أثار قرار الحكومة تطبيق قانون زراعة الأعضاء من المتوفين حديثاً بدءاً من العام المقبل والذي أعلن عنه د. عبدالحميد أباظة مساعد وزير الصحة والسكان رئيس اللجنة العليا لزراعة الأعضاء الأسبوع الماضي.. أثار هذا القرار مخاوف لدي بعض الأطباء الذين يخشون ان يؤدي هذا الاتجاه- في غيبة الضوابط والرقابة الحاسمة- إلي تحول زراعة الأعضاء لباب خلفي لتجارة الأعضاء ومسرح تعبث فوقه مافيا الأعضاء البشرية التي تسعي للربح فوق جثث الموتي. "المساء" التقت الخبراء من الأطباء والمهتمين بنقل الأعضاء لاستطلاع آرائهم في التحقيق التالي: * يؤكد د. أحمد سامح فريد "وزير الصحة الأسبق. عميد كلية طب قصر العيني" ان عملية زرع الأعضاء من المتوفين حديثاً أمر متعارف عليه في معظم دول العالم. ولا مانع من تطبيقه عملياً في مصر. لأن الأطباء المصريين يملكون مهارة عالية في إجراء مثل هذه العمليات. والمشكلة الحقيقية تكمن في الضوابط التي يجب ان توضع لتنظيمها فهي المحك الرئيسي حتي لا يتحول نقل الأعضاء إلي تجارة ولابد من اخضاع المستشفيات التي تجري مثل هذا النوع من العمليات للاشراف والرقابة للتأكد من مدي صلاحيتها وتأهلها لذلك وتوفر الامكانيات اللازمة. أضاف: يجب فرض عقوبات صارمة علي من يخالف قواعد زراعة ا لأعضاء أو يحولها لعملية تجارية. واذا حدثت تجاوزات من البعض فلابد ان تواجه بعقاب رادع. فإجراء عمليات زرع الأعضاء يستلزم شروطاً عديدة وإمكانات عالية وفرقاً مدربة من الأطباء وأمكن لعزل المرضي بعد العملية حتي لا يصابوا بفيروسات أو ميكروبات تؤدي لفشل العملية وتدريب طاقم تمريض علي كفاءة عالية. * يقول د. محد حسن خليل "عضو الجمعية التأسيسية للدستور ولجنة الدفاع عن الصحة" ان ثقافة التبرع لابد من نشرها في مصر. حتي يأتي التبرع بناء علي رغبة المتبرعين ليدخل الجميع في منظومة تعاون وتكافل دون ان تصبح تجارة تباع خلالها الأعضاء بمقابل مادي حيث أكدت منظمة الصحة العالمية ان مصر تعد ضمن أكبر ثماني دول لتجارة وبيع الأعضاء ويقوم كثيرون ببيع لحمهم بالمعني الحرفي للكلمة نظراً لانتشار الفقر والكثافة السكانية العالية. أوضح د. خليل ان تطبيق القانون الجديد لزراعة الأعضاء من المتوفين حديثاً حدد شروطاً للمستشفيات التي يمكنها إجراء تلك العمليات واشترط درجة كفاءة مهنية وحداً أدني من الغرف وغرف العمليات والأسرة وتجهيز الرعاية المركزة بامكانات كاملة. أما المستشفيات غير المستوفاة للشروط فلن تحصل علي ترخيص بمزاولة عمليات زرع الأعضاء ولن يسمح لها بذلك نهائياً.. لكن هناك بعض المستشفيات غير المؤهلة تجري عمليات زرع أعضاء في غيبة رقابة وزارة الصحة. الأمر الذي يؤدي لوقوع نسبة وفيات عالية فيها. أكد د. خليل ضرورة تدعيم ثقافة التبرع لخلق روح التعاون في المجتمع دون ان تكلف المريض. فهذه مرحلة مرت بها دول متقدمة عديدة مثل أمريكا ودول أوروبا واليابان فإذا فشلت أمريكا في توفير عضو بصفات وأنسجة معينة تطلبه من أوروبا والعكس وهذا التعاون يتم بين دول أخري. أضاف ان هناك طرقاً علمية لحفظ الأعضاء بعد الوفاة حتي يتم زرعها في الأحياء. ولكل عضو مدة زمنية معينة دون ان يتلف وأسرع الأعضاء توقفاً هو القلب ولا يمكن الافادة به الا في حالة الوفاة الاكلينيكية بينما تستمر أعضاء أخري لساعات أطول مثل الكلي. يقول د. خيري عبدالدايم "نقيب الأطباء" ان نقل أعضاء متوفين حديثاً لمرضي ضرورة نطالب بها منذ سنوات مثلما يحدث في معظم دول العالم. فهي خطوة سوف تقضي علي قائمة انتظار طويلة لطابور كبير من مرضي الكبد والفشل الكلوي. وتطبيق قانون زرع الأعضاء من متوفين حديثاً. ربما يضع حداً لتجارة الأعضاء والخروج من مأزق البحث عن متبرعين. أشار د. عبدالدايم إلي أنه لا يجوز لأي مستشفي اجراء عمليات بهذه الكيفية دون الحصول علي تراخيص تتطلب اشتراطات ومعايير حددتها اللجنة العليا وفقاً للقانون. يؤكد د. شريف العجمي "مدير مستشفي شرق المدينة بالاسكندرية. استشاري جراحة عامة ومناظير" ان عمليات زرع أعضاء من متوفين حديثا تجريها أغلب الدول منذ الثمانينيات. مثل السعودية. والأهم ان تتوفر حزمة تشريعات وإجراءات صارمة لاحكام الرقابة علي تلك العمليات ولابد من وجود وصية بالتبرع من المتوفي كشرط لاجراء العملية حتي لا توجد أي شبهة جنائية. أما الشيخ هاشم إسلام علي "عضو لجنة الفتوي بالأزهر الشريف" فيقول ان هناك انقساماً بين الفقهاء حول مشروعية التبرع بالأعضاء فمنهم من يراها جائزة باعتبار ان المرض قدر من الله ينبغي علي الانسان ان يتقبله وعلي رأس هذا التيار فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي رفض هذا لأمر. ومن الفقهاء من أجاز التبرع بشروط أهمها ألا يكون عضوا أساسياً أو جنسياً يؤدي لاختلاط الانساب مثل نقل رحم أو قلب كما ان التبرع بالأعضاء ينبغي ان يكون نابعاً من إرادة خالصة دون تقاضي أجر أو مقابل لقاء التبرع بها وألا يتسبب التبرع من الأحياء في إلحاق ضرر بالغ بهم. أضاف الشيخ هاشم علي": لابد ان يجري التبرع بناء علي وصية من المتوفي وباذنه أما فيما يتعلق بالوفاة الاكلينيكية فهناك اختلاف بشأنها بين الفقهاء.