مع احتدام الحرب في سوريا، انجرت النساء السوريات للتجنيد بالمئات أو ربما الآلاف، في كتائب نسائية شكلتها معظم أطراف الصراع. يُكوّن النظام كتيبةً، فترد المعارضة بأخرى، ويشكل الأكراد الكتيبة الأقوى. تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» لم يفته أيضًا أن يُنشئ كتيبته هو الآخر. نظام الأسد يُشكل «لبؤات الدفاع الوطني» «عادة أقضي على ثلاثة أو أربعة أهداف في اليوم، وبصراحة، عندما لا أُصيب رجلًا مُسلحًا في الجهة المقابلة، قد أبكي من الغضب»، هكذا تتحدث الرقيب ريم (21 عامًا)، عن نشاطها اليومي في سلاح القناصة السوري. أما عن زينب التي تكبر ريم بعام واحد، فقد فضلت استخدام سلاحٍ ضخمٍ؛ لأن «القنص قتال فردي، شخص يقتل شخصًا آخر،أما إل بي 10 فهو يدمر البيت وكل ما بداخله». تنتمي كلٌّ من ريم وزينب إلى كتيبة نسائية، تُسمى «لبؤات الدفاع الوطني» أو كتيبة «المغاوير النسائية»، وقد شكل رئيس النظام السوري بشار الأسد، تلك الكتيبة في أواخر عام 2012 وبدايات عام 2013، عندما كان الجيش السوري الحر يسيطر بحسب تقارير صحفية على 65% من مساحة سوريا. وتشكلت تلك الكتيبة النسائية المُقاتلة في حمص وضمت، ما بين 500 و800 مقاتلة، تتراوح أعمارهن بين 18 عامًا و50 عامًا. وأرجعت تقارير صحافية، سبب ضم العنصر النسائي للقتال إلى الخسائر البشرية، التي تكبدها جيش الأسد النظامي في تلك الفترة، وهو ما نفاه قائد ريم وزينب، الذي أكد أن الأسد، اتخذ ذلك القرار «دفاعًا عن دور المرأة السورية، وكي يثبت أنها قادرة على النجاح في كل الميادين». وتشارك الكتيبة في الأعمال القتالية، بالإضافة إلى المهام الأقل خطرًا، كتفتيش السيارات و إلقاء القبض على الأشخاص المشكوك في ولائهم للنظام. وتُفيد تقارير صحافية إلى أنهن لم يتلقين القدر الكافي من التدريب، ولم يُعرفن إعلاميًا قبل تفجير لحافلة كانت تقل المجندات في حي المزة بدمشق، أوقع عشرات الضحايا، وذلك في نهاية مارس 2015. وتجدر الإشارة إلى أن حمل المرأة للسلاح في النظام السوري، ليس بجديد،إذ اشتركت في صفوف الجيش والشرطة في كليات تدريب خاصة، منذ الثمانينيات، كما شاركت النساء في تشكيلات مُسلحة تابعة لحزب البعث لتقييد جماعة الإخوان المسلمين في سوريا مع بداية الثمانينات. «تنظيم الدولة» يُشارك ب«الخنساء» و«أم الريان»: مع مطلع عام 2014 شكل تنظيم الدولة الإسلامية، كتيبتين نسائيتين تحملان اسمي: «الخنساء» و«أم الريان». وتشكلت هاتان الكتيبتان في الرقة، بعد يومين من مقتل سبعة من أفراد التنظيم على يد مجهولين، كانوا يرتدون النقاب والزي النسائي، بحسب الناشط السوري، أبو إبراهيم الرقاوي، في تصريحات له، لموقع العربية، نشرها في 2 فبراير 2014. وتفيد تقارير صحافية إلى أن دور الكتيبتين، حفظ الأمن الداخلي،في معقل التنظيم بالداخل السوري، بإقامة حواجز لتفتيش النساء. هذا وتتراوح أعمار النساء المنضمات للكتيبتين، ما بين 18 و24 عامًا، يتفرغن بشكل كامل لعمل التنظيم، وتتقاضى كل واحدة منهن راتبًا شهريًا، يُقدر بحوالي 200 دولار، فيما لم تتبين بعدأعداد المنضمات للكتيبتين. «أمنا عائشة» و«بنات ابن الوليد».. كتائب نسائية مُعارضة: «احلقوا شواربكم فقد تم تشكيل كتيبة بنات ابن الوليد في حمص»، هكذا حذرت سيدةٌ، جنودَ نظام الأسد، مُعلنةً عن تشكيل أول كتيبة نسائية مُناهضة للنظام. وظهر في مقطع فيديو الإعلان عن إنشاء الكتيبة، حوالي 10سيدات مُنتقبات. وكان إشهار الكتيبة في منتصف عام 2012، بمدينة حمص، ردًا على الانتهاكات المُستمرة لقوات الأسد. وأفادت النساء بأنّ مهامهن تتنوع ما بين إسعاف الجرحى ومساعدة اللاجئين، و«تدريب الحرائر على كافة أنواع الأسلحة لحماية أنفسهن من العصابات الأسدية» على حد تعبير البيان. وفي نوفمبر2013، شكل الجيش السوري الحر كتيبة نسائية تحمل اسم «أمنا عائشة». ويبدو أن تلك الكتيبة كانت أكثر جدية في الأهداف القتالية، من كتيبة «بنات ابن الوليد»، إذ ظهرت إحدى السيدات المتطوعات في الكتيبة، في زيٍّ عسكري مموه،حاملةً لسلاح بيديها، مُؤكدة أن الهدف الأساسي للكتيبة هو الدعم المعنوي. «وحدة حماية المرأة الكُردية» هي الأقوى! لا تبدو مشاركة النساء الكُرديات في القتال أمرًا غريبًا بالنسبة للأكراد المُتمركزين شمالي سوريا؛ إذ يُفيد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن من بين كل خمسة مقاتلين أكراد، ثمّة امرأة مُقاتلة. ويرتكز النشاط العسكري لأكراد سوريا على وحدات حماية الشعب الكُردية، الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديموقراطي الكُردي، وتضم هذه الوحدات «وحدة حماية المرأة». وتُشير تقديرات إلى أن عدد مُقاتلي الوحدات الكُردية، وصل إلى 50 ألف مُقاتل، بينهم من سبعة إلى 10 آلاف مُقاتلة، تتراوح أعمارهن ما بين 18 و24 عام. وتستخدم المُقاتلات الأسلحة المُختلفة كالكلاشنكوف، والآر بي جي، بالإضافة إلى القنابل اليدوية وزرع الألغام والعبوات الناسفة. ويشار إلى أنهن أظهرن شجاعة بالغة،لفتت انتباه الإعلام الأجنبي، في محاربة «تنظيم الدولة»، في أواخر عام 2014 في عدة معارك، انتهت بسيطرة الأكراد على عين العرب كوباني، بدعم جوي من التحالف الدولي، الذي تقوده الولاياتالمتحدة في سوريا. ويرى محللون أن الكتائب النسائية الكردية هي الأقوى والأكثر خبرة على أرض المعركة، من الكتائب النسائية لبقية أطراف الصراع في سوريا.