تعددت المبادرات المطروحة علي الساحة تحمل سيناريوهات متعددة للخروج من الأزمة الراهنة التي تكاد تعصف بالوطن.. يتسابق الجميع في طرح الأفكار وإعلان المبادرات ويتبقي أن يستمع أحد ويتفق الجميع علي شيء واحد تتم ترجمته علي أرض الواقع. "المساء الأسبوعية" تقدم وجهات نظر مختلفة لسيناريوهات الخروج من هذه الأزمة. رجب هلال حميدة أمين عام حزب " الغد" صاحب تجربة برلمانية طويلة .. اختار منذ بدايتها طريق المعارضة .. قد تتفق او تختلف معه لكنه في النهاية صاحب فكرة ولديه رؤية ورصيد ضخم من التجارب والمواقف * ما تقييمكم لدعوات الحوار والمبادرات المتتالية الآن علي الساحة؟ ** أي عاقل لايرفض الحوار .. الحوار أمر جيد وصحي ومقبول ولكن الحوارات لاتنتج أثرها الايجابي إلا اذا خلصت النوايا وللأسف فإنني أري ان البعض ممن يقدمون مبادرات للحوار الآن نوياهم غير خالصة يسعون لإثبات وجودهم أو تقديم رسالة أو توجيه رسالة محددة .. ليست مبادرات حوارية حقيقية قد يكون أفضلها المبادرة التي طرحها حزب النور وقبلها جبهة الانقاذ ولكني اعيب عليها تقديم شروط قبل الحوار وأنا لا أعرف في تاريخ حياتي أن هناك حواراً يبدأ بشروط ويجب أن يتخلي التيار السلفي وجبهة الانقاذ عن الشروط المسبقة حتي تكوين حكومة إنقاذ وعزل النائب العام فطالما ارتضي الجميع أن يجلس علي مائدة حوار فيجب ألا تكون هناك شروط وكل شيء يريده عليه ان يطرح علي مائدة الحوار لأن ربما هذه الشروط تصطدم اصطداماً كلياً بالدستور والقوانين ونحن لا نضع الدستور والقوانين لكي نقفز عليها من جديد بعد فترة قصيرة .. ولا أخفيك سراً إنني اشم رائحة ما من هذه المبادرة وأري أنها تحتمل وجهتي نظر الأولي أن هناك صفقة سرية بين التيار السلفي وجماعة الإخوان تتضمن أن يتصدر التيار السلفي المشهد الآن في صورة الحمل الوديع الذي يفتح ذراعيه وصدره للقوي الوطنية وجبهة الانقاذ ثم يحدث في الامر شيء .. وجهة النظر الآخري أن يكون حزب النور ذاته يفكر في سحب البساط من تحت أقدام الإخوان لتحقيق هدف له وهو الأخذ بالثأر حيث ان البعض يعتقد ان خيرت الشاطر وجماعة الإخوان وراء الاتفاق مع التيار السلفي وبالتالي فالعمليه تصفية حسابات .. وعموماً ورغم هذه المخاوف وان المبادرة جيدة اذا خلصت النوايا ويمكن ان تحقق نتائج جيدة اذا تخلوا عن شروط فالشروط لا تصلح للحوار إنما للابتزاز. * وماذا عن رؤيتك للمشهد السياسي الحالي؟ ** المشهد الحالي يدلل علي الانانية وحب الذات ومحاولة الانتصار لأهداف شخصية علي حساب الوطن فالمتابع لما يصدر عن كل القوي الاتجاهات يتأكد من هذا .. فغالبية المتصدرين للمشهد الآن يفكرون في مصالحهم الضيقة وكيفية تحقيقها علي حساب الوطن. لم يعد هناك من يقدم رؤية شاملة للخروج بالوطن من ازمتة الحالية إلي حالة الاستقرار ولو نسبياً .. كثير من المتصدرين للمشهد يغامرون بالوطن ويدفعون أبناء الشعب المغرر بهم للوصول بالوطن إلي حافة الانفجار دون ان يكون لديهم - المتصدرون - القدرة علي التوجية الصحيح وتبصير الشباب بالممارسة الديمقراطية الفاعلة التي تحقق الاستقرار للوطن وتنهض بمستقبله..المتابع الجيد يقف امام علامات فارقة متفائلاً دون ان يجد إجابة علي هذة التساؤلات .. مثلاً حجم الانفاق الذي يتم علي أعمال العنف واستخدام الأسلحة .. من يقف وراء هذه الأعمال .. من يمولها ولمصلحة من ؟! هناك أموال كثيرة "أموال قذرة" يتم صرفها في المشهد السياسي المصري في نفس الوقت لايمكن ان نبريء الكثيرين من المتصدرين للمشهد السياسي .. اتهامات كثيرة تطول بعضهم بعلاقاتهم بدول إقليمية وقيادات وجبهات خارجية تريد توريط الوطن في الكثير من المشكلات .. خذ مثالاً آخر للتساؤلات .. لماذا هذا التقاعس الشديد من مؤسسات الدولة في معالجة المشكلات أولاً باول خاصة المشكلات الأمنية .. هل لبعض مؤسسات الدولة مصلحة خاصة فيما هو حادث الآن أو ما وصل إليه الوطن من حالة انفلات أمني كبيرة .. هل تريد أن يتحول الوطن إلي اشلاء متناثرة ومتناحرة .. هل هناك نيه لدي المؤسسة الأمنية لتحقيق ثأر قديم تري انها صاحبة حق فيه بعد أن تم كسر يدها وإهانتها .. أسئلة كثيرة تحتاج إلي إجابات.. والتساؤل الأكبر يدور حول مؤسسة الرئاسة .. فلا يقبل عامل ان يصدر رئيس الدولة بما لديه من مستشارين قراراً ثم سرعان ما يتراجع عنه.. إن 80% من قرارات الرئيس تم التراجع عنها مما يعطي انطباعاً بان الدولة رخوة وضيعفة ويجريء الكثيرين علي الخروج علي مؤسسات الدولة ولا يعيرون قراراتها أي اهتمام والغالبية الآن تكسر القانون . * والحل؟! ** ينبغي علي الحاكم الآن أن يتنازل ولو بقدر مقبول عن تمسكه بكثير من محاولات السيطرة علي مفاصل الدولة المصرية .. عليه أن يدعو إلي حوار جدي وشامل يقدم له كل الضمانات التي تساعد علي انجاح هذا الحوار حتي لا يتحول إلي حوار شكلي بدون مضمون لا يحقق أي تقدم علي أرض الواقع ونصحيتي إلي كل القوي الوطنية من يسارية واشتركية وليبرالية وغيرها من التي تتخندق الآن في خندق المعارضة ان تراهن علي الانتخابات البرلمانية القادمة وألا تضيع قوتها وهيبتها فيما يحدث حالياً .. عليها أن تداهن علي الانتخابات طالما ارتضينا الديمقراطية بديلاً لاقامة دولة عصرية حضارية في اعتقادي أن الانتخابات البرلمانية القادمة هي المحك ومربط الفرس وهي الرهان واتمني ان تسفر تلك الانتخابات عن توازن للقوي علي الساحة. اتمني ان تسفر تلك الانتخابات عن توازن للقوي علي الساحة.. اتمني ألا يأخذ فصيل أو حزب الأغلبية المطلقة حتي لا يطغي فصيل علي الآخر ويستقوي حزب بنوابه داخل البرلمان لو استطعنا احداث ذلك لمدة خمس سنوات في المستقبل فإن هذا التوازن سيخلق حالة من الاستقرار نسبياً وممارسة ديمقراطية حضارية فعلية علي أرض الواقع حيث سيسعي كل فصيل بعيدا عن العنف لتدعيم قواعده وكوادره حتي يحصل علي الأغلبية في الانتخابات القادمة وتكون الصورة وضحت للمواطن.. وفي المقابل لكي نراهن علي الانتخابات كوسيلة للخروج بالوطن من أزمته اتمني من رئيس الجمهورية وانا اعرفه شخصياً حيث كان زميلاً في مجلس الشعب واعرفه صادقاً وأثق انه بفرط خلقه قادر علي أن يفعل ذلك.. اتمني ان يقدم ضمانات حقيقية ملزمة للجميع لكي تكون الانتخابات معبرة تعبيراً صادقاً وفعلياً عن الشعب المصري.. يبقي طرف ثالث وهو المواطن المصري فالملاحظ ان 50% من الشعب لم يشارك حتي هذه اللحظة لا في الانتخابات البرلمانية السابقة أو الرئاسية.. علي هؤلاء ان يخرجوا ويشاركوا. * ولكن المعارضة تطالب بحكومة محايدة انتقالية لإدارة الانتخابات؟! ** هذا الكلام لم يعد له محل من الاعراب إلا ان التخوف من تزوير الحكومة للانتخابات كان جائزاً في العهد القديم حينما كانت وزارة الداخلية تتدخل في الانتخابات.. الآن لم يعد لها دور سوي تأمين اللجان من الخارج.. المحليات كانت في الماضي معظمها من الحزب الوطني المنحل.. اليوم المحليات تم حلها.. ونزاهة الانتخابات لا تقف عند حد حكومة محايدة انتقالية لأنه يمكن لتلك الحكومة ان تزور الانتخابات لصالح فصيل معين ليبرالي أو قومي أو إسلامي.. ثم دعنا نفكر بمفهوم المخالفة ونقول إذا كانت المعارضة تتخوف من وجود حكومة قنديل وتطالب باخري انتقالية كضمان لإجراء انتخابات سليمة ونزيهة ففي المقابل فإن الاغلبية وحزب الحرية والعدالة والنور وخلافه يتخوفون من حكومة انتقالية تزور الانتخابات ضدهم.. إذن دعنا نبحث ونتحدث عن الضمانات الفعلية والحقيقية وهي ان يكون هناك اشراف قضائي فعلي وحقيقي نضع في يده كل الآليات للخروج بالعملية الانتخابية بشكل حضاري ونزيه ودعناً ايضاً نطالب بتعديل قانون الانتخابات لتحقيق هدفين رئيسيين يعطيان راحة نفسية للمعارضين الاول مراجعة تقسيم الدوائر لأنه في ظل القانون الحالي يخل بمبدأ تكافؤ الفرص فال يعقل ان هناك دائرة تضم 250 ألف نسمة يتم تمثيلها ب 6 نواب وفي نفس الوقت دائرة أخري تضم خمسة ملايين نسمة يتم تمثيلها ب 6 نواب ايضاً ناهيك عن ان اتساع الدوائر يؤدي لإرهاق الاحزاب خاصة المعارضة والمستقلين الذين لا يملكون العدة والعتاد والمال وعلينا في هذا المجال ان نعود إلي مشروع قانون انتخابات 1987 حيث كانت الجمهورية مقسمة إلي عدد من الدوائر للقائمة وينتخب معها المرشح الفردي بالاضافة إلي ذلك لابد من تقسيم الجمهورية إلي 3 محاور وتجري الانتخابات في كل محور في يوم واحد ويتم إجراء الانتخابات علي ثلاث مراحل تنهي خلال شهر.. وبالتالي فإذا ركزنا علي الاشراف القضائي وتقليل الدوائر واجراء الانتخابات علي 3 مرا حل فإننا سنحصل علي انتخابات نزيهة وسط وجود أمني مكثف للحماية وبدون ارهاق. * ولكن البعض يرفع الآن شعار اسقاط النظام بدلاً من الانتخابات؟ ** علي مسئوليتي اقول ان هذا النظام لن يسقط قبل 15 عاماً علي الأقل.. كما انه لن يسقط إلا عبر صناديق الانتخابات والذين يراهنون علي تكرار ثورة 25 يناير 2011 واهمون ولا يدركون ان عدالة السماء هي التي نزلت علي أرض ميدان التحرير وعدالة السماء هي التي حققت الانتصار لهذه الثورة واسقطت النظام من قلب العاصمة بعد سنوات من الظلم والقهر وعلي الجميع ان يدرك ان اسقاط أي نظام في مصر لن يتم في المستقبل عبر الثورات أو المظاهرات أو الانقلابات بل سيتم عبر صناديق الانتخابات.