إعلان عدد من الأحزاب والقوي السياسية عن الاندماج والظهور في شكل تكتلات وكيانات كبيرة أثار جدلاً واسعاً من ضمن تلك التكتلات إعلان حمدين صباحي عن تدشين حركة باسم "التيار الشعبي المصري" وسبقه عمرو موسي بتحالف المؤتمر المصري ودشن أيضاً النائب السابق محمد أبوحامد تحالف الكتلة الوطنية.. حتي نواب الحزب الوطني المنحل أعلنوا عن تحالف باسم "نواب الشعب". كل هذه الاندماجات والكيانات جعلتنا نطرح السؤال الهام علي السياسيين: هل تستطيع هذه التكتلات الجديدة الوقوف أمام تيار الإسلام السياسي صاحب الأغلبية في مجلس الشعب المنحل ومجلس الشوري المطعون في شرعيته. قال السياسيون إن التكتلات بادرة طيبة وأفضل من التشرذم ولكن ينقصها التنظيم والابتعاد عن الصراعات التي قد تظهر بين المتطلعين لكرسي الزعامة مؤكدين أنها بإمكانها هزيمة التيار الإسلامي في الانتخابات لأن أغلبيته مشكوك فيها أضافوا أن هذه التكتلات ليس موجهة ضد أحد ولكنها استجابة للشارع المصري. يقول الناشط السياسي جورج اسحاق إن الهدف من إنشاء هذه التكتلات ليس الوقوف أمام تيار الإسلام السياسي ولكن الهدف هو التنافس السياسي الشريف فنحن نريد أن ندفع بمرشحين في الانتخابات القادمة يكون لديهم القدرة والكفاءة السياسية والتواجد بين الناخبين في الشارع. أضاف: اننا سندفع بمرشحين في 27 محافظة في قائمة موحدة وبمرشحين لديهم ثقل انتخابي. مشيراً إلي أن الصراع علي الزعامة في هذه التكتلات غير موجودة الآن ونحاول ألا تظهر في المستقبل ونحن بنعمل علي ذلك لأن ظهور صراع علي الزعامة أول طريق النهاية. القوي المدنية يضيف البدري فرغلي عضو مجلس الشعب السابق أن القوي المدنية أكبر من أي تيار آخر وتستطيع أن تبتلع كافة القوي الأخري ولكن ينقصها التنسيق فقط. أضاف أن هناك ثلاثة تكتلات كل واحدة لها هدف مختلف عن الأخري.. فالقوي الأولي عينها علي قصر عابدين ولن ترضي بغيره والقوي الثانية عينها علي مقاعد الأغلبية في البرلمان والقوي الثالثة عينها علي الحكومة منوهاً إلي أن الضحية في كل ذلك هو المواطن الذي لم يجد من يسأل عنه وعن مشاكله. أشار فرغلي إلي أن مشكلة القوي المدنية أيضاً إنها تتمركز في العاصمة وتركت ربوع الوطن المليء بالمشاكل للآخرين أتوقع خلافاً حول الزعامة فكل واحد من هؤلاء يري في نفسه انه جيفارا العصر. فللأسف الكل يبحث عن أهدافه الخاصة ونسوا أن هناك وطناً به الكثير من المشاكل الاقتصادية وأيضاً هناك شعب يعاني من البطالة والبلطجة ومشاكل أخري كثيرة. أضاف فرغلي أن القوي المدنية تنظر إلي أعلي فقط ولا ينظرون إلي مواطيء أقدامهم ولهذا فهم لا يرون أبناء شعبهم ولكن في النهاية القوي المدنية هي الأقوي وهي التي ستنتصر. مشيراً أن المواءمة السياسية هي الوحيدة القادرة علي الخروج من هذه الأزمة والقادرة علي إنقاذ هذا الشعب العظيم وهذه البلد الكبيرة. مزاج الشعب ويري النائب السابق أبوالعز الحريري أن التكتلات قادرة علي مواجهة الإخوان والسلفيين والسبب اننا نعلم كيف حصل تيار الإسلام السياسي علي الأغلبية في انتخابات الشعب سواء عن طريق استخدام الدين في التأثير علي الطبقات غير المتعلمة وأيضاً عن طريق التمويل الخارجي سواء من دول الخليج أو الدعم المعنوي القوي من أمريكا. أضاف أن نسبة الحضور في انتخابات مجلس الشعب كانت 7% فقط وهذا يدل عن أن أغلبية الإسلام السياسي أغلبية مشكوك فيها.. حتي في انتخابات الرئاسة د. مرسي وصل إلي الحكم بربع أصوات المصريين فقط.. إذن من السهل جداً هزيمة هذا التيار في انتخابات حرة نزيهة بها شفافية. أشار الحريري إلي أن القوي المدنية هي التي دافعت عن الوطن وهي التي وقفت مع الشباب الذي فجر ثورة يناير وهذه القوي موجودة وحية مؤكداً أن مزاج غالبية الشعب المصري ليبرالي مدني فهو يرفض التطرف إلي أقصي اليمين أو إلي أقصي اليسار. وعن النصائح التي يقدمها للتيار المدني لكي يستطيع مواجهة تيار الإسلام السياسي قال الحريري: علي كل القوي الليبرالية أن تتوحد حول برنامج وطني يصلح لتسيير أمور الوطن لمدة 7 سنوات قادمة وأيضاً عليها أن تنسي الخلافات والزعامات الشخصية فالثورة والوطن مختطفين وعلينا استردادهما ولا ننسي أن ثورة 25 يناير لم يكن لها زعيم. يقول القيادي اليساري عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان وأحد المشاركين في كتلة "التيار الشعبي المصري" أن تكوين هذه التكتلات هو محاولات إيجابية لأن وجود كيانات حزبية كبيرة أفضل من الكيانات الصغيرة والتشرذم. أكد أن "التيار الشعبي" هو حركة شعبية تستطيع أن يكون لها قاعدة كبيرة بين أفراد الشعب وخاصة أن حمدين صباحي مؤسس هذا التيار حصل علي 5 ملايين صوت في الانتخابات الرئاسية وهو رقم غير قليل يستطيع من خلاله منافسة تيار الإسلام السياسي بصرف النظر عن عدد المقاعد التي قد يحصل عليها في انتخابات البرلمان. أضاف شكر أن هذه الكيانات تستطيع إدارة نفسها بشكل ديمقراطي سليم وذلك لوجود خبرات كبيرة. مشيراً إلي أنه حتي لو حدث خلافات شخصية علي الزعامة والقيادة فهذا ليس عيباً مادام في إطار من الديمقراطية. أشار شكر إلي أن تكوين هذه الكيانات ليس غاية في حد ذاته انما هو وسيلة لتحقيق نتائج طيبة في انتخابات البرلمان القادمة وهو إطار لتعزيز المنافسة السياسية في مصر. احتمالات الفشل أما د. عالية المهدي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة سابقاً فتقول إن نجاح أي تكتل يتوقف علي علاقته بالمواطنين علي أرض الواقع مؤكدة أنه إذا كانت هذه التكتلات من أحزاب جديدة ورقية أكيد سيكون مصيرها الفشل ولكن قد يكون هناك تكتل آخر من حزبين فقط ويكون مصيره النجاح إذن النجاح ليس مرتبطاً بعدد الأحزاب ولكن بقوتها بين الناس. أضافت: هناك بعض التكتلات قائمة علي أسماء لشخصيات كبيرة وهذا قد ينفع في انتخابات الرئاسة لكن في انتخابات مجلس الشعب الموضوع مختلف تماماً لأن مرشح البرلمان يجب توافر صفات له غير التي يجب أن تتوافر في مرشح الرئاسة أهمها تواجده ومكانته وقدرته علي إنجاز الخدمات لأبناء دائرته. حذرت د. عالية المهدي من وجود أكثر من شخصية لا صفات الزعامة في التكتل الواحد لأن في هذه الحالة سوف يكون احتمالات الفشل أكبر من احتمالات النجاح والسبب أن كل واحد من هذه الشخصيات دائماً تكون عنده "الأنا" أعلي وبالتالي سوف ينظر لمصلحته الشخصية علي حساب الباقي ولهذا سوف تظهر الصراعات. عوامل البقاء يقول د. عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية والنائب السابق بمجلس الشعب أن التكتلات والاندماجات التي حدثت لبعض الأحزاب ليس هدفها مواجهة الإسلام السياسي ولكن هدفها الأساسي هو المنافسة بشكل أفضل في الحياة السياسية المصرية.. أضاف أن هذه التكتلات هدفها بتجميع قدراتها المالية والبشرية حتي تظهر بشكل جيد أثناء الانتخابات. مشيراً إلي أن السؤال الأهم هنا هو هل هذه التكتلات والاندماجات لديها القدرة علي أن تعيش فترة زمنية كبيرة؟.. ولهذا أنا أتمني التركيز في عوامل البقاء أكثر من أي شيء آخر. أشار د. حمزاوي إلي أن الهدف من الاندماج هو انضاج المشهد الحزبي ولو سار هذا المشهد بصورة منظمة وبعمل جماهيري يستطيع أن يحقق جميع الأهداف التي أنشيء من أجلها.. وعن الصراع علي الزعامة التي قد تنشأ إذا نجحت هذه التكتلات في الوصول إلي أهدافها أكد حمزاوي أن هذا الصراع لن يظهر ومسألة الزعامة سوف تتلاشي إذا ما وصلنا إلي الأهداف العليا. اتفق د. صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسي بكلية الإعلام جامعة القاهرة مع د. عمرو حمزاوي في أن هذه التكتلات المفروض انها ليست موجهة ضد فصيل معين انما لدعم نفسها وتكون كتلة تصويتية للمنافسة في الانتخابات القادمة. أضاف علي هذه التكتلات والاندماجات أن تراجع برامجها وتنظم سياساتها وتكوين قوائم من المرشحين يستطيعون المنافسة القوية في الانتخابات وأيضاً حشد عدد كبير من المؤيدين الناخبين حتي يكون لهم وزن تصويتي قوي وبذلك يتحقق الهدف الذي تم إنشاء التكتل من أجله. أشار د. العالم إلي أنه من الأفضل أن يكون لهذه التكتلات أهداف محددة بعيداً عن العشوائية وليس ضد فصيل معين وألا يكون هذا الاندماج مؤقتاً حتي يكون لصالح الحياة السياسية المصرية. مشيراً إلي أهمية اندماج القيادات والزعمات الكبيرة الموجودة داخل هذه التكتلات حتي لا يظهر صراعات قد تؤثر علي وجود هذه الاندماجات. أضاف علي المسئولين عن هذه التكتلات والاندماجات أن تختار المرشحين الأكثر تأثيراً والمتواجدة باستمرار بين الناخبين وليس الأسماء الكبيرة فقط. يقول د. أيمن نور رئيس حزب غد الثورة وأحد مؤسسي تحالف المؤتمر المصري أن هذه التكتلات ليست موجهة ضد أحد وليست أيضاً مع أحد انما هو استجابة لمطالب الشارع المصري من القوي المدنية والليبرالية. أضاف أن موضوع صراعات حول زعامات أمر مستبعد تماماً وذلك لأن معظم المشاركين في هذه التكتلات والاندماجات لديهم من النضج السياسي ما يمنعهم من الدخول في مثل هذه المهاترات. مشيراً إلي أن الهدف هو التواجد القوي وكسب الشارع السياسي للتأكيد علي التواجد الكبير للقوي المدنية. أما الناشط السياسي والاستشاري العالمي د. ممدوح حمزة فقد استنكر وجود هذا العدد الكبير من التكتلات والاندماجات والتي قد تفوق عدد الأحزاب والجبهات السياسية الموجودة في مصر - علي حد تعبيره - مؤكداً أن مصير هذه التكتلات الفشل الذريع لا محالة. أضاف أن مصر تحتاج زعيماً يستطيع جمع شمل المصريين حوله مستبعداً أن يحقق هذا الشتات وليس التكتل أي نجاح وهذه فرصة كبيرة للآخرين للاكتساح.