قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن حادثة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر في الثاني من فبراير/ شباط الماضي وضعت مصر في قلب العاصفة، وراحت الأنظار تركز على ما يجري في هذا البلد الكبير والحيوي. السلطات المصرية ورغم مرور أكثر من شهر على حادثة مقتل ريجيني بقيت مشتتة في توجيه الاتهامات لمن يقف وراء مقتله، فهي تارة تقول إنه حادث سيارة، وتارة تتهم جماعة الإخوان المسلمين، أو المخدرات، وغير ذلك من التهم، في وقت أعلنت واشنطنوروما وعواصم أوروبية أخرى أن ريجيني على الأرجح خطف وتعرض لتعذيب شديد وقتل على يد عناصر من قوات الأمن الخاصة المصرية. ورغم أن القضية ما زالت غير محسومة بشأن الفاعل، ولاتزال عناوين مقتل ريجيني تتصدر يوميات المشهد بين روماوالقاهرة، فإن مسؤولين غربيين أكدوا أن الغضب إزاء هذه الحادثة يتفاعل ويتوسع بشكل كبير، وأن هناك قلقاً فعلياً من تصاعد وتيرة القمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وهي علامة من علامات ضعف قبضة الرئيس عبد الفتاح السيسي مما قد يشكل تهديداً لاستقرار مصر، أبرز حلفاء الغرب في الشرق الأوسط، وفقاً للصحيفة الأمريكية. وتتابع نيويورك تايمز، أن التقارير التي تحدثت عن عمليات اعتقال واختطاف وتعذيب وحشية على يد قوات الأمن المصرية، ارتفعت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، مما جعل هذا الملف على طاولة العديد من المسؤولين الغربيين حول كيفية التعامل مع مصر، فوزير الخارجية الأمريكي جون كيري التقى الأسبوع الماضي بكبار مسؤولي وزارته للتباحث بشأن هذا الموضوع، في وقت أصدر فيه البرلمان الأوروبي بياناً اعتبر أن عملية قتل ريجيني هي رسالة تقشعر منها الأبدان، وأنها ناجمة عن مناخ يسمح لقوات الأمن المصرية بالإفلات من العقاب إزاء مثل هذه الحالات. وبحسب ميشيل دن، الباحث في شؤون الشرق الأوسط بمعهد كارنيجي للسلام فإن انتهاكات حقوق الإنسان والقمع السياسي كلها أشياء تساعد على التطرف والإرهاب، ومن ثم تقويض الاقتصاد وآفاق انتعاشه. وتشير الصحيفة إلى أن سجل حقوق الإنسان في مصر سجل تراجعاً كبيراً، وتعرض لانتقادات منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي السلطة عام 2013، حيث أعلنت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان أن هناك المئات من الأشخاص الذين اختفوا في مراكز الاعتقال حيث يشيع التعذيب، مما رفع وتيرة الغضب تجاه وحشية الشرطة أدت إلى حالة احتجاج سجلت في القهرة عقب مقتل سائق سيارة أجرة على يد شرطي. كما تعرضت المراكز الحقوقية للعديد من المضايقات من قبل السلطات، ومنها مركز النديم الذي يقدم المشورة لضحايا التعذيب، في وقت تعرض الصحفيون والمحامون والعاملون في مجال حقوق الإنسان إلى قرارات بمنع السفر وتجميد الأصول. وقال مركز القاهرة للدراسات وحقوق الإنسان إن السلطات فتحت تحقيقاً حول 37 منظمة مصرية حقوقية بتهمة تلقي أموال من الخارج في محاولة للقضاء على حركة الإنسان المصرية، كما يقول المركز. بمقابل ذلك يرفض مسؤولون مصريون الاتهامات بشأن حقوق الإنسان في مصر أو تلك التي تتعلق بوفاة ريجيني، حيث أكد أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أن بلاده ملتزمة بقوة وبلا تردد في احترام حقوق الإنسان والحريات.