فجر البنك المركزي مفاجأة مدوية، بعد أن قرر أمس تخفيض قيمة الجنيه بمقدار 14% من قيمته بنحو 1.12 جنيه, على الرغم من تحذير خبراء من خطورة الخطوة، التي انتقدها الجميع بمن فيهم هشام رامز محافظ البنك المركزي الأسبق الذي حرر الجنيه بشكل تدريجي وخفض قيمته بنحو 20قرشًا, قبل أن يتراجع عن القرار. وقال خبراء مصرفيون إن قرار التخفيض سيكون له نتائج سلبية ولن يقضي على ارتفاع الدولار مقابل الجنيه الذي ارتفع اليوم بقيمة 40قرشًا رغم قرار "المركزي" بتخفيض الجنيه. وأضافوا أن عدم وجود بدائل لدى "المركزي" للقضاء على نقص العملة الأجنبية والحد من صعود الدولار في ظل سعيه لتعويم الجنيه سيكون لها نتائج كارثية على الاقتصاد المصري. قال محمد الدشناوي، خبير أسواق المال، إن قرار تخفيض الجنيه بمقدار 14% هو قرار صعب ويحتاج إلى تكاتف الجميع للقضاء على السوق السوداء للدولار. وأضاف أن "الجميع ينتظر عودة السياحة بالإضافة قدوم استثمارات أجنبية وفي حال نجاح طارق عامر بتعويم الجنيه عند مستوى اقل من9.5 سيكون إنجازًا كبيرًا وإن كنت أرى أن الأوضاع النقدية معقدة وصعبه والقرار كان به شيء من التسرع، ولكن الآن لا يمكن الرجوع وواجبنا جميعا مساندة البلد وفقرائها. وأوضح أن "الدعم الحقيقي هو المساندة والتكاتف, وإن فشل فسيكون الدعم المعنوي, لأن البنك المركزي لا يمكنه الرجوع عن قرار الخفض"، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن الحكم على التجربة فالقضاء علي السوق السوداء ليس سهلاً". من جانبه، قال الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادي ومدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية السابق، إن الإجراءات الأخيرة بتخفيض قيمة الجنيه تعني أن البنك ركز اهتمامه على عنصر واحد من وظائفه ألا وهي الحفاظ فقط على ما بقى من الاحتياطي النقدي المتاح لديه من النقد الأجنبي وخصوصًا الدولار. وأضاف: "بذلك القرار ضرب بعرض الحائط الوظائف الأخرى ومن أهمها, استقرار الأسعار وضبط معدلات التضخم في الأسواق, والتي شهدت ارتفاعًا كبيرًا بالأسواق". وتابع: "أثر القرار السلبي سيتضاعف بسبب سياسات وزير التموين من ناحية ونهج الدولة والحكومة الذي ترفع شعارات, اقتصاديات السوق الحرة, جذب الاستثمار والمستثمرين, وبيئة الاستثمار والمستثمرين .. الخ". وأشار إلى أن "هذا السياسيات خطأ ولن تخرجنا من الأزمة الحالية لأن جوهر الخلل البنيوي مازال موجودا في السياسات الاقتصادية الكلية التي تآكل قدرتنا في قطاعات الإنتاج وخصوصا الزراعة والصناعة والكهرباء والطاقة, مما أدى إلى أن 70% تقريبًا من احتياجاتنا الغذائية والصناعية نستوردها من الخارج حتى الآن". وأوضح الخبير الاقتصادي ، أن "عوائد مصر من النقد الأجنبي تتراجع ليس فقط من السياحة بل أيضًا من تحويلات العاملين في الخارج ومن صادرات البترول الذي أنهار سعره بسبب سياسات المملكة السعودية ، وبالتالي ستظل الفجوة التمويلية في ميزان المدفوعات وتحديدًا الميزان التجاري قائمة وهى تتجاوز 50 مليار دولار سنويًا". واستطرد: " سياسيات النظام الحالي تقوم بالسلف والاستجداء من السعودية وأصحابها في الخليج وبالتالي لن تكون مصر أم الدنيا، كما أن النظام يتخبط لأنه اختار من اللحظة الأولى السير على خطى سياسات مبارك والاستعانة برجال مبارك وأشباههم، وللأسف بعد فترة هدوء قليلة في أسواق النقد الأجنبي سوف يعاود الدولار صعوده والجنيه المصري هبوطه والشعب سيكتوي من غباء تلك السياسات". وأكد فاروق أن "دور البنك المركزي في دول العالم يقوم على ثلاثة مهام رئيسية وهي أولا إدارة الاحتياطي النقدي الأجنبي المتاح واستقرار نسبى لسعر صرف العملة الوطنية بالنسبة للعملات الأجنبية الرئيسية، ثانيًا: رقابة أداء الجهاز المصرفي داخل الدولة، ثالثًا: ضبط التضخم وارتفاع الأسعار بالوسائل المختلفة المتاحة لدى البنك المركزي ومعاونة بقية الجهاز المصرفي". وأشار إلى أن "البنك المركزي يستخدم لتحقيق أهدافه عدة وسائل وأدوات منها سعر الفائدة ,والسوق المفتوحة ثم أخيرًا ما يسمى سعر الخصم, لكن كل هذه الأدوات غير قادرة حتى الآن على حل أزمة الدولار وتراجع الوضع الاقتصادي للأسوأ".