لم يكن قرار المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب هو البداية الحقيقية لظهور ما يسمي بالتيار الثالث الذي أعلنت الأحزاب والقوي السياسية وعدد من رجال الأعمال عن تشكيله مؤخراً. ولكن أهدافه التي قام من أجلها تكشف أن فكرته وجذوره أبعد من ذلك. لاسيما وأن تحليلات كثيرة اعتبرته محاولة لمواجهة الدور السياسي المتزايد للتيارات الإسلامية خاصة جماعة الإخوان المسلمين. ولعل هذا ما دفع الدكتور عمرو حمزاوي النائب السابق بمجلس الشعب المنحل وأحد أبرز مؤسسيه. إلي التأكيد علي أن الهدف الأساسي من تدشينه هو التأثير علي القضايا السياسية الكبري والدفاع عن التحول الديمقراطي والدولة المدنية والعدالة الاجتماعية. وعن حق مصر في دستور يضمن الحريات العامة والشخصية ودولة القانون وتداول السلطة. غير أنه لم ينكر أن أحد أهم أهداف هذا التيار منافسة التيار الإسلامي في الانتخابات التشريعية القادمة. ونفي أن يكون معاداة أو إقصاء الإسلام السياسي في فكر أحد من أعضائه. مبيناً أنهم يسعون إلي تطوير كيان تنظيمي يجمعهم في معارضة ديمقراطية فعالة وبناءة تريد انتخابات دورية نزيهة وفي مؤسسات دولة لا يطغي عليها لون حزبي أو أيديولوجي واحد. وكشف عن وجود اتصالات بين الأحزاب والشخصيات العامة والسياسية والنشطاء لهيكلته تنظيمياً بهيئة عليا وأمانة عامة ولجان تضطلع بالتنسيق الانتخابي والسياسي. مشيراً إلي أن الجميع لا يريد تكرار الأخطاء التي حدثت في الانتخابات الماضية من تفتيت الأصوات بفعل المنافسات البينية. لا استهداف يؤكد المهندس محمد سامي. رئيس حزب الكرامة. أن كل ما قيل عن استهداف التيار الثالث للإسلاميين عار تماماً من الصحة وليس له وجود علي أرض الواقع. وقال إنه كيان لتجميع كل القوي المدنية الوطنية وتنظيمها في هذا التيار بهدف توحيد وتنسيق جهودها ومواقفها لتحقيق مصلحة الوطن. أوضح أن القوي المدنية معنية بالبحث عن كافة الأساليب والآليات التي ضمن تحقيق النجاح هذا الكيان السياسي الشعبي. مشيراً إلي أن الفترة القادمة سيكون لها مواقف موحدة من مختلف القضايا المطروحة علي الساحة. بيد أن المرحلة التي تمر بها مصر وعملية التحول الديمقراطي تتطلب وجود كيان قوي راسخ ينطلق من رؤية واضحة لبناء نهضة حقيقية يستفيد منها كل أبناء الوطن. مضيفاً أن اللقاءات والمشاورات مستمرة لاتخاذ القرارات النهائية بخصوص تحديد المباديء والقوي المنضمة للتيار وآليات العمل والأهداف والبرامج. قوة منافسة اعتبر سيد عبدالعال الأمين العام لحزب التجمع. أن وجود التيار الثالث علامة فارقة في الحياة السياسية المصرية. مبيناً أنه يضم نحو 13 حزباً وبعض الحملات الرئاسية والحركات والائتلافات الوطنية والسياسية توافق فيما بينها في المواقف والتحركات بهدف تحقيق أهداف ثورة 25 يناير والحفاظ علي المكتسبات التي تحققت وبناء نظام سياسي يقوم علي المدنية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة. وشدد علي أن القوي والأحزاب والائتلافات المشاركة في التيار الثالث تعمل بقوة لبناء جبهة تنافس في الانتخابات البرلمانية القادمة وتكوين هيئة برلمانية متوافقة سياسياً. موضحاً أنه ليس هناك ما يمنع من وجود تحالفات سياسية بين الأحزاب التي بينها تقارب واتفاق في الرؤي والأهداف ونفس الخطوات تقوم بها أحزاب التيارات الإسلامية والأمر لا يدخل في إطار العدائية والرغبة في الإقصاء أو التصادم مع القوي الإسلامية. الأحزاب الاسلامية: اعتراف بضعف الشعبية والعجز عن الاتصال الجماهيري! أكد قادة الاحزاب الاسلامية أن وجود تيار طريق الثالث في المشهد السياسي والذي يرعاه رجل الاعمال المعروف نجيب ساويرس ويضم في عوضيته أحزاباً ليبرالية واشتراكية وشيوعية ويسارية للقيام بدور المعارضة بخوض الانتخابات البرلمانية والمحليات لايمثل خطراً علي التجربة الاسلامية لكنه يعيد إلي الاذهان المحاولات البائسة للكتلة المصرية في الانتخابات البرلمانية السابقة والنزعة الطائفية التي يبثها البعض في التيارات المعارضة اعتبروا ان قوة المعارضة مهمة لكن الخطورة في أن ينذر البعض مليارات من أجل نشر فكرة معينة وهو ما يمثل خطورة كبيرة علي المشهد. بداية يوضح الدكتور محمد عمارة- عضو مجلس الشعب السابق عن حزب النور- أن التيار الاسلامي مستمر في تواجده القوي علي الساحة حتي وأن اعيدت الانتخابات البرلمانية لانه الوحيد الذي يملك قاعدة جماهيرية حقيقية في الشارع الآن وأن ما عداه من تيارات ليس لديها من سبل حقيقية للتواصل مع الجماهير ولا مع الشارع بشكل قوي مثلما يملك التيار الاسلامي السياسي أدواته في ذلك.. موضحاً أن طرح فكرة الطريق الثالث من أكثر من تيار في الفترة الاخيرة ليعكس حالة التخبط وحالة الترقب وكلها ما هي إلا انعكاسات لمحاولات البعض مواجهة التيار الاسلامي الذي نجح في حمل هموم الجماهير وعكس التدين الفطري للمجتمع المصري الذ ي ظل لعقود طويلة محروماً من التعبير عن رأيه والاختيار الحر المباشر لمن يعبر عنه وعن هويته وتصدر المشهد من يزورون الإرادة ويطمسون الهوية. لاخطر يري الدكتور نصر عبدالسلام- رئيس حزب البناء والتنمية- أنه لاخطر علي الاطلاق علي التيارات الاسلامية والاحزاب السياسية ذات المرجعية الاسلامية من محاولات تشكيل تيار الطريق الثالث الذي يتضح للعيان انه انعكاس جديد لمحاولات سابقة لتوحيد أحزاب في كتل تواجه التكتل الاسلامي القوي مثلما حدث في انتخابات مجلس الشعب السابقة من "الكتلة المصرية" التي توحدت فيها أحزاب تواجه بشكل أصيل التفوق الاسلامي سياسياً والتي عكست طرح مفاهيم غريبة علي مجتمعنا منها التصويت الطائفي للكتلة رغم وجود أقباط علي قوائم الاحزاب الاسلامية وسمعنا وقتها ولأول مرة وجود توجيه للأقباط بالتصويت لمرشحي الكتلة. أضاف: لاتوجد أزمة علي الاطلاق ولا تهديد من قبل تلك المحاولات للعمل الاسلامي لأن أغلب الجموع التي صوتت لمرشحي التيارات الاسلامية المختلفة منتمين لهذه التيارات تنظيميا في جماعات وتيارات وأحزاب إلي جانب جموع كبيرة من الشعب المصري المحب لدينه واسلامه ويتشوق بشغف لهذه التجربة. يري الدكتور عادل عفيفي- رئيس حزب الاصالة- أن تشكيل الطريق الثالث لا يمثل تهديدا علي الاطلاق للإسلاميين بل ان رعاية ساويرس له سيزيد من نفور تيارات عديدة من المجتمع منه لأن هدفه ليس حماية التيار المدني كما يزعم وليس لعب دور المعارضة وانما هدم كل ما هو اسلامي والتشكيك في كل ما يمت للتجربة الاسلامية بصلة.. موضحاً أن طبيعة الاحزاب والحركات التي انضمت لهذا التيار تعكس ان ما جمعها هو التربص بالاسلاميين والتخوف المبالغ فيه منهم علي خلاف الحقيقة ومعظم هذه التيارات والاحزاب لم تحقق نتيجة تذكر في الانتخابات البرلمانية السابقة ليعكس ضعف وجود تلك الاحزاب في الشارع وعدم فعاليتها ولأنها أحزاب لا وجود لها في الشارع فإتحادها لن يزيدها قوة بل سيعكس أن ما جمعهم هو كراهة الاسلاميين ليس إلا. لعبة المليارات يطرح الدكتور رشيد عوض- عضو مجلس الشعب السابق عن حزب الوسط- وجهة نظر مختلفة وهي أن طبيعة العمل السياسي الناجح في أي مكان في العالم يوجب وجود معارضة قوية وأحزاب تمثل باتحادها الغلبة السياسية.. قوة المعارضة سيدعو الاغلبية هي الاخري للتوحد في مواجهة ما يحيطها من مخاطر. والشعب المصري شعب ذكي عبقري يستطيع أن يفرز جيداً بين من يسعي لتحقيق مصلحته وتحرير إرادته والتحدث باسمه وحمل همومه وتحرير وطنه ومن يهدد بإنفاق المليارات التي امتصها من دمائهم ليوجه رأيهم لتبني افكاره المرافعة عن الشذوذ والحريات المستعارة والتشرذم المجتمعي وتبني آراء المناهضين للإسلاميين أينما كانوا بلا مبرر سوي العداء للإسلام. وعرض إلي أن العمل المخلص لله والوطن وللإرتقاء بمستوي معيشة مواطني مصر المغلوب علي أمرهم يبقي هو السبيل الوحيد إلي قلب كل الناخبين والمصريون يزدادون كل يوم عن الآخر وعياً وادراكا لمصالحهم وكلما مرت انتخابات مع الاخري تفرز النتائج زيادة حجم هذا الوعي والادراك. مصالح مشتركة يطرح ياسر عبدالله- عضو مجلس الشعب السابق عن الاخوان- وجهة أخري في مسألة الطريق الثالث وهو انه تعبير عن مصالح مشتركة جمعت كل هؤلاء في توقيت له حيثيات كثيرة إذ أن معظمهم مروا بتجارب قاسية لم يوفقوا فيها ولا أظن ان لم شملهم في تيار واحد سيغير المشهد لأن معطيات النتائج التي بلغتهم ما هم فيه لم تتغير بعد ومصر رغم حاجتها لتيار ثالث ورابع واتساعها لذلك إلا انها ترفض الضغط في اتجاه طائفي عدائي للتجربة الاسلامية في بلد يتسم بأغلبية إسلامية.. مبينا أن العبرة في النهاية ليست بالتيارات بقدر ما هي مرتبطة بتواجد تلك التيارات في الشارع وقدرتها علي التأثير. نبه ياسر عبدالله إلي خطورة ما تم التصريح به من رفع فاتورة الانفاق علي هذا التيار لمليارات من شخصيات بعينها وهو وحده مثار القلق والخوف.