على الرغم من عدم تشكيل حكومة الوفاق الوطني حتى الآن، بدأت الخطوط العريضة لتدخل عسكري دولي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في ليبيا ترتسم مع استعدادات في روما ووصول قوات خاصة إلى ليبيا وشن أولى الغارات، في الوقت الذي حذرت فيه الجزائر من الخطوة، لكونها ستجلب "الخراب" للمنطقة. وحذرت الجزائر الخميس 3 مارس/ أذار 2016 من أي تدخل عسكري محتمل جديد في ليبيا مجددة تمسكها بالحل السياسي التوافقي للأزمة التي يغرق فيها هذا البلد المجاور. وقال وزير الخارجية رمطان لعمامرة إن "أي تدخل عسكري آخر في ليبيا سينجر عنه المزيد من الخراب و الخسائر البشرية.". وقد فاجأ الجنرال دونالد بولدوك، قائد القوات الخاصة الأميركية في أفريقيا، القيادات العسكرية والسياسية بتأكيده هذا الأسبوع لصحيفة "وول ستريت جورنال" إقامة "مركز تنسيق للتحالف" في روما تمهيداً لهذا التدخل. الاستعدادات على قدمٍ وساق ورد "دومينيكو روسي" نائب وزيرة الدفاع الإيطالية على حسابه في تويتر، "نحن في انتظار تشكيل الحكومة الليبية، لم يتم استحداث غرفة عمليات". لكن الاستعدادات تجرى على قدم وساق بغض النظر عن شكل التدخل واسمه. وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي أعلنت الأسبوع الماضي "إننا نقوم بتنسيق تشكيل قوة تثبيت الأمن والاستقرار الليبية التي يفترض أن تتدخل لدى تشكيل حكومة". ومنذ 10 أيام، تتزايد المعلومات في باريس ولندن وروما عن وصول عناصر من القوات الخاصة الفرنسية والأميركية والبريطانية إلى ليبيا، وذكرت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الخميس أن حوالي 50 إيطالياً هم على وشك الانطلاق. وتقول وسائل الإعلام أن هؤلاء الجنود لا يشاركون في العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات الفريق أول ركن خليفة حفتر، الموالية لحكومة طبرق (شرق، تعترف بها المجموعة الدولية) أو تحالف فجر ليبيا المؤلف من الميليشيات الإسلامية الذي أصبح الذراع العسكرية للحكومة غير المعترف بها في طرابلس. وتقضي مهمتهم بالتالي بإجراء اتصالات مع القوات على الأرض، وتقويم الوضع وتأمين المعلومات، وربما الأسلحة ووسائل الاتصال. وبالإضافة إلى طلعات الاستطلاع الكثيرة التي ينفذها، قام الجيش الأميركي حتى الآن بغارتين على الأقل في ليبيا، منها الغارة التي أسفرت عن 50 قتيلاً في 19 فبراير/شباط على معسكر لتنظيم "الدولة الإسلامية" قرب صبراتة، وأدت على الأرجح إلى مقتل أحد قادة التنظيم. التحرك السريع في المقابل، غادرت حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول الخليج إلى البحر المتوسط، للقيام بمناورات مشتركة مع البحرية المصرية، كما أعلن رسمياً. وفي صبراتة، قال قائد مجموعة موالية لتحالف فجر ليبيا إن جنوداً بريطانيين منتشرون في مصراتة للاتصال بالمجموعات المقاتلة، وأكد وجود خطة، مشيراً إلى أن الحملة التي تستهدف إخراج تنظيم الدولة من سرت ستبدأ "قريباً". وتعرب المجموعة الدولية عن قلقها الكبير في الواقع من تعزيز تنظيم "الدولة الإسلامية" وجوده في سرت، ويتراوح عدد عناصر التنظيم بين 3000 و5000 مقاتل، بينهم مئات من التونسيين والسودانيين واليمنيين ونيجيريين ينتمون إلى مجموعة بوكو حرام الذين أتوا للتدرب من أجل شن عمليات في أماكن أخرى. وقال وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني "علينا أن نتحرك بصورة عاجلة"، وأضاف "لكننا أختبرنا حتى الآن وهم التدخلات غير المجدية على المديين المتوسط والبعيد، يجب أن نتجنب الوقوع في أخطاء الماضي والهرب إلى الأمام". لذلك تشدّد إيطاليا على أن التدخل لا يمكن أن يحصل إلا تحت إشراف الأممالمتحدة وبناء على طلب حكومة ليبية معترف بها. وأعلن مسئول أميركي في مجال الدفاع الأربعاء، إن "من المهم توافر شريك يعتمد عليه ميدانياً". وترفض حكومة طبرق حتى الآن شنّ أي عملية من دون موافقتها المسبقة، أما حكومة طرابلس فتتوعد بالتعامل مع أي تدخل باعتباره "اجتياحاً أجنبياً". ولا ينوي أحد بالتأكيد إرسال قوات بأعداد كبيرة إلى أرض المعركة. وشددت بينوتي على القول أن تنفيذ تدخل عسكري يتخذ شكل "احتلال" أمرٌ "غير مطروح وعبثي ومستبعد بالتأكيد". وأوضحت أن فعالية التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية "ستتضاءل" إذا ما اعتبر جنود التحالف "غزاة". لكن الشيباني أبو همود سفير حكومة طبرق في فرنسا، قال إن "التجربة، في البلدان الأخرى، أثبتت أن الغارات الجوية لا تكفي". وأضاف "إذا لم ترسل قوات برية، سواء أكانت وطنية أم دولية، فإن ذلك لن يكفي".