أنا اشتريت شهادات قناة السويس لأحصل على أرباح 12% كل ثلاثة أشهر.. ولكن الآن سعر الجنيه الرسمي نقص، يعني أنا خسرت بسبب هذه الشهادات، ما كسبتش.., بهذه العبارة البسيطة، لخّص محمد علي – موظف على المعاش – أحد أضرار تخفيض البنك المركزي المصري لسعر الجنيه مقابل الدولار بمقدار 112 قرشاً، أي بنسبة 14.5%، إلى جانب تقلّص القيمة الفعلية للرواتب، وارتفاع نسبة التضخم. فالشهادات الاستثمارية باسم قناة السويس التي باعها القطاع المصرفي من خلال البنوك الأربعة الحكومية (الأهلي المصري ومصر والقاهرة وقناة السويس) بنحو 64 مليار جنيه، لتنفيذ مشروع حفر القناة الجديدة، ولاقت إقبالاً شعبياً كبيراً وقتها، يتعرض أصحابها بعد عام ونصف على الشراء إلى خسارة كبيرة لأن أرباحهم المتمثلة في 12% فائدة، أصبح يقابلها 14% انخفاض بقيمة الجنيه، ما يعني خساراتهم 2.5% من أموالهم. وجاء قرار محافظ البنك المركزي المصري، بخفض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار بالبنوك، بمقدار جنيه و12 قرشاً، ثم خفضه 10 قروش أخرى، ليرفع بذلك سعر صرف الدولار إلى 8.95 جنيهات للدولار الواحد، مقابل 7.73 جنيهات قبل القرار. وأوضح "عبد الحافظ الصاوي" المحلل الاقتصادي المصري , خلال تصريحات ل "هافينجتون بوست عربي", أن من كان يستطيع شراء 10 كيلوجرامات من اللحوم بمبلغ ألف جنيه لن يستطيع شراء الكمية نفسها بعد انخفاض القيمة الشرائية للألف جنيه لتصبح 850 جنيهاً، والأمر نفسه ينطبق على من قام بشراء شهادات قناة السويس بفائدة 12% ثم انخفض الجنية 14.5%. وأضاف أن سعر الجنيه سيشهد انخفاضات أخرى ولن يتوقف عند هذا الحد، ما يعني تقلص فوائد البنوك بالجنيه عموماً، لأن قيمته تقل حتى ولو زادت الفوائد. وتابع "انخفاض سعر الجنيه، عرضٌ لمرض، وما لم تعالج المشكلة من جذورها، سيستمر انخفاض قيمة الجنيه في ظل تخلي اقتصاد مصر عن قواعده الإنتاجية وعدم إصلاحها، وتشجيع المضاربات في مجال العملات الأجنبية، أو الأراضي والعقارات، أو البورصة”. ولهذا، يرى الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، ضرورة زيادة سعر الفائدة على شهادات قناة السويس إلى 15% لأن قيمة الجنيه في قوته الشرائية وليست الورقية، وبعد رفع سعر الدولار انخفضت قيمة الجنيه". ولأن قوة الجنيه الشرائية انخفضت بعد ارتفاع سعر الدولار، يمكن القول إن الراتب الحقيقي لكل مصري نقص بنفس النسبة – 14.5% - مع ضعف الرواتب بشكل عام في مصر من الأساس، وهو ما يزيد الأعباء على المواطن المصري. وهذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي، الدكتور معتز إبراهيم، الذي يشير إلى أن هذا الانخفاض التاريخي في سعر العملة المصرية، سيؤدي إلى ارتفاع ضخم في الأسعار، سواء الواردات أو السلع المحلية. الأثر الثالث المتوقع لانخفاض سعر الجنية مقابل الدولار هو زيادة أسعار السلع وارتفاع نسبة التضخم بصورة لا تقل عن 10% على الأقل بحسب البنك المركزي، وقد تزيد عن 20% بحسب تقديرات تجار السلع المستوردة. وأوضح المركزي، في بيان على موقعه الإلكتروني، أن "السياسة النقدية للبنك المركزي تهدف إلى المحافظة على استقرار الأسعار بحيث لا يتجاوز معدل التضخم 10% في الأجل المتوسط للحفاظ على القوة الشرائية (للجنيه)". وكان معدل زيادة أسعار المستهلكين (التضخم) ارتفع 1.1% على أساس شهري في فبراير الماضي مقارنة بيناير، لكنه انخفض على أساس سنوي إلى 9.5% في كل مصر، من 10.7% في يناير. وجاء قرار المركزي برفع الفائدة في البنوك، إلى 10.75% للإيداع، و11.75% للاقتراض، بعد 3 أيام من قراره خفض الجنيه أمام الدولار 112 قرشاً، بهدف "السيطرة على توقعات التضخم". وتستورد مصر معظم احتياجاتها الأساسية، حيث بلغ إجمالي وارداتها نحو 80 مليار دولار في عام 2015، فيما يبلغ معدّل التضخم السنوي في مصر نحو 10%.