منذ سنوات طويلة شاهدت الفيلم الأمريكي الرداء الذي يحكي قصة السيد المسيح عليه السلام.. لم تجد السينما الأمريكية أي غضاضة أو حرج في أن يقوم ممثل ما.. بتمثيل شخصية المسيح.. وقام بإظهار الشخصية بصورة براقة مبهرة. ومنذ أيام.. وهناك جدل وآراء متباينة حول مسلسل يوسف الصديق.. هذا المسلسل الإيراني الذي أظهر لأول مرة أحد الأنبياء في شكل ممثل إيراني قام بتقمص شخصيته مجمع البحوث الإسلامية وبعض علماء الدين استنكروا تجسيد شخصيات الأنبياء ووصل الأمر إلي أن تجسيد شخصياتهم وشخصيات صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام يكاد يصل إلي درجة التحريم.. يقولون كيف يمكن لإنسان أياً كان أن يمثل أو يتقمص شخصية نبي أو رسول أو أحد الصحابة.. إنهم قمم عالية.. لا يمكن مساوتهم.. بالإنسان العادي.. فالرسل اختارهم الله سبحانه وتعالي لتبليغ رسالة إلي بني الإنسان كل رسالة لها وقت من الزمان.. ويرون أن من هذا المنطلق لا يجوز تجسيد أي شخصية من هذه الشخصيات.. ووصل الأمر للبعض أن امتنعوا عن مشاهدة المسلسل الإيراني يوسف الصديق الذي عرضته إحدي المحطات الفضائية منذ أيام بحجة أن مشاهدته حرام.. ولا أدري حقيقة ما الذي يجعله حراما.. لقد استعرض المسلسل قصة حياة يوسف الصديق كما وردت تقريباً في القرآن الكريم وعرف المشاهدون.. كيف كانت مصر وبلاد كنعان تعيش في هذه الحقبة التاريخية وقصة السبع سنوات العجاف وسنوات الرخاء وكيف تصرف يوسف الصديق.. التصرف الحكيم الذي جنب البلاد ويلات المجاعة والفقر لقد اتسم تمثيل شخصية يوسف الصديق بالوقار والاحترام لقد استطاع هذا الممثل الذي لا أعرف اسمه أن يجعلنا نسمو بهذه الشخصية ونعجب به.. بصراحة لقد أحببت شخصية يوسف الصديق من هذا المسلسل وخصوصاً التي لم أجد فيه أي إساءة ولم يكن هناك تهريج أو تطويل.. ولم يكن فيه أيضا أي منكر من منكرات المسلسلات التي شاهدناها خلال شهر رمضان والتي تميزت في معظمها بمخالفة التعاليم الإلهية.. فالممثلات شبه عاريات والألفاظ سوقية ولا تحترم عقلية المشاهد طبعاً ليس هذا في كلها ولكن في بعضها.. ولهذا فإن الحقيقة تؤكد أن مثل هذه المسلسلات التاريخية الدينية لا يمكن أن تكون سيئة أو حراماً.. إلا إذا كانت هناك أسبابا أجهلها!! وبالمناسبة فإن الرسوم السيئة للرسول عليه الصلاة والسلام.. لماذا لم يحاول أحد الرد عليها بالواقع الجميل للنبي محمد صلي الله عليه وسلم.. إن الرسول عليه السلام والصحابة.. تدور حولهم حكايات رائعة تدل علي سمو الأخلاق وكيفية التغلب علي الفتن وكيف تمكن عليه الصلاة والسلام بنشر الدين الإسلامي بالهدوء والسكينة والاقناع.. إن التراث الإسلامي يحمل قصصاً كثيرة رائعة ليت نجد من يقوم بتجسيدها روائياً.. بدون إظهار شخصية سيدنا محمد. أما الصحابة فإن لكل منهم دور عظيم.. كيف أن نترك شخصية مثل عمر بن الخطاب الحاكم العادل الذي رويت عنه عشرات القصص التي هي أشبه بالاساطير لروعتها وعمقها. إننا في أشد الحاجة إلي من يخرج أفلاماً أو مسلسلات عن الرسل والأنبياء والصحابة.. نريد أن تظهر سماحة الإسلام وعدل الحكام.. ورعاية الرعية.. نريد أن نعطي للعالم الصورة الحقيقية البراقة للرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة.. بدون حرج أو غضاضة عدا ما ينهي عنه الإسلام نريد مسلسلات تاريخية بعيدة عن الاسفاف والتصوير الخاطيء لنشر الإسلام وكيفية حكم البلاد التي دخلها الإسلام بالعدل والمحبة والإخاء.. بصراحة إن كل ما قدم من أعمال فنية حول الإسلام.. كانت بعيدة تماماً عن الصورة البراقة للدين الحنيف. نريد أفلاماً ومسلسلات تحترم عقلية المشاهد بما يري.. أن تكون ذات عناصر جذابة بعيدة عن الاسفاف. المسلسلات الدينية أيا كانت سمتها.. قبطية أو إسلامية.. هي تعبر عن حقبة من حقبات التاريخ.. وتناولها فيه تذكرة للعقول وفهماً لما جاء في آيات الله سبحانه وتعالي.