احكى يا شهرزاد تسأل المرأة كثيرا عن حكم الشرع فى مشاكلها الاجتماعية مثل (ما حكم الشرع فى زوج يظلم زوجته ويسىء معاملتها؟) و(ما حكم الشرع فى أهل الزوج الذين يثيرون المشاكل بين ابنهم وزوجته؟) وهكذا، أسئلة كثيرة عبر كل المنافذ الممكنة فى برامج التليفزيون وعبر الفيس بوك وفى الجرائد والمجلات، وبحكم مسئوليتى عن صفحة استشارات فى أحد المواقع اكتشفت شيئًا غريبًا. المرأة لا تقصد من وراء أسئلتها معرفة حكم الشرع فهو واضح لايحتاج سؤالا، بل لها فى السؤال مآرب أخرى، فهى تريد إدانة الطرف الآخر بقصد الضغط النفسى عليه أو حتى تنفيس غضبها منه وهى تريد أن تفضفض بمشكلتها وتجد من يسمعها ويربت عليها قائلا، أنت على حق وسوف ينتصر لك ربك ولوبعد حين، وهى تريد أولا وأخيرًا أن تصرخ صرخة أنثى جريحة تحتاج مداواة ومواساة، وهكذا عدنا مرة أخرى لمحور الأنوثة. محور الأنوثة هو أساس كل تصرفات المرأة، وفى قلب المحور الرجل حبيبًا أو زوجًا، فى أسئلة المرأة وشكواها فتش دائمًا عن الرجل، لماذا تشكو المرأة أكثر؟ وماذا يفيدها قول أحدهم لها أنت على حق وزوجك أخطأ فى حقك؟ هذا يرجع أيضًا لمحور الأنوثة فقد أثبت الدكتور (جون جراى) الفيلسوف الأمريكى فى كتابه الشهير (الرجال من المريخ والنساء من الزهرة) أن استخدام اللغة والكلام لدى الرجل مختلف تمامًا عن الرجل، الكلام عند الرجل له وظيفة واحدة هى إبلاغ معلومة، أما عند المرأة فتتعدد أهداف ووظائف الكلام، هناك غير إبلاغ المعلومة التعبير عن المشاعر وهى وظيفة هامة تنفس بها عن مكبوتاتها وتخرج فائض مشاعرها السلبية حتى لا تؤذيها، ثم هناك أيضًا بلورة أفكارها فهى تتكلم أحيانًا عن فكرة غائمة فهى تعلم يقينا أنها تضيق بأفعال زوجها ولكنها لا تعلم ماذا تفعل فى مواجهته لذلك فهى تتكلم عن المشكلة وتستعرضها وتقلبها على كل وجه مع من تثق به أملا فى الوصول لحل مريح يتبلور أثناء الكلام، ثم هى أيضًا تتكلم لمجرد الفضفضة وتأمل موقفها حتى لو كانت لا تنوى اتخاذ أية خطوة جديدة، وهى تتكلم أيضًا عن مشكلتها للحصول على المواساة والمساندة المعنوية، وهذه النقطة بالذات هامة جدا فى محور الأنوثة، وبينما يجد الرجل غضاضة فى المواساة ويخجل من الشكوى وعرض مشاكله لأنه يشعر أن ذلك السلوك هو اعتراف منه بالعجز والفشل وعدم الرجولة فإن المرأة تجد أن الشكوى والمواساة هى سلوك طبيعى متبادل ومستحب بين النساء. ولذلك من الطبيعى أن تمتلئ برامج الشكوى بدموع النساء وآهاتهن وتساؤلاتهن اللائى يحببن أن يضعن عليها غطاءً مقبولا فيقلن ما حكم الشرع؟ حكم الشرع معكن دائمًا، أنتن القوارير الرقيقات والزوجات الحانيات والأمهات المضحيات، ولكن المجتمع يظلمكن كثيرًا وتحتملن قدر الطاقة وعندما يفيض الكيل تصرخن شاكيات، ومادامت الشكوى كثيرة ومتكررة فأنتن ضحايا مجتمع لم يعتدل ميزانه بعد، تضحيات المرأة واستبسالها فى دفع مركب حياتها نحو الشاطئ الآمن من عوامل استمرار تماسك المجتمع المصرى وعدم غرق سفينته المتأرجحة، وحتى يعتدل الميزان وتنلن حقوقكن كاملة كلنا آذان صاغية للشكوى الحارة من أرق شفاه واحكى يا شهرزاد. لايوجد وحش تحت الماء يعرف طائر البطريق بالحذر الشديد، وهو يحصل على طعامه من السمك الموجود تحت سطح الجليد، ولكن طبقة الجليد تحجبه، وبالتالى هو يخشى أن يمد فمه ليصطاد سمكة فيلتهمه وحش الماء. يتجمع قطيع من الطيور كلها جوعى وكلها خائفة، والمشكلة من يبدأ؟ تظل الطيور بجسمها الأبيض السمين الذى لا يليق بطائر وجناحها الصغير الكسير تراوح فى مكانها يمنعها الرعب من الإقدام، وأخيرًا بحركة بسيطة يتشجع أحدهم ويخرج منقاره قابضًا على سمكة شهية وسرعان ما يبدأ الجميع بعد أن يتأكد لهم أنه لا يوجد وحش تحت الماء. كذلك كان حال العرب ورعبهم من الأنظمة الدكتاتورية، التى حكمتهم بالحديد والنار حتى تجرأ (البوعزيزى) فى تونس، وثارت تونس وانهار الحكم الكرتونى واكتشف الشعب أنه لايوجد وحش تحت الماء وانطلق فى الشارع صارخًا غير مصدق (بن على هرب والحرية للتوانسة). ثم ثارت ثائرة الشعب الصبور فى مصر وتبين للمصريين أن وحش الداخلية المرعب هو مجرد خدعة وانطلق الناس فى أعظم حدث شهده التاريخ المصرى. وانهار نظام آخر الفراعنة فى 18 يومًا واستطاع الشعب الأعزل أن يسقط أعتى نظام قمعى ويشل ذراعه الأمنية. إن أفضل منجزات الثورة هو رسوخ اليقين الجديد لدى المصريين أن الحاكم فى خدمة الشعب وليس العكس وأن صوت الجماهير هو الأعلى والأقوى، ولذلك لن نخاف من أى حاكم أو تيار فالشعب الآن لايخاف بل يخيف فقط، وقد تأكد له أنه لايوجد وحش تحت الماء. حوار أم مبارزة؟ كثير من مقاطع اليوتيوب تكون مقتطعة من حوار إعلامى بين شخصين ويكون التعليق انظر كيف سحق الطرف الآخر؟ والسؤال هل الحوار هو مبارزة بالسيف هدفها القضاء على الطرف الآخر؟ أم هو نوع من تلاقح الأفكار وتبادلها للوصول للأفضل؟ شخصيًا أرى أن أفضل لحظة فى حوارى مع طرف آخر أن يفتح الله عليه بكلمة أو رأى أو فكرة ألتقطها منه وأستفيد بتعديل فكرة عندى أو تصحيحها أو الإضافة إليها. نتيجة الحوار الراقى الفائدة للطرفين وللمستمع والمشاهد، الحوار هو أرقى درجات سلم المعرفة الإنسانية لأنه يقع فى قمة الهرم (حب المعرفة) هناك فارق كبيييير بين الحوار والمصارعة الحرة. فيلم عن قصة حياتى أريد إضافة تعديلات طفيفة، بعض المواقف التى لم أتكلم فيها سوف أقول رأيى الصريح بكل قوة ووضوح، بعض الأشخاص الذين عرفتهم سوف أنبذهم من حياتى ولن أضيع وقتى معهم، بعض الأحباء سوف أمنحهم اهتمامًا أكبر وأقول لهم بملء فمى (أحبكم)، سوف أقبل يد أمى كل صباح، سوف أرفض تمرير أى موقف خاطئ وسوف أصدع بالحق فى وجه الظالم وأنتصر للمظلوم، ولن أسمح لأحد أن يستغلنى أو يأخذ منى شيئًا بسيف الحياء. ولكن بهذه الطريقة لن تكون قصة حياتى، لابد أن أعترف بخيبتى وانكساراتى قبل مواقفى المشرفة وانتصاراتى حتى أكون صادقة والصدق هو المعنى الأسمى الذى أدور حوله ويجذبنى دائمًا، كده مضطرة ألغى مشروع الفيلم، ولكن من الممكن أن تستفيد ابنتى وتبدأ هى خطواتها الصحيحة.