بتأييد 120 نائبًا.. عبدالعال يحيل مشروع المادة للجنة الدستورية.. والأزهر: نرفض ازدراء الأديان بقانون أو بدون.. ونواب "النور": إلغاؤه دعوة للفوضى.. وليبراليون يوافقون "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه، كل مَن استغل الدين في الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي".. كان هذا هو نص المادة رقم 98 ، من قانون العقوبات والتي ذاع صيتها خلال الفترة الماضية بين كل الأوساط الفنية والسياسية والدينية والثقافية، لتواجه هجومًا حادًا من جميع فئات المجتمع وسط مطالبات عديدة بإلغائها باعتبارها تهدد حرية الإبداع والتعبير، فيما رأت شخصيات دينية وسياسية أن إلغاء المادة من القانون يعرض الأديان إلى تجاوزات من الأفراد ويشعل نار الفتنة الطائفية. ووسط هذه المشاحنات تقدم نحو 120نائبًا بالبرلمان بمشروع قانون لإلغاء المادة 98 من قانون العقوبات والخاصة بازدراء الأديان، وكان من أبرز الموقعين على المشروع الدكتورة آمنة نصير والكاتب يوسف القعيد ومحمد زكريا، والنائب محمد أبو حامد، فيما أحال الدكتور علي عبدالعال، رئيس المجلس، مشروع قانون إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، تمهيدًا لمناقشته في جلسة عامة وإقراره. وقالت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، وأستاذ الفقه بجامعة الأزهر، إن "الدين الإسلامى يحض على الإيمان ولا يوجد فكر يواجه بالسجون، وأوافق على إلغاء قانون ازدراء الأديان لحماية ديني وحرية الشريعة الإسلامية، وضمن الحريات الثلاث في الفكر والقول والفن المنصوص عليها في الدستور". من جانبه، قال النائب زكريا محيى الدين، إن "المادة 98 من قانون العقوبات تتعارض مع مواد الدستور أرقام 64, 67، والخاصة بازدراء الأديان، مشيرًا إلى أنه سيصوت على إلغاء هذه المادة خلال جلسة مناقشة مشروع القانون المطروح بالبرلمان، بعد أن تسببت في حبس عدد من المفكرين والباحثين". وأضاف الدكتور محمد إسماعيل، عضو الهيئة البرلمانية لحزب النور، أن الدعوة لحذف مادة الحبس فى ازدراء الأديان بمثابة دعوة للفوضى، وتؤدى لمزيد من الانقسامات، ومحاربة الفكر بالفكر لا ينبغي أن تتضمنه الهجوم على الإسلام والأديان، وإلغاء ازدراء الأديان سيعرض المجتمع لشبهات وسموم لا نستطيع مواجهتها والتصدي يكون داخل اللجنة الدينية لدعوات حذف المادة التي تعاقب مَن يزدري الأديان لحماية البلاد من الفوضى. بينما قال النائب أحمد السجيني، نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد: النص الحالى يخالف أيضًا مبادئ الدين الإسلامى الذي قال "لكم دينكم"، وهناك مَن يُخطئ بدون قصد ويعتذر عن ذلك ويجب عدم محاسبته حال ذلك، ولابد ألا يكون النص الجديد سيفًا لقطع لسان أي شخص، وأن يوضح الفرق ما بين المعتقدات الدينية". وأشار النائب محمد أبو حامد، إلى أن التطبيق العملي لقانون ازدراء الأديان، أثبت أنها استخدمت لمواجهة من يعبرون عن أفكارهم، وكسلاح ضد المواطنين المسيحيين، وخاصة فى محافظات الصعيد، مثل واقعة محافظة المنيا أخيرًا بحق أطفال سخروا من أفعال تنظيم داعش الإرهابي". وقال أبو حامد: "إن المادة على وضعها الحالى تقمع الفكر، فحتى لو كان هناك بعض الناس نختلف معهم، لا يمكن قبول معاقبة الفكر بالسجن، ولابد من إلغائها أو تعديلها ليصبح تطبيقها على مَن يتعمد بشكل مباشر الاعتداء على حرمة الأديان أو تحريفها أو إهانتها، لكن أن يعرض الإنسان فهمًا مختلفًا للأديان، فهذا ما لا يجب أن يعاقب بالسجن".
الأزهر: نرفض ازدراء الأديان بقانون أو بدون وعن موقف الأزهر الشريف، من دعوات إلغاء المادة 98، من قانون العقوبات، قال وكيل الأزهر الشريف، الدكتور عباس شومان: "لا نتدخل في اختصاصات البرلمان أو أي أحد، ونحن ضد ازدراء الأديان أى دين بقانون أو بدون قانون، ولا علاقة لنا بمجلس النواب". وقال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إنه لا مانع من حذف مادة ازدراء الأديان لتجنب حبس بعض المفكرين والكتاب الذين يدلون برأيهم فى أمور دينية". وتابع الجندي: "ولكن لابد أن يتيح الفرصة لممثلي الدين الوسطى لإبداء رأيهم بالرد على تلك الآراء، خاصةً أن هناك آراء صدرت خلال الفترة الماضية من بعض الكتاب تتضمن ازدراءً واضحًا للأديان، وهو ما يجرمه القانون".
أشهر القضايا.. ووقع عدد من مشاهير الفن والسياسة والدين تحت طائلة قانون "ازدراء الأديان"، وكانت أبرز القضايا خلال الفترة الأخيرة، هي الحكم بحبس الكاتبة فاطمة ناعوت 3 سنوات بتهمة ازدراء الأديان بعد أن أحالت نيابة السيدة زينب "ناعوت" للمحاكمة بتهمة ازدراء الإسلام والسخرية من شعيرة إسلامية "الأضحية". وعوقب الباحث في الشئون الدينية إسلام بحيري بعد بلاغات اتهمته بتشويه الرموز الدينية والأئمة وكبار العلماء، ليتم الحكم عليه بالحبس عامًا ينفذها الآن. وطالت مقصلة ازدراء الأديان، الكاتب إبراهيم عيسى بعد مقولته الشهيرة، "مرسي تسلم الدكتوراه الفخرية بالسلطانية "هلك عني سلطانية" "سلطانية سلطانية دي سلطانية مرسي"، فتمت إحالته للمحاكمة وتبرئته بعد أن اعترف أنه لم يقصد الإهانة للإسلام أو ازدراءه وإنما كان ينتقد سياسات الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو ما اطمأن إليه مجمع البحوث الإسلامية والذي أعد تقريرًا بذلك حكم على "عيسى" بمقتضاه. وتسببت رواية دينية عن زواج السيدة خديجة من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، للداعية السلفي الشيخ محمد حسان في اتهامه بازدراء الأديان ولازالت منظورة أمام القضاء. وكان "حلم" للمخرجة إيناس الدغيدي، قالت عنه:"حلمت أني كلمت ربنا، وقلت له يا ربي في حاجات من أقاويل الأنبياء، أنا مش مقتنعة بيها، وإذا كان ده غلط فسامحني، فعقلي مش قادر يجيبها"، سببًا في قيام المحامي سمير صبري برفع دعوى قضائية ضدها بتهمة ازدراء الأديان، لتطاولها على الذات الإلهية. حقوقيون وخبراء.. واعتبر نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، أن استمرار العمل بمادة ازدراء الأديان يعد بمثابة عودة لمحاكم التفتيش، قائلًا:"الفكر لا يواجه إلا بالفكر وليس بالتهم والحبس وأن تضطلع المؤسسات الدينية بتصحيح الأفكار الخاطئة، وليس بتكميم الأفواه أو مصادرة الفكر". وتابع جبرائيل: "الحكم على الكاتبة فاطمة ناعوت صدمة للمفكرين والليبراليين، وصدمة للدستور ومواده التى تؤكد حرية الرأي والتعبير". ومن جهته، أكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، في تصريح له، أن المادة 98 من قانون العقوبات والخاصة بازدراء الأديان تحمل عبارات مطاطية وليس لها معنى محدد على عكس ما يجب أن يتوافر في قوانين العقوبات والتي من المفترض أن تحمل تحديدًا دقيقًا لا يقبل إلا تفسيرًا واحدًا". وأضاف الجمل: "المفروض إعادة النظر في هذه المادة لتحقيق هذا الغرض وأن تكون عقوبة للمساس بالأديان وليس التعبير عن الرأي، حيث إن بعض المحامين يستغلون هذه المادة كسبوبة في إقامة دعاوى حبس ضد المفكرين والمبدعين". وتابع رئيس مجلس الدولة الأسبق: "الكاتبة فاطمة ناعوت لم تقل فيما نسب إليها من تجاوزات وازدراء أديان، ما يعد إهانة أو تحقيرًا في الدين الإسلامي وإنما تحدثت عن عدم إنسانية ذبح الأنعام في الشوارع وأمام الأطفال ومنظر الدماء، وحرية الرأي لابد أن تحترم ولا تتعرض لعملية العقاب غير المبرر ولابد من تعديل النص لتكون الجريمة محددة وخطر على حرية الرأي".