خبراء الاتصالات: الدولة ليس لديها إمكانيات مالية وفنية تمكنها من غلق مواقع التواصل الاجتماعي سياسيون: تراجع شعبية النظام بشكل كبير دفعه لمحاولة حجب الفيس بوك خوفًا من السقوط
استطاعت وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها موقع الفيس بوك أن تكون شرارة لاندلاع ثورة 25 يناير 2011، بصورة لم يتخيلها أحد بعد خروج ملايين المواطنين إلى الشارع تلبية للقصاص من قاتل خالد سعيد الذي شكلت صفحته على موقع الفيس بوك أكبر تجمع، ما أن تطور حتى انتشر في جميع الصفحات الأخرى للفيس بوك ليسقط نظام مبارك في 18 يومًا. وتم استخدام الفيس بوك أيضًا بشكل أكثر انفتاحًا في عهد جماعة الإخوان المسلمين مع تضامن وسائل الإعلام المعادية للجماعة في ذلك الوقت, لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في عهد الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي وإغلاق جميع المنابر المعارضة وحبس الرافضين لسياساته, بات اللجوء لشبكة التواصل الاجتماعي أكثر مما كان في بداية حكم السيسي, مما دفع نظامه إلى السعي لإغلاقه حتى لا يتم تكرار السيناريوهات السابقة في إسقاط النظام الحاكم، خاصة وسط مطالبات بعض أعضاء البرلمان بغلق موقع الفيس بوك وسخط بعض المسئولين في نظام السيسي من موقع الفيس بوك بأنه يؤجج الأزمات، ووصل الأمر إلى أن القيادة الحاكمة لمصر نفسها حذرت وسائل الإعلام من جمع المعلومات عن طريق الفيس بوك في خطوة تمهيدية للنظام لغلق الفيس بوك بعد وضع قوانين لما يسمى ارتكاب جرائم إلكترونية على الفيس بوك في سابقة هي الأولى من نوعها في مصر. لكن خبراء أكدوا صعوبة حظر وسائل التواصل الاجتماعي سواء على المستوى السياسي أو التقني, لأنه سيخلق ضغطًا شعبيًا مضاعفًا لغضب المصريين عن سياسات النظام الحالي وربما يقود الشعب لإسقاطه. وفي إطار ذلك، رصدت "المصريون" آراء خبراء التكنولوجيا والسياسة في اتجاه النظام لغلق الفيس بوك ومدى قدرته على ذلك. تجارب أثبتت عدم قدرة الدولة على حجب الفيس بوك في البداية، قال طلعت عمر، نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات، إن المبدأ يحتم عدم لجوء الدولة لإغلاق أي موقع أو وسيلة تواصل على الإنترنت إعمالاً بحقوق حرية الرأي وحرية تبادل المعلومات واحترامًا للمواثيق الدولية في استخدام التكنولوجيا. وأوضح عمر أن الاستفادة بمجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بها حث إنساني, أما إمكانية حجبها بنسبة 100% هو أمر مستحيل, لكون الموقع الإلكتروني أو الحساب الشخصي هو ملكية خاصة للفرد والاعتداء عليها يمثل اعتداءً على الدستور, ومَن يقدر على الغلق والحجب وحدة هو المالك, مشيرًا إلى أن العالم يعمل الآن في السموات المفتوحة والتي تسمى بالشبكة الافتراضية غير محددة المعالم ولا يمكن لأي أحد السيطرة عليها في أي نقطة من النقط. وأضاف عمر أن المملكة السعودية فشلت في حجب المواقع الإباحية والتي يشاهدها طبقًا للإحصائيات الشباب السعودي والخليجي بنسبة تعد الأكثر في المنطقة. وذكر نائب رئيس الجمعية العلمية لمهندسي الاتصالات, أن هناك تجارب أثبتت عدم قدرة الدولة في حجب اليوتيوب أو الفيس بوك لكنها يمكن أن تتعاون معهما في حجب شيء معين إذا وافقت الجهة المالكة وإلا فشل النظام السياسي وحكومته في حجبه من الفضاء الإلكتروني. فالدولة ليس لديها إمكانيات مالية وفنية تمكنها من غلق مواقع التواصل الاجتماعي, رغم أن مثل هذه المواقع تسببت في اضطرابات كثيرة في الأنظمة السياسية سواء كان إيجابيًا أو سلبيًا, لكن يمكن أن يتم وضع إطار تشريعي قوي وقوانين صارمة تصل إلى المراقبة بعد صدور حكم قضائي بذلك". لجوء الدولة لحظره يعجل بسقوطها وفي سياق متصل، يرى سعد عبود، البرلماني السابق، أن هجوم الدولة على مواقع التواصل الاجتماعي ومطالبة أحد نواب البرلمان بإغلاقها سببه الخوف الشديد من النظام الذي تراجعت شعبيته بشكل كبير من السقوط والإطاحة به. وأوضح عبود أن القانون المقدم لفرض السيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي تصل العقوبه فيه إلى حد الإعدام، ومن الصعب أن يتم تمرير هذا القانون أو حتى حظر مواقع التواصل الاجتماعي التي تمثل المتنفس الوحيد الآن لغالبية الشعب المصري للتعبير عن الأزمات والمتاعب التى يواجهونها. ولفت عبود إلى أنه إذا ما لجأت الدولة لعملية الحظر فهي تعجل بسقوطها، وسوف تتحول مواقع التواصل من مجرد شرارة لسقوط النظام كما حدث في 25 يناير 2011 إلى سلاح أكثر خطورة في حالة حجبه، مما سيؤدي إلى تراكم غضب المواطنين ومن ثم الانفجار السريع. فمن المستحيل أن تتم معاقبة شعب بأكمله بسبب التعبير عن آرائه سواء سياسية أو حتى تكنولوجية, لأن الدولة لا تمتلك إمكانيات تستطيع بها إغلاق منافذ التواصل على الإنترنت". وحذر عبود من الحديث في مثل هذا الأمر بشكل متكرر لأنه سينقص من رصيد النظام الحالي الذي بالفعل هو يتناقص نتيجة للأزمات الراهنة, كما أنه سيدفع المجتمع الدولي للتدخل لحماية حقوق الإنسان من ممارسات القمع التي أكد عليها النظام بنفسه. العلاليلى: إغلاقه يحتاج إلى اتفاق دولى من جانبه، أكد المهندس هشام العلاليلى، رئيس الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات سابقًا، أن عملية التوجه لإغلاق موقع الفيس بوك أو غيرها من مواقع السوشيال ميديا المحرضة على ممارسة أعمال العنف أو الإرهاب تحتاج إلى تحرك دولي من خلال اتفاق دول العالم على غلق الفيس بوك. وأوضح العلاليلى أن مطالبة بعض نواب البرلمان من التحكم فى عملية الدخول لمواقع التواصل الاجتماعي عبر الرقم القومي هى اعتداء على خصوصية الشخص ليصل الأمر باستخدام الرقم القومى بعد عمل هاكرز للحساب الشخصى وسرقة الرقم القومى والتعدى على البيانات الشخصية، وبالتالى استغلالها في أعمال إجرامية أخرى. وأشار العلاليلى إلى أنه في الوقت الذي طالما نادينا بأهمية حماية حرية المواطن الشخصية إلا أنه لابد من إيجاد الحل العملى بعدم التعدى على خصوصية المواطن مع الحفاظ على الأمن القومى ومواجهة كل محتوى من شأنه أن يحرض على ممارسة الإرهاب وأعمال العنف. السعدني: الحكومة ستغلق الصفحات المحرضة على العنف وعلى نفس السياق، قال الدكتور محمد السعدني، نائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إنه من المستبعد أن يتم إغلاق موقع الفيس بوك، متوقعًا بأن تتم ملاحقة وغلق الصفحات المتخصصة بالتحريض على ممارسة الإرهاب والداعية إلى قتل رجال الشرطة والجيش. وأضاف السعدنى بأن ذلك الاتجاه الذى من المتوقع أن تتخذه الحكومة بإغلاق هذه الصفحات المحرضة على الإرهاب حفاظًا من الدولة المصرية على سلامة المجتمع والمواطنين كما هو الحال في الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا وإنجلترا. وأشار السعدنى إلى دور وأهمية مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة أن مصر تعيش مرحلة مهمة في الحفاظ على كونها جزءًا من العالم وحفاظًا على تنشيط السياحة وتنمية محور قناة السويس وإدخال الاستثمارات الأجنبية والتنقيب عن البترول لذا يكون الانفتاح على العالم عبر الإنترنت كجزء مؤثر فى إنعاش الحركة الاقتصادية للدولة ولمواجهة الأزمة الحالية من ارتفاع سعر الدولار وتأزم حركة التجارة، الأمر الذي أدى لارتفاع أسعار بيع السلع بأشكالها. وأكد السعدني أن حرية التعبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي هي جزء من الحريات التي يجب الحفاظ عليها أمام العالم بما يتضمنه ملف حقوق الإنسان. عودة: يمكن وضع شروط لتقنين استخدامه من جانبه، قال الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان، إن فكرة التحكم في استخدام المواطنين لخدمات الفيس بوك عامة، تتم من خلال الحكومة فى نهاية الأمر، مؤكدًا أن الحكومة هى الجهة التي لديها التحكم أولًا وأخيرًا في عملية تقنين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها موقع الفيس بوك وليس المستخدم لها المشترك بموقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن أن الحكومة يمكنها التحكم بأعلى مستوى تكنولوجي وصل إليها موقع الفيس بوك عبر نظام "الواى فاى". وأكد عودة أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعى من السهل التحكم فى الدخول لها عن طريق شفرة غير معقدة وعادية وسهلة الاستخدام من خلال كتابتها بسهولة. وأكد عودة أنه يمكن وضع شروط لتقنين استخدام موقع الفيس بوك كموقع تواصل اجتماعي من خلال شروط التعاقد التي وضعها مؤسس الموقع بما لا يدعى مجال إلى القلق إزاء إمكانية غلق الفيس بوك الذي يتميز بالمستوى التكنولوجى العالى جدًا في العصر التكنولوجي الحديث.