بسبب تضارب المصالح بين الطرفين تباينت آراء المستوردين والمصدرين حول "تعويم" الجنيه المصري كما تباينت آراء خبراء الاقتصاد المصري بعد وصول سعر الجنيه لأدني مستويات منذ نحو عشر سنوات ليصل إلي 6.63 جنيه وفق آخر أسعار الصرف في السوق المصرية. بينما أعرب عدد من المصدرين عن ارتياحهم لتخفيض قيمة الجنيه لتشجيع الصادرات وزيادة تنافسيتها في الأسواق الخارجية. اكد فريق المستوردين ان ذلك يخدم المصدرين فقط دون النظر إلي اعباء زيادة الأسعار علي السوق في ظل ندرة العملة الأجنبية وتزايد الأعباء علي المواطن ووصول عجز الموازنة العامة للدولة إلي أكثر من 170 مليار جنيه. تعويم الجنيه لا يخدم أحداً قال أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية في تصريحات خاصة ل "المساء" ان التغييرات الأخيرة في سعر صرف الجنيه أمام الدولار لا تخدم أحداً علي الاطلاق وبات المستهلك هو الضحية الكبري لقرارات الحكومة المرتبكة والتي كانت نتيجتها زيادة أسعار الغذاء بنسب تراوحت بين 20 إلي 30%. كما ارتفعت أسعار السكر من 3900 جنيه للطن إلي 4300 جنيه نتيجة تلك الزيادة. أشار إلي ان الآثار السلبية لتخفيض العملة أكثر من الآثار الايجابية علي التصدير مشيراً إلي ان الضرر الأكبر سيظهر علي واردات القمح والسكر والزيت والسولار والبوتاجاز وغيرها من السلع الأساسية مما سيؤدي إلي ارتفاع تكلفة الخدمات الأساسية والوقود. علي الجانب الآخر يرحب محمد قاسم رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة بآلية المركزي الجديدة التي أدت إلي تراجع سعر الجنيه مشيراً إلي انها تأخرت.. وتوقع قاسم ردود فعل ايجابية علي مستوي الصادرات المصرية للخارج خلال الفترة المقبلة في ظل تمتع الصادرات المصرية ومن بينها الملابس الجاهزة بمزايا نسبية في الأسواق العالمية كما يؤدي إلي تشجيع السياحة. قال ان زيادة الصادرات والعودة المرتقبة للسائحين سيقلل من الزيادة المتوقعة في أسعار السلع المستوردة بعد تراجع الجنيه. منوهاً إلي ان تأثير الصادرات سيفوق أي زيادة قد تصيب الأسواق الداخلية. دعم الاحتياطي تري بسنت فهمي رئيس مجلس إدارة شركة المشورة للخدمات المصرفية ومستشارة التمويل لعدد من البنوك انها تري ان تخفيض سعر الجنيه المصري أمام الدولار هو الأنسب للسوق في الفترة الحالية في ظل تراجع حجم الاحتياطي إلي درجات كبيرة والحاجة إلي عملات صعبة. موضحة ان تخفيض سعر الجنيه سيزيد بالضرورة من عائدات الصادرات وبالتالي عودة الاحتياطي للزيادة مرة أخري. اشارت بسنت إلي ان انتعاش الصادرات مرتبط في الأساس بأمور أخري أهمها الجودة وتراجع الجنيه وحده لن يؤدي بالضرورة إلي زيادة تنافسية الصادرات المصرية. قال الدكتور فؤاد شاكر رئيس اتحاد البنوك العربية السابق ان خفض الجنيه سيؤدي إلي زيادة مديونية الحكومة بالعملة الأجنبية والمحلية بالاضافة لخفض الدعم الذي يصل إلي الفقراء فضلاً عن تهافت المواطنين علي اقتناء العملات الأجنبية مما يشكل ضغطاً علي رصيد العملات المصرية بالبنك المركزي وعزوف الاستثمارات الأجنبية عن مصر. أوضح شاكر انه لكي يتم تشجيع الصادرات لابد ان تلتزم الحكومة بخارطة الطريق التي تسير عليها الدول الأخري لاستعادة معدلات النمو إلي ما كانت عليه من قبل. قال ان اعتقاد رجال الأعمال بأن خفض الجنيه سيساعد علي زيادة الصادرات وانتعاش الاقتصاد المصري أمر غير مضمون. فالواقع يشير إلي ان ذلك لن يتحقق في ظل الانفلات الأمني وتراجع الإنتاج المحلي مما يزيد من معدلات التضخم التي تصاحب تخفيض قيمة الجنيه. اقترح شاكر رفع سعر الفائدة بدلاً من خفض قيمة الجنيه المصري لافتاً إلي ان رفع الفائدة لا يقبله رجال الأعمال نظراً لانه يزيد من التكلفة عليهم. أفادت دراسة حديثة لوحدة الدراسات الاقتصادية بأكاديمية السادات حول آثار تخفيض قيمة الجنيه علي الاقتصاد المصري بأن خفض قيمة الجنيه المصري لا يؤدي إلي زيادة الصادرات. مشيرة إلي عدة عوامل حاكمة للصادرات علي رأسها مرونة الصادرات التي وصفتها في الحالة المصرية بأنها ضعيفة نظراً لارتباطها بالإنتاج فضلاً عن وجود خلل في الاقتصاد المصري. أوصت الدراسة بأن نهضة الاقتصاد المصري ترتبط بزيادة الإنتاج وعودة منظومة العمل من جديد وتحسين جودة الصادرات وفتح أسواق جديدة وحل مشكلات المصدرين وتحويل الصادرات من أولية إلي تحويلية صناعية لزيادة قيمتها المضافة. كان الاحتياطي النقدي الاجنبي لدي البنك المركزي قد تراجع إلي 15 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي مقابل 36 مليار دولار في يناير .2011