"المجلس القومي لحقوق الإنسان" هيئة استشارية أنشأها النظام السابق لتجميل وجهه المستبد أمام المجتمع الدولي في مجال حقوق الإنسان التي دأب علي انتهاكها بصورة منتظمة وفجة جعلته في صدارة الأنظمة القمعية علي مستوي العالم.. لكن المجلس أدي أدواراً ملموسة في رصد وتخفيف حدة هذه الانتهاكات ونشر ثقافة حقوق الإنسان في مصر. واليوم ثمة مشروع قانون بمجلس الشوري يطالب بمنح هذه المجلس حق "الضبطية القضائية" لتمكينه من منع التجاوزات ووقف الخروقات التي تهدد آدمية الإنسان في مصر خصوصاً في أقسام ومراكز الشرطة وفي أي مكان علي أرض مضر. مشروع القانون فجر جدلاً بين رموز وأقطاب ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان في مصر. وانقسم الرأي حياله بين مؤيد يراه أداة لتفعيل دور المجلس القومي لحقوق الإنسان واطلاق يده في كشف التجاوزات متي وأينما تقع لاسيما في ظل زيادة معدلات الجرائم والانتهاكات.. وبين متحفظ عليه لاستباقة وتداخله مع صلاحيات النيابة العامة بما لا يخدم المجتمع الحقوقي وبين معترض عليه لكون المجلس جهة استشارية وليس سلطة تنفيذية. "المساء" طرحت القضية علي الخبراء والمعنيين بحقوق الإنسان في التحقيق التالي: يقول عبدالغفار شكر وكيل مؤسس التحالف الشعبي الاشتراكي. عضو المجلس القوي لحقوق الإنسان: إن مباديء وقيم حقوق الإنسان وحماية المجتمع من الانتهاكات والتجاوزات تحتاج الي آلية وقوة تنفيذية علي الأرض تضمن متابعة ومقاومة أي جرائم أو خروقات لحقوق الإنسان بالسجون وأقسام ومراكز الشرطة أو أي سلبيات بالمصالح والأجهزة الحكومية وتقع ضمن واجبات ومسئوليات المجلس القومي ومن هنا جاءت المطالبة بمنح أعضائه حق الضبطية القضائية لتمكينهم من الكشف عن الجرائم الإنسانية دون الحصول علي إذن مسبق من النائب العام أو وزارة الداخلية. أضاف شكر تم ارسال مشروع القانون لمجلس الشوري لمنح حق الضبطية القضائية لأعضاء مجلس حقوق الإنسان متضمناً آلية تنفيذية تشمل بخلاف حق الضبطية والحصانة القضائية داخل أقسام الشرطة والسجون حق الابلاغ ضد أي موظف عام يرتكب جريمة تقع تحت طائلة الجرائم الإنسانية لاحالته للجهات المسئولة للتحقيق معه ومن المتوقع أن يوافق "الشوري" علي مشروع القانون لأنه يهدف لتعزيز وتنمية حقوق المواطن المصري ومقاومة أي اعتداء يمس كرامته أو آدميته. وحمايته مما يتعرض له كل يوم من تجاوزات لا يجد المجلس المعني بحماية حقوقهم والدفاع عنهم أي آلية قانونية من التعامل معها واقعياً. ولهذا فإن اسباغ صفة تنفيذية علي هذا المجلس ضرورة ملحة لتفعيل دوره حتي لا يقتصر علي مجرد رصد التجاوزات واصدار الاحصائيات والنقابة لما يقع من انتهاكات لأي مواطن علي أرض مصر. أكد د.عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية وكيل مؤسس حزب الحرية: تضامنه مع مشروع قانون بمنح الضبطية القضائية للمجلس القومي لحقوق الإنسان حتي يكون له ذراع تنفيذية تحصن أعضاءه وتطلق يدهم في حماية الحقوق ومنع التجاوزات مع القيام بزيارات مفاجئة للسجون للكشف عن أحوال السجناء دون إذن مسبق من النائب العام أو وزارة الداخلية كما هو متبع. وزيارة أماكن الاحتجاز وأقسام الشرطة بشكل دوري في غير الأوقات المعلومة حتي ينهض المجلس القومي بما هو مطلوب منه لتحقيق العدالة الإنسانية واحترام آدمية المواطنين. يقول حمزاوي: عندما كنت عضواً بالمجلس القومي لحقوق الإنسان اقترحت علي زملائي ضرورة وجود مشروع قانون يحصن المجلس ويمنحه الضبطية القضائية ليتمكن من زيارة أي مكان يشهد انتهاكات أو خروقات لحقوق الإنسان المصري. ومثل هذا القانون مطبق في جميع المجالس الحقوقية المعنية بحماية الإنسان والدفاع عن حقوقه بدول العالم المتقدم. وطالب حمزاوي مجلش الشوري بالموافقة علي مشروع القانون لإطلاق يد القومي لحقوق الانسان في خدمة المجتمع بشكل أفضل ومنع التجاوزات. أما الناشط الحقوقي حافظ ابوسعدة "رئيس الجمعية المصرية لحقوق الإنسان" فقد عارض مشروع قانون بمنح الضبطية القضائية للمجلس القومي لحقوق الانسان. قائلا: إن اصدار مثل هذا القانون سوف يتجاوز اختصاصات المجلس ذي الصفة الاستشارية بتحويله لجهة تنفيذية تباشر اجراءات قضائية تنازع النيابة العامة اختصاصاتها وسلطاتها التي تخولها القيام بزيارات مفاجئة للسجون وأقسام الشرطة. الأمر الذي يخلق تشابكاً وتداخلاً بين السلطات. أضاف سعدة: إنه من حق القومي لحقوق الانسان التوسع في صلاحياته وتطوير آلياته التنفيذية بما يخدم القضايا الانسانية ويكشف عما يقع من تجاوزات وانتهاكات بصورة مواكبة لعمل اجهزة الدولة الاخري لكن من غير أن يأخذ لنفسه سلطة مستقلة تعمل في فضاء فسيح بمفرده لانه ببساطة لن يستطيع من خلال اعضائه الذي لا يتجاوز 25 عضواً رصد كل الخروقات والانتهاكات التي تقع بحق المواطنين في السجون وأقسام الشرطة وغيرها. فمن الصعب علي المجلس تغطية كل الأحداث ومتابعة جميع البلاغات المقدمة إليه. ومن ثم يجب أن تضطلع أجهزة الدولة ممثلة في القضاء والنيابة العامة بما لديهم من صلاحيات وسلطات بحق الضبط القضائي وتنفيذ تعليمات المجلس القومي لحقوق الانسان الذي ليس له أي فعل يمكن ان يتنج اذا ما تم إقرار قانون الضبطية القضائية. يقول جمال عيد "رئيس الشبكة العربية لحقوق الانسان": أتفق مع الرأي المعارض الرافض لمنح حق الضبطية القضائية للقومي لحقوق الانسان حيث تم إنشاؤه بقوانين تمنحه صفة استشارية للكشف والاعلان عن جرائم وانتهاكات وتجاوزات في حق مواطنين سواء في مصالح حكومية أو محتجزين في أقسام الشرطة. أو محكومين يقضون عقوبة السجن. تم إبلاغ السلطات المعنية للتحقيق في هذه الجرائم التي تقع تحت طائلة القانون. أضاف: لم تنص القوانين من بعيد أو قريب علي وجود صفة تنفيذية للمجلس القومي لحقوق الإنسان. يكون ذلك بشركة في عمل جهات قضائية. وإذا تم اقرار القانون.. فسوف تقع مصادمات عند اتخاذ الإجراءات القانونية في ضب جريمة الاعتداء أو انتهاك حقوق أي شخص. وهو ما قد يتسبب في عرقلة الكشف عن الجرائم ضد الإنسانية وهو الدور الأهم والمتميز الذي يقوم به المجلس القومي لحقوق الإنسان بشكل جيد منذ فترة. لذا أري ضرورة الكف عن المطالبة باقرار هذا القانون لأنه لا يخدم العمل الحقوقي بالمرة.