توقع خبراء بالشأن التركي، أن تحكم 3 سيناريوهات العلاقات بين القاهرةوأنقرة، عقب انعقاد القمة الإسلامية في تركيا يومي 14 و15 أبريل الجاري، متمثلة في التقارب بين البلدين، بقاء الوضع على ما هو عليه، عودة العلاقات بحدها الأدنى. وتشهد العلاقات المصرية التركية، توترًا ملحوظًا منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق "محمد مرسي" من الحكم في 3 يوليو 2013، بلغ قمته في 24 نوفمبر 2013، عندما اتخذت مصر قرارًا باعتبار السفير التركي "شخصًا غير مرغوب فيه"، وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال، وردت أنقرة بالمثل. وتعقد القمة الإسلامية المقبلة في إسطنبول برئاسة أردوغان بحكم إنه رئيس الدولة التي يعقد بها القمة، ليسلمها لرئيسها الحالي "مصر، وليس لرئيس الدولة" كونه هو من عليه تولي رئاسة القمة بحكم دور مصر برئاسة القمة هذا العام. الباحث المهتم بالشأن التركي "صلاح لبيب"، قال، إن ترأس وزير الخارجية سامح شكري، لوفد مصر خلال اللقمة الإسلامية المنعقدة في تركيا، يجب النظر إليها من المنظور الكلي، في ظل زيارة الملك سلمان وخروجه من القاهرة، لتركيا. وزار العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز، مصر، لمدة 5 أيام، تبعها بزيارة من المنتظر أن تستمر ل5 أيام أيضًا، وفق ما أعلنه الديوان الملكي السعودي في وقت سابق. ورأى "لبيب"، في تصريحات ل"المصريون"، أن "معنى زيارة الملك السعودي لمصر في هذا التوقيت، وخروجه من القاهرة إلى تركيا وليس الرياض، مؤشر إلى الرغبة السعودية في إعادة العلاقات المصرية التركية إلى طبيعتها"، مستدركًا "أما زيارة وزير الخارجية المصري، فهي مختلفة عن زيارات الملك السعودي لمصر وتركيا، نظرًا لكون مصر رئيسًا لقمة المؤتمر الإسلامي، وكان لابد أن تسلم القاهرة القمة لأنقرة، طبقًا لأمور بروتوكولية". وأوضح لبيب أن "مصر ترى التمثيل الدبلوماسي بشكله الأدنى، في ظل غياب الرئيس ورئيس الوزراء من بعده، والدفع بوزير الخارجية لتسليم القمة لتركيا، ما يعني أن العلاقات لا تزال متأزمة". ومتطرقًا إلى مساعي السعودية في المصالحة بين البلدين، أكد الباحث السياسي أن "المملكة تدفع بقوة لعودة العلاقات بين مصر وتركيا، وتطبيع العلاقات بينهما، في محاولة لتشكيل تحالف سني قوي في مواجهة إيران"، مشيرًا إلى أن "هذه الدوافع السعودية ربما تواجهها صعوبات بسبب الخلافات التي حصلت بين البلدين على مدى السنتين الماضيتين بسبب التدخل التركي في الشأن المصري". وتوقع لبيب "عودة العلاقات المصرية التركية بحدها الأدنى في مجال التنسيق في التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب، وحضور الدولتين في مناورات رعد الشمال وتشكيلهم ضمن التحالف الإسلامي"، لافتًا إلى أن ذلك يرضي المملكة السعودية. وتابع لبيب "أما التطبيع الكامل وتبادل الزيارات بين رؤساء الدول فلا أعتقد أن يكون في المديين القصير والمتوسط، ويمكن في المدى البعيد بعد تغييرات معينة في السياسة التركية، نظرًا لأن أقرب انتخابات في تركيا ستكون بعد 3 سنوات ونصف بما يعني أن سياسة الدولة ستظل كما هي طوال تلك الفترة". واتفق الخبير بالشأن التركي "محمد عبدالقادر"، فيما طرحه، "لبيب"، مشيرًا إلى أن "توتر العلاقات بين البلدين"، لا تزال تقف حائلا أمام ترأس السيسي للقمة الإسلامية بتركيا، في ظل رغبة مصر تتطلب اعترافًا ضمنيا من الحكومة التركية بالأوضاع الجديدة في مصر وعلى رأسها شرعية نظام 3 يوليو". وشهدت العلاقات التركية المصرية توترات وأزمات كبيرة منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013. وربط "عبدالقادر"، في تصريحات ل"المصريون"، بين إيواء تركيا لقيادات وأعضاء وأنصار جماعة الإخوان المسلمين منذ الإطاحة بمرسي، وبين صعوبة تحسن العلاقات بين نظامي السيسي وأردوغان. عبدالقادر رأى في الوقت ذاته أن هناك محاولات إقليمية لحلحلة الأزمة المصرية التركية تتمثل في وساطة سعودية، كان آخرها زيارة سامح شكري وزير الخارجية للسعودية بالتزامن مع زيارة للرئيس أردوغان، وسط حديث عن لقاءات سرية بين الطرفين، تبعتها زيارة الملك سلمان الأخيرة للقاهرة. بدوره تناول سعيد الحاج، الباحث الفلسطيني المهتم بالشأن التركي، عدة عوامل تدفع باتجاه تقارب ما بين مصر وتركيا تزامنًا مع انعقاد مؤتمر قمة التعاون الإسلامي في أنقرة، في مقدمتها عدم قدرة البلدين -وخصوصًا تركيا- تجاهل بعضهما البعض إلى الأبد، فضلاً عن الاتجاه العام في تركيا لمراجعة وإعادة توجيه دفة السياسة الخارجية، إضافة إلى الاعتراف الإقليمي والدولي بنظام ما بعد 3 يوليو في مصر. وقال الحاج، في دراسة نشرها "المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية"، إن "المصالح الاقتصادية المشتركة بين البلدين ومنها ما يتعدى الشراكة لأطراف ثالثة مثل اتفاقية الملاحة البحرية، والرغبة السعودية بتقريب الطرفين، والمهددات المشتركة التي تواجه البلدين في المنطقة، والاستقرار النسبي للنظام في مصر بسبب ضعف المعارضة المصرية وشبه انعدام البدائل الجاهزة، تدفع نحو ذلك التقارب". ومن جهة أخرى رأى الحاج أنه "لا تبدو المصالحة الناجزة بين البلدين أمرًا سهل المنال في المدى المنظور لعدة أسباب، أهمها أزمة الثقة بين البلدين التي تعمقت مع الوقت بسبب المواقف الشخصية والتراشقات الإعلامية، وعدم التجاوب المصري مع التصريحات التركية، وغياب أي خطوات لبناء الثقة حتى الآن، وصعوبة إيفاء الطرف المصري بالاشتراطات التركية سابقة الذكر التي من الصعب على أنقرة تخطيها على الصعيدين الداخلي (الرأي العام التركي وخاصة أنصار الحزب الحاكم) والإقليمي (المصريين وشعوب العالم العربي بشكل عام)، والشروط المصرية عالية السقف، والأزمات السياسية والاقتصادية التي تواجه السيسي، وصعوبة بلورة أي "مصالحة" داخلية مصرية بوساطة تركية كاستحقاق يمكن أن تقدمه تركيا بين يدي التقارب مع مصر. وكشفت وسائل إعلام محلية ودولية عن أن وزير الخارجية سامح شكري سيقوم نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتسليم رئاسة القمة الإسلامية بتركيا، إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المقرر عقدها في 14 و15 من أبريل الجاري، وذلك بعد ترؤس مصر لها لمدة ثلاث سنوات. جدير بالذكر أن قمة منظمة التعاون الإسلامي التي تبدأ غدًا على مستوى وزراء الخارجية تعقد فى دورتها ال13 بمدينة إسطنبول وتحت شعار "الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام " وستبحث عدة قضايا من أبرزها: بحث الأوضاع الراهنة في كل من فلسطين وسوريا، اليمن، ليبيا، أفغانستان، الصومال، مالي، جامو وكشمير، البوسنة والهرسك، واعتداءات أرمينيا على أذربيجان، وغيرها من الدول الإسلامية التي تشهد نزاعات وأوضاع أمنية غير مستقرة".