مع تزايد الاحتجاجات في مصر من جانب سائقي "التاكسي" على شركات خدمات النقل الجديد مثل "أوبر" و"كريم" التي يقوم بها سائقون بسياراتهم الخاصة، وتصدير صورة ذهنية عن هؤلاء السائقين، أنهم "شياطين" أو "دخلاء" يخطفون "اللقمة" من أفواه السائقين المعتمدين، تزايدت التساؤلات: من هم سائقو "أوبر"؟ دوافع مختلفة، أجبرت، العديد منهم على العمل كسائقي "تاكسي أون لاين" بسياراتهم الخاصة ولكن العامل المشترك كان زيادة الدخل الشهري لمواجهة متطلبات المعيشة، التي ترتفع باستمرار. "أغلبنا من أسر متوسطة أو ثرية، وخريجو كليات مرموقة، ولكن فضّلنا الاعتماد على أنفسنا وعدم انتظار الوظيفة تطرق بابنا، فقررنا العمل خارج المكاتب، لرفع مستوى معيشتنا.. هكذا يصف "باسم محمد" أحد سائقي "أوبر" – على سيارة تويتا كرولا" – ل "هافينجتون بوست عربي"، العاملين في هذه الخدمة. طبيب وسائق بعض السائقين متخرج من كليات عملية ويعمل في مهن هامة، مثل الطب والهندسة، والتدريس، وغيره، ومع هذا يسعى لتحسين دخله بالعمل على سيارته الخاصة مع الشركات الجديدة. من هؤلاء "محمد حسن"، سائق بشركة "أوبر"، وهو طالب طب بشري، دخله ضعيف، يسعى للعمل بعد انتهاء عمله بالمستشفى لدى "أوبر" بدوام جزئي، حتى يستطيع الإنفاق على دراساته العليا، وليتمكن فيما بعد من تأسيس العيادة الخاصة به، حسبما يقول. تدهور السياحة جعلنا سائقين "أحمد علي"، سائق في شركة "كريم"، قال أنه اضطر للعمل بسيارته الخاصة، بعدما تم تسريحه من عمله بقطاع السياحة، الذي تأثر خلال الأعوام الخمسة التي أعقبت 25 يناير، وتوقف العمل تقريباً بشركته. وتراجع عدد السياح في الربع الأول من 2016 إلى 1.2 مليون سائح مقارنة بنحو 2.2 مليون سائح قبل عام. وحول أسباب اختياره للعمل في هذه الخدمة بسيارته، يقول "توفيق السيد": "الشركة توفر هاتفاً ذكياً بسعر معقول مع خط إنترنت مجاناً، مع تحقيق ربح سريع بمعدل معقول قد يصل إلى ألف دولار شهرياً، في حالة العمل لمدة 12 ساعة يومياً، وهو مبلغ يصعب الحصول عليه بسهولة من أي عمل ثابت آخر. مع العلم أن التفرّغ للعمل كسائق «أوبر» يحقق دخلاً شهرياً 8 آلاف جنيه (قرابة 800 دولار) شهرياً. سيدات "أوبر" "غادة" وهي سائقة مع سيارات أوبر منذ يناير 2016 توضح أنها سعت للعمل بهذه الخدمة لمعاونة زوجها وأبنائها، مشيرة إلى أنها تعمل أشبه بموظفة بدون مواعيد حيث تعمل غادة من الساعة السادسة صباحاً حتى الثالثة ظهراً، ثم تعود لأسرتها وحياتها العائلية. وتقول إن العمل، خصوصاً مع التوصيلات النسائية، التي أختارها من التطبيق، يرفع من روحي المعنوية ويحقق دخلاً معقولاً لأسرتي ولطلباتي الشخصية، وتضيف بأن زوجها وأبناءها كانوا قلقين من طبيعة عملها، مشيرة لأن "السيدات والفتيات اللاتي يركبن معي يكن على راحتهن أكثر، ومنهن فتيات صغيرات السن يأخذن بنصيحتي في بعض الأمور، ويتعاملن معي كأنني أمهن". خدمة أفضل وأرخص من التاكسي وتقول "ندى عرفة"، خبيرة سوشيال ميديا، مستخدمة لهذه الخدمة: "كلما أردت الذهاب إلى مكان واخترت أوبر أجد سائقاً لبقاً وسيارة نظيفة وجديدة وأحياناً آخر موديل". وتضيف: "لفت نظري أن معظم السائقين يتركون لك زجاجة مياه معدنية وحلوى كتعبير عن ترحيبهم بك.. "اتفضلي حضرتك"، وأيضاً يتم سؤالك إذا كنت تفضل الاستماع إلى إذاعة راديو معينة أو تشغيل المكيف أم لا، لراحتك أثناء الرحلة. وتتابع: "هذا يختلف تماماً عن سائقي التاكسي الأبيض المعتمدين في مصر، فلا يقف عندما تشير له وقد يقف ولا يعجبه المكان الذي تود الذهاب له فيرفض توصيلك، ناهيك عن تشغيل أغاني هابطة وصاخبة، ورفض السائقين تشغيل المكيف، وأساليب بعضهم الفظة، وعدم التعامل بالعداد". أما "نبيله محمود"، معدة برامج في إحدى الفضائيات بمدينة الإنتاج الإعلامي، وتضطر للذهاب للمدينة، وتعاني من رفض سائقي التاكسي توصيلها أو طلب مبالغ مالية أكبر من المسجل في عداد التاكسي، وتخشى من العودة أمنياً، فتعتبر الخدمة الجديدة "أكثر راحة وأماناً.. معي هاتف وصورة ورقم سيارة من يقوم بتوصيلي وشركته تتابع خط سيره، ويوصلني من الباب للباب فلماذا أقلق؟". السائق يقيّم الراكب! ما لا يعلمه معظم مستخدمي أوبر، بحسب تأكيد مسؤولي "أوبر"، هو أن السائق يقوم بتقييم الراكب أيضاً بعد الرحلة لمعرفة: "هل هذا العميل جيد السلوك أم لا؟" و"أبرز المشاكل التي يواجهونها مع مستخدمي الخدمة"، بهدف تحسين مستوى الخدمة للراكب دائماً. ويروي "محمد يوسف" أحد سائقي أوبر على سيارة شيفروليه، أنه يتكرر أحياناً من بعض الركاب طلبات خارج الطلب مثل التوقف لشراء شيء أو التكلم بأصوات مزعجة، أو التصرف بصورة غير لائقة. أيضاً هناك طلبات حمل أمتعة أكبر عن المعتاد، أو طلب ركوب أشخاص آخرين في الطريق معهم بنفس الرحلة، أو حمل أطفال مزعجين، والشركة تقيم كل هذا. مشاكل سائقي أوبر وتتلخّص مشاكل سائقي أوبر، بحسب ما قالوا ل "هافينغتون بوست عربي" في ثلاثة أمور: (الأول) مضايقات الشرطة، و(الثاني) مشاحنات التاكسي الأبيض معهم، و(الثالث) عدم وجود عقود للسائقين مع الشركة، ما يعرّضهم للتوقف في أي وقت دون مقابل أو تعويض. ويرد أحد الوكلاء القانونيين ل«أوبر» فضّل عدم ذكر اسمه مؤكداً "إنهم يعملون على حماية السائقين وتعويضهم عن خسائر كمائن الشرطة، واعتداءات بعض أصحاب التاكسي الأبيض". ويعترف الوكيل القانوني أنه لا يوجد تعاقدٌ مكتوب بين الشركة والسائقين، لكن الوكلاء القانونيين هم المسئولون عنهم للتأكد من خلو تحاليلهم الطبية من الكحول أو المخدرات، ودفع أجورهم أسبوعياً، موضحاً إن هناك ما لا يقل عن 8 آلاف سائق أوبر في القاهرة، وهناك إقبالٌ متزايد من الشباب والنساء للعمل معنا.