هل أصبح مكتوباً علينا أن نصرخ قبل كل شتاء وننادي بأعلي صوت ونطلق نوبة صحيان سنوية للمحليات حتي تفيق وتنتبه وتستعد للأمطار والسيول؟ أم تعودنا أن نسمع الكلام بالأذن اليمني ليخرج سريعاً من الأذن اليسري دون أن يمر علي مراكز الفهم والوعي في المخ.. وبالتالي نكون لا سمعنا ولا فهمنا.. فنسمع غير مسمع؟! بالتالي.. وكما يحدث كل عام.. تعرضت البلاد لموجة أمطار متوقعة مصحوبة بطقس سيئ وكان المفترض أن تكون المحليات مستعدة لذلك قبل شهرين أو ثلاثة.. ولكننا وجدنا الشوارع الرئيسية والفرعية وقد تحولت إلي حمامات سباحة. والقري إلي برك ومستنقعات وأكوام من الطين!! *** للأسف الشديد.. ما حدث أمس وأول أمس وسيحدث اليوم وغداً هو ما يحدث في مصر من شرقها إلي غربها ومن شمالها إلي جنوبها كل شتاء.. لا أحد تحرك واستعد لهذا القادم المتوقع.. ولا أظن أن أحداً سيتحرك في يوم من الأيام. كل المحليات نائمة في العسل.. لا بالوعات الصرف تم التشييك عليها والاطمئنان إلي أنها "شغالة" بكفاءة . ولا الشوارع تم إجراء أي تعديلات فيها تسمح بانسياب وصرف مياه الأمطار منها. ولا شوارع القري تم رصفها أو حتي تمهيدها وإزالة الأتربة منها كي تليق ولو بنسبة 10% بمرور البني آدمين عليها.. ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي في بعض القري. بعض التحركات بدأت بعد توقف الأمطار.. وكأن المحافظين فوجئوا بها أو جاءتهم علي غير موعد.. رغم أننا في عز الشتاء وفي موسم الأمطار والأرصاد الجوية تعلن توقعاتها قبل حدوثها بيومين وثلاثة وتنشرها كل الصحف علي اختلاف توجهاتها! *** المواطن يسلم أمره لله أمام هذه الظواهر الطبيعية التي لا يد لنا فيها. ويستسلم غالباً أمام إهمال المحليات وأمام طمع الإنسان في أخيه الإنسان. نعم.. أمام جبروت الطبيعة من أمطار شديدة مصحوبة برعد وبرق وغياب المحليات.. فإن التجار في عدد من المحافظات أغلقوا متاجرهم لعدم وجود زبائن والصيادين في المحافظات الساحلية "ركنوا" مراكبهم ولم يعاندوا البحر الهائج.. ووجدها سائقو الميكروباص فرصة ذهبية لرفع الأجرة دون أن يحاسبهم أحد!! المفروض أن تكون هناك وحدات طوارئ وإنقاذ سريع في كافة المحافظات للتدخل وشفط المياه أو تحويلها إلي بالوعات الصرف إن كانت موجودة.. وأن يكون هناك مفتشون لمراقبة ومتابعة مقدمي الخدمات في مواقف الميكروباص ومستودعات أنابيب البوتاجاز وغيرها. *** أتمني أن يعلن مجلسا الوزراء والمحافظين خططهما المستقبلية في شتي المجالات.. وبالطبع من بينها مواجهة الأمطار والسيول والإجراءات التنفيذية التي سيتم اتخاذها والبرامج الزمنية والتمويلية لها بمنتهي الشفافية.. وليثق الجميع أن معظم الصحف إن لم يكن كلها - وفي مقدمتها المساء - سوف تنشر هذه الخطط والإجراءات والبرامج في حينها حتي يمكن متابعتها.. والإشادة بمنفذيها إذا نفذت فعلاً وانتقاد القائمين عليها إذا لم تنفذ. يجب أن نتعامل بهذا الأسلوب الراقي حتي لا يؤخذ الملتزمون والجادون بجريرة المتقاعسين. أعتقد أن ذلك أفضل كثيراً من أسلوب "الصدمات" الذي يفاجئنا به مجلس الوزراء. وأسلوب "تكبير الدماغ" المتبع من مجلس المحافظين.