حصار المحاكم ورفض أحكام القضاء.. ظاهرة طفت علي سطح الحياة في مصر بعد الثورة. وازداد الأمر سوءاً بالاعتداء علي المحاكم والقضاة. الأمر الذي دفع مجلس الوزراء لدراسة مجموعة من الإجراءات التي تحقق استقلال القضاء وحماية العدالة. منها الموافقة علي إنشاء جهاز للشرطة القضائية يختص بحماية المنشآت القضائية بالتنسيق بين وزارتي العدل والداخلية. الاقتراح لاقي قبول البعض وتحفظات من البعض الآخر. حيث يري المؤيدون ضرورة التعجيل بتخصيص شرطة لحماية القضاء والعدالة ضد البلطجة والاعتداء عليهما وضرورة إسناد مهمة الإشراف عليها لوزارة العدل لمنع التضارب والتداخل بين السلطتين القضائية والتنفيذية. أما الرافضون لإنشاء جهاز للحماية القضائية فيتعللون بأن ذلك يعد بمثابة اعتراف بفشل الدولة والشرطة في الاضطلاع بمهامها وذلك عنوان الفوضي وقد يتخذ ذلك ذريعة لأن تطالب كل فئة أو فصيل ما بشرطة خاصة بها. "المساء" استطلعت الآراء في التحقيق التالي... يقول د.علاء رزق "خبير استراتيجي" إن فكرة إنشاء شرطة قضائية هي استسلام لحالة الفوضي التي نعيشها. فكل فئة في المجتمع تطالب بتوفير الحماية والتأمين لنفسها. وهذا يثبت ضعف الشرطة المنوط بها حماية البلاد كوحدة واحدة. رفض رزق تخصيص أمن لجهة بذاتها حتي لا يطالب بذلك فصيل أو فئات أخري بالطلب ذاته. وهذا لا يكرس لدولة القانون والمساواة. والأولي إعادة الثقة في جهاز الشرطة وبناء هيكل أمني قوي وتوفير الإمكانيات اللازمة لذلك حتي تستعيد سيطرتها الكاملة علي الشارع وتوفير الأمن والحماية لجميع أنحاء البلاد. أضاف: وقائع حصار المحاكم مثل المحكمة الدستورية العليا التي حاصرها أنصار الإخوان كانت بداية التهديد للقضاء. وللأسف عدم إدانة أو استنكار الرئاسة لهذا الحدث فتح الباب لتكرار محاصرة المحاكم وترهيب القضاة. ومنها حصار أهالي المتهمين للمحكمة أثناء جلسات النطق بالحكم في مجزرة بورسعيد.. هذه الظواهر لم تكن موجودة في مجتمعنا من قبل. والحكومة قادرة علي إحكام الأمور دون اللجوء لشرطة قضائية لو أرادت ذلك!! يوضح د.إكرام بدرالدين "أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة" أنه لابد من الحفاظ علي هيبة القضاء المصري. حيث ظهر في الآونة الأخيرة الاعتراض علي أحكام القضاء والتظاهر أمام المحاكم. ويتطور الأمر في بعض الأحيان إلي الاعتداء علي المحاكم والقضاة أو هو ما تكرر للأسف في حوادث غريبة عن مجتمعنا في أماكن مختلفة. وهو ما يتطلب إنشاء جهاز يختص بحماية المنشأة القضائية والقضاء رغم أن ذلك مسئولية الشرطة. لكنها ضرورة فرضتها الظروف الاستثنائية الحالية تستلزم توفير مزيد من الحماية. أشار د.بدرالدين إلي ضرورة تحديد اختصاصات هذه من الجهة. ومن الأفضل إخضاعها لإشراف وزارة العدل وفق آلية يتم التوافق حولها حتي لا يحدث تعارض بين السلطتين التنفيذية والقضائية! يؤكد اللواء رفعت عبدالحميد "خبير العلوم الجنائية" أنه توجد بالفعل إدارة تعمل لحماية المحاكم. وهي إدارة أمن المحاكم التابعة لشرطة الترحيلات التابعة لمديريات الأمن المختلفة ومهمتها تنظيم الجلسات وحراسة وتأمين هيئة المحكمة. كما أن من بين أعضاء هذه القوة أفراد سريون ينتشرون بقاعة المحكمة. ولكن يقتصر دورهم علي التأمين الداخلي فقط. أما الحماية الخارجية للمنشآت القضائية فليست من مهامهم!! أضاف أن إنشاء جهاز للشرطة القضائية أمر طبيعي ولا مانع من وجوده بعد تكرار الاعتداء علي المحاكم ومحاصرتها. فمن حق القضاة وأعضاء النيابة ممارسة عملهم دون ترويع أو إرهاب وأن يتم تأمينهم بشكل يضمن لهم السلامة. ويحمي العدالة واستقلال القضاء. أضاف أن التنسيق بين وزارتين بشأن الأمن أمر معهود في عدد من الأجهزة مثل شرطة المطافئ التي تتبع وزارة الداخلية فنياً. والمحافظات مالياً. أما د.هشام صادق "أستاذ قانون كلية حقوق جامعة الإسكندرية" فيؤكد أن الشرطة القضائية خطوة جيدة لكن ينبغي أن تخضع لوزارة العدل. بحيث تحصل علي تعليماتها من اللجنة القضائية حتي لا يحدث تنافر بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية. حيث إن الداخلية متغيرة. وتعمل وفق النظام القائم. أما القضاء فهو سلطة مستقلة لا تتبع أي نظام. ويجب عدم إقحامها في السياسة. كما أنها ستكون الأدري بمتطلباتها واحتياجاتها. أشار إلي أن هذا الجهاز يجب أن يقوم بمهمة تأمين المحاكم والقضاة بالإضافة لتأمين الانتخابات عند انعقادها تحت إشراف قضائي. يقول د.جهاد عودة "أستاذ علوم سياسية بجامعة حلوان" إن الشرطة القضائية هي في الأساس من ضمن مهام وزارة الداخلية التي يقع علي عاتقها مسئولية تأمين المحاكم والقضاة في وقت انعقاد الجلسات وكذلك حماية المنشآت بصفة عامة. فما الجديد في إنشاء شرطة قضائية إلا إذا كانت ستصبح جهازاً مستقلاً بذاته يقوم بأعمال معينة خاصة بوزارة العدل؟!! أكد أن فكرة التنسيق بين وزارتي العدل والداخلية ستؤدي إلي العديد من المشاكل. ومادامت هذه الفرقة أو الشرطة القضائية تعمل لصالح القضاة والمنشآت القضائية. فلابد أن تتبع وزارة العدل فقط حتي يكون هناك جهة واحدة تحكم الأمور ومنعاً للالتباس أو الخلط. بالإضافة لضرورة تحديد المسئولية حتي لا تقوم كل جهة بإلغاء اللوم وتوجيه أسباب القصور والإهمال علي الأخري.