام النائب العام والكسب غير المشروع. الطابور طويل وهو السبب الرئيسي في قلق الثوار.. الطابور بطول مصر وعرضها.. طابور ينتفض فيه اللصوص من مصر إلي أسوان.. لن يسرقوا الثورة ولن يمكنهم أحد من ذلك. فالشباب هم حماة الثورة ومن فجر الثورة عليه حمايتها.. الثورة انطلقت "خلاص" والمشكلة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل. لقد قاموا بالثورة ولم يفكروا ماذا سيحدث في حالة فشلها.. في الوقت الذي فكر فيه خصوم الثوار في كيفية الانتقام. أعدوا العدة مبكرا بقوائم طويلة من الأسماء جمعها صبيان الحزب الوطني في المدن المشتعلة ومن داخل المؤسسات الغاضبة قوائم شملت كل الأسماء.. الثوار والمتعاطفين معهم ومؤيديهم لالقاء القبض عليهم في حالة القضاء علي الثورة.. كانت القائمة طويلة أيضاً تم إعدادها علي عجل صبيحة الخميس 27 يناير وحدث ما لم يكن في الحسبان.. سقط شهداء في السويس وظهيرة اليوم الثاني سقط شهداء في العديد من أحياء القاهرة. في منطقة المعادي وحدها قدم سبعة عشر شهيدا أرواحهم من أجل الخلاص وظن البعض أن الأمر سينتهي وهنأ صبيان لجنة السياسات بعضهم البعض في التليفونات بأنه سيتم القضاء علي القلة المندسة أصحاب الأجندات الأجنبية خلال ساعتين أو ثلاث علي الأكثر. بل ظهر عراف التوريث الشهير في محطة سكاي نيوز البريطانية يزف البشري بأن الوضع لن يستغرق سوي ساعة أو اثنتين وخاب ظنهم وخاب أملهم وصرخ رجال الأمن المركزي لقادتهم كما هو مسجل بأن "الشعب ركب" انهار النظام. انهار النظام ومازالت فلوله التي خططت ونفذت موقعة الجمل. مازالت فلوله تحاول الإيحاء بأن ما حدث قد حدث والثورة انتهت وتمسكوا بمواقعهم وهم لا يدركون ان الثورة التي اجتثت رأس النظام قادرة علي اجتثاثهم وبدأت التحقيقات والمحاكمات ونجحت الثورة وثار الشباب مرة أخري لبطء الاجراءات. مطالبين بمحاكمات علنية لرءوس الفساد. هذه المطالبة تبدو موضوعية فلو كانت فشلت الثورة لتم محاكمة قادتها علي رءوس الاشهاد وكانوا علقوا المشانق كما طالب البعض وكانوا رقصوا علي جثث الثوار. المحاكمات العلنية مطلب عادل وثمن مقبول لدماء الشهداء.. المحاكمات العلنية تمنع اللصوص من محاولة سرقة ثمار الثورة.. الثورة التي قامت "وما عاد فيها مجاملة خلاص ولا عاد من الثورة الشاملة مناص" وعندما تبدأ المحاكمات العلنية تكتمل أغنية صلاح جاهين وعبدالحليم المطالبة بإدارة عجلة الانتاج وتبدأ الأيدي العاملة وتزرع باخلاص وتحصد والرب يعين.