أكد مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة أن العلمانية نموذج غربي مخالف للإسلام ولا يمكن تطبيقه بمصر، وذلك على عكس الدولة المدنية التي تعني دولة حديثة متقدمة شريطة أن تتوافق مع مبادئ الإسلام. وقال جمعة، خلال لقائه وفدًا من المنتدى العالمي للوسطية أمس الثلاثاء بمقر دار الإفتاء: إنّ كلمة علمانية مصطلح غربي حديث تم إدخاله للدول الإسلامية، فهي لم تكن منا ولا من حضارتنا بل ترجمة للكلمة الأصلية (العالم) أو الدنيوية وتعني فصل الدين عن الدولة"، مضيفًا "العلمانية نموذج معرفي غير النموذج الإسلامي ولا يجوز تطبيقه في مصر". وأشار فضيلته إلى أن الأزهر "لن يقبل هذا المصطلح الذي يرفض الإله ويرفض التكاليف, فالدولة العلمانية ليس بها سقف تنتهي إليه فمن الممكن أن تبيح السرقة أو القتل ومناقشة الكذب في البرلمان، ومثل هذه الأمور تجوز مناقشتها في بريطانيا مثلاً, أما في مصر فلا، لذلك يجب علينا أن نتفق على التعاون لمواجهة هذه الأفكار". أما فيما يخص الدولة المدنية، فبيّن أنها "تعني دولة حديثة متقدمة شريطة أن تتوافق مع مبادئ الإسلام والشريعة الإسلامية, فالدولة المدنية لها تكليف فهي تحافظ على حقوق الإنسان العقل والدين والمال, ويوجد بها انتخابات نزيهة وتداول للسلطة ونحن نؤيد هذه الحقوق لكن في الوقت نفسه لا نؤيد حرية الفعل الفاضح". وشدّد جمعة على ضرورة وجود ضوابط للحرية بحيث لا تؤذي الآخرين، مداعبًا الحاضرين بمقولة شكسبير "حرية التعبير تنتهي عند طرف أنفي، وليس داخله"، موضحًا أنه في الإسلام "يوجد سقف محدد للحرية فلا نبيح القتل ولا نبيح الإجهاض ولا السرقة ولابد من تحقيق المقاصد في إطار وجود سقف وهو الشريعة، بغير ذلك يكون فسادًا في الأرض. أما في الغرب فيجوز ذلك كإباحته للشذوذ والمخدرات". وأكّد على أن النموذج المدني الذي نسعى إليه في مصر ليس بجديد فهو موجود منذ بداية عهد الخديوي إسماعيل ولم نستورده من الغرب "فتلك بضاعتنا ردت إلينا". وحول قلق البعض من تطبيق الحدود لفت فضيلة المفتى إلى أن العلماء انقسموا إلى فريقين: فمنهم من يرى ضرورة تطبيق الحدود، ومنهم من يرى إيقاف أو تعطيل الحدود في عصر الشبهات والفتن نظرًا لوجود ازدياد سكاني وفقر وعدم وجود تربية سليمة وشهود على كفاءة دينية وأخلاقية. واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بالتشديد على أن الدين الإسلامي هو الضامن لغير المسلمين لممارسة عقائدهم وشرائهم بحرية وأن مبادئ الشريعة هي السقف الذي لا يمكن أن يتخطاه أحد. وكان الوفد قد قام أيضًا بزيارة لفضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وذلك في إطار سعي المنتدى العالمي للوسطية لنشر الفكر الوسطى وبحث آفاق التعاون مع مؤسسة الأزهر الشريف، وإمكانية عقد مؤتمر بمشاركة علماء من مختلف الدول العربية لمناقشة هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الأمة وفكرة الدولة المدنية القائمة على المرجعية الإسلامية في مصر. وضمّ الوفد كلاً من الأمين العام للمنتدى المهندس مروان الفاعورى ومحمد الخطيب أمين سر المنتدى و منتصر الزيات رئيس المنتدى العالمي بمصر والأستاذ خالد الشريف أمين المنتدى بمصر ود. أحمد نوفل الداعية الاسلامي المعروف، إضافة إلى كل من المهندس بلال الشريف وعلى الشريف ومحمد هاشم ومحمد حسين أعضاء المنتدى.