أسوأ نماذج تزاوج المال والسلطة في عصر الرئيس السابق كانت استخدام المال في العملية السياسية مما أفرز مناخا سياسيا ومجالس نيابية فاسدة. واستبشرنا خيرا بزوال العصر السابق. وقلنا إن المال لم يعد مؤثرا لأن الأصلح للناس سيخدمهم وبالتالي سيختارونه. لكن استخدام المال في عصر ما بعد ثورة التحرير ظهر في ثوب آخر باعلانات مدفوعة الأجر في الجرائد وبرامج علي الفضائيات لتحريض الناس علي أن ترفض التعديلات الدستورية وبغض النظر عن رفض أو قبول تلك التعديلات فإن مجرد استخدام المال لتوجيه الرأي العام يعتبر منافياً تماماً لمباديء الثورة التي تهدف إلي إدماج جميع الآراء في المجتمع السياسي. ومسألة ان رفض التعديلات يرجع إلي حجة ان الإخوان المسلمين. وفلول الحزب الوطني هما أكثر المستفيدين لأنهم الأكثر تنظيما وعصبية وحشدا للناخبين في انتخابات مجلس الشعب القادمة. فإن ذلك يعني أيضا ضعف قدرات المنافسين لهما رغم عدم انتمائي للكتلتين "الإخوان والوطني". ورغم قناعتي الشخصية ورفضي لتلك التعديلات وادراكي لأهمية تغيير الدستور بالكامل إلا انني ضد فكرة إجهاض الآخر وإنفاق المال علي توجيه الناخبين مما يعني عودتنا إلي مرحلة ما قبل ثورة التحرير. الثورة قامت لتحقيق العدالة والمساواة والحرية والديمقراطية ومسألة استغلال المال للحشد ضد رأي أو إذكاء رأي علي رأي آخر فذلك قمة الديكتاتورية بعينها. وأسأل.. ألا يُعد نزولنا للاستفتاء اليوم هو بداية الممارسة الديمقراطية التي تبنتها الثورة وبداية المكاسب الحقيقية بعد تغيير نظام فاسد والإطاحة بزبانية جهنم الذين حكمونا وسخرونا واستعبدونا أكثر من ثلاثة عقود؟ افتحوا الأبواب للناس لتقول كلمتها وادعوا الأغلبية الصامتة لتتكلم وتشارك في صناعة مستقبل البلد.. الأغلبية الصامتة ليست علي شاشات الفضائيات ولا علي صدر صفحات الجرائد.. الأغلبية الصامتة في الكفور والنجوع والأقاليم في وجه بحري أو في صعيد مصر الطيب. هؤلاء هم أهل الوطن وأصحابه أيضا.. ادعوهم للمشاركة أياً كان رأيهم لأن في ذلك الانتصار الحقيقي للثورة.. الانتصار هو أن يشعر هؤلاء انهم أصحاب حق في إبداء الرأي الذي لن يكون مهملاً أبداً.. هؤلاء يجب أن يشعروا انهم رقم فاصل ومؤثر.. وان إيجابيتهم ستغير كثيرا في وجه ومستقبل مصر.. والله علي ما أقول شهيد.