نُذر مواجهةٍ مباشرةٍ ومنتظرةٍ بين الأردن وتنظيم الدولة بدأت تلوح في الأفق، مع تمركزٍ واضح لعناصر التنظيم في المناطق الجنوبيةلسوريا والمحاذية لحدوده، وهو الأمر الذي أوجد حالة قلقٍ على مستوى المؤسسة العسكرية والأمنية تجاه هذه التطورات الميدانية داخل الأراضي السورية المتاخمة للحدود مع المملكة. - سد الفراغ وفي الأخبار القادمة من الجنوب السوري فإن عناصر تابعة لتنظيم الدولة تعمل على حشد قواتها بهدف السيطرة على المناطق الجنوبيةلسوريا، غداة عودة ما يسمى لواء "شهداء اليرموك" المبايع للتنظيم إلى الميدان، بحسب تقارير صحفية ميدانية قالت إن خطوة التنظيم تأتي لملء الفراغ الذي أحدثته جبهة النصرة في المنطقة، بعد انسحاب أبرز قادتها من درعا إلى إدلب. وذكرت مصادر إعلامية أن "شهداء اليرموك" سيطر، فجر الجمعة، على بلدة تسيل (26كم شمال غربي درعا) في ريف درعا الغربي، في وقت استنفرت فيه المجموعات المسلحة الأخرى بمختلف أطيافها عناصرها لأي مواجهة مرتقبة. يأتي هذا بالتزامن مع دخول الجيش السوري مدينة تدمر الأثرية وسط البلاد، بعد معارك عنيفة مع تنظيم "الدولة"، الذي بدأت بعض عناصره بالانسحاب جنوباً والتمركز بالقرب من مدينة درعا. - قلق أردني مبرر وبحسب متابعين ومتخصصين تحدثوا ل"الخليج أونلاين" فإن مسبّبات القلق للأردن كثيرة فيما يتعلق بوجهة التنظيم الجديدة في سوريا، وهي بالقرب من الحدود مع الأردن؛ تبدأ من إطار الخوف من تسلل محدود للمسلحين والمنتمين للتنظيمات الموصوفة ب"الإرهابية" تحت غطاء حركة اللجوء، إلى احتمالات الاندفاع المنظّم للمسلحين باتجاه الأردن في حال تفاقمت خسائرهم على الأرض. وبحسب الخبير العسكري الأردني محمود خريسات، فإن "أي هجوم قد يتعرض له عناصر داعش دون التنسيق مع الجانب الأردني، كما حدث في معركة السيطرة على الشيخ مسكين، فإن ذلك سيؤدي إلى نتائج كارثية على المملكة". - ضرورة التنسيق العسكري وطالب خريسات في حديثه ل"الخليج أونلاين": "دول التحالف وروسيا بإجراء تنسيق أمني وعسكري كامل مع الأردن قبل أية مواجهة مرتقبة بالقرب من حدوده مع سوريا، حتى يستطيع حماية حدوده من أية محاولات لاختراقها من قبل التنظيمات المسلحة هناك لا سيما داعش". -"إرهابيون" مفترضون ومع تنامي أدوار عدد من التنظيمات المصنفة "إرهابية" في سوريا، وتمركزها أكثر بالقرب من الحدود مع المملكة، بدأت السلطات الأردنية باتخاذ خطواتٍ مشددة تجاه السماح للاجئين السوريين بدخول أراضيها؛ خشية تسلل بعض تلك المجموعات. الأمر الذي استوجب احتجاز اللاجئين على الساتر الترابي الفاصل بين البلدين، وإخضاعهم إلى تحقيق ومراقبة تمتد أشهراً قبل السماح لهم بدخول أراضي المملكة، وذلك من دون أن يلقي الأردن بالاً للمناشدات الأممية المتكررة من أجل إدخالهم. وعلم "الخليج أونلاين"، من مصادر رسمية أردنية، أن قوات حرس الحدود "ضبطت عناصر تابعة لتنظيم الدولة حاولت التسلل بين صفوف اللاجئين بشكلٍ فردي؛ هرباً من اشتداد المعارك ضدها داخل الحدود السورية". - مخاوف وشكوك الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي أعرب، في حديثه ل"الخليج أونلاين"، عن استغرابه من انكماش سيطرة تنظيم الدولة داخل الأراضي السورية باستثناء جنوبسوريا، حيث يتمدد. وطالب الأجهزة الأردنية العليا بالعمل بكل قوة لمنع بقاء التنظيم بالقرب من الحدود، عاداً ذلك مصلحةً وطنية أردنية عليا، وقال: "يتعين علينا ألّا نسقط من حساباتنا سيناريو بنقردان، حتى وإن اتفقنا على اختلاف الظرف والزمان والمكان". وقال الرنتاوي: إن "داعش يفكر الآن أكثر من أي وقتٍ مضى في القفز صوب دول الجوار السوري، لا سيما الأردن في محاولةٍ منه لتجميل صورته، والتأكيد أنه لا يزال قوياً في مواجهة الأخطار المحدقة به من كل مكان". وأضاف: "كسب المعركة مع داعش في جنوبسوريا سيصبح أيسر وأقل كلفة، إن شرعنا من الآن في تحريك جهد دولي وإقليمي للقضاء على التنظيم، قبل أن يتمكن من تثبيت أقدامه على مقربة من مناطق الكثافة السكانية الأردنية، وقبل أن يصبح قادراً على تحقيق مزيد من المفاجآت غير السارة".