قريب لى لا يتجاوز عالمه قراريط الأرض التى يزرعها سألنى هذا السؤال، فيما أنا مشغول بسؤاله عن البلد والأحوال. قلت له إن الرجل على المعاش.. فرد كأنه حكيم زمانه: وهل رئيس مصر لابد أن يأتى من قهوة المعاشات؟! المرشحون المحتملون حتى الآن كلهم ما عدا حمدين صباحى وأيمن نور، شباب فوق الخمسة والستين والسبعين عامًا. أكبرهم عمرو موسى شاب يناهز الثمانين.. حمدين يقترب من الرقم الستينى.. وأيمن ما زال أمامه سنوات عديدة، لكن السمنة تجعله أكبر كثيرا من عمره الحقيقي. سنة من الثورة جعلت الشعب المصرى كله يتحدث فى السياسة ومشغولاً بها رغم ظروفه المعيشية الصعبة.. انتهت الانتخابات البرلمانية فاتجه صوب الرئاسية.. لكنه حتى الآن لا يجد الرئيس.. ما زال مختفيا داخل السرداب! جميع المرشحين المحتملين مع احترامى لهم ينطبق عليهم سؤال قريبى: حيشتغل إيه؟.. وليس البرادعى فقط. لا كاريزما ولا قدرات سياسية واقتصادية معقولة.. مكانهم قهوة المعاشات، ومن كان منهم ميسورا ذا عمل خاص فإن ذلك العمل هو منتهى قدراته. ولو كانت الراحلة مارى منيب على قيد الحياة لسألتهم جميعا واحدا بعد الآخر باللكنة الإفرنجية التى استخدمتها فى مسرحيتها الشهيرة "إلا خمسة".. إنتى بتشتغلى إيه؟!.. مع الفارق أن عادل خيرى مثل لها بيديه الاثنتين وبنفس لكنتها "سواقة.. سواقة يا هانم"! حتى فى حالة ظهور مرشحين جدد بعد إطلاق الترشيح الذى حدد له المجلس العسكرى 15 أبريل القادم، لا يلوح أى أمل بظهور شخصية لا نحتاج لسؤالها "إنتى بتشتغلى إيه".. ثلاثون عامًا من الركود السياسى جرت خلالها عملية منظمة لحرق المواهب وأصحاب المهارات والقدرات، نتيجتها أن الطريق لقصر الرئاسة يمر عبر قهوة المعاشات. قبل 15 سنة وليس أقل كانت كاريزما عمرو موسى حية ترزق، وكان مناسبا جدا بصوته الجهورى ولغة حروفه الواضحة ليرأس جمهورية مصر، ووراءه شعبية جارفة حققها له خالد الذكر شعبان عبدالرحيم كما حقق عبدالحليم حافظ شعبية جمال عبدالناصر. عملية الحرق طالته فورا فلم يكن مسموحًا له أن يستمر، وتم نقله مبكرا إلى قهوة معاشات تحت مسمى الجامعة العربية براتب كبير.. سقط نظام مبارك بعد أن نُحرت كاريزما موسى، ونال ما نال من انتقادات هائلة من الأطراف العربية، واستعلاء من بعض وزراء الخارجية كونه موظفا عندهم. عمرو موسى سياسى ودبلوماسى أنيق وذو خبرات متراكمة، لكن الزمن تجاوزه، ومن البديهى أن يرتاح الآن. غيره أقل منه حظًا.. ليس لديهم كاريزما على الإطلاق. حمدين صباحى يحاول أن يعوضها بضحكة هائلة يطلقها كلما صافحه أحد فيذكرنى بالفنان محمد عوض فى أشهر أدواره "شرارة".. والعوا مفكر كبير بقامة لا ينازعها أحد لكن طريق الرئاسة وعر وفوق احتماله.. نور خارج الخدمة.. قل ما شئت عن أحمد شفيق.. فهل يستحقها وهو يغرق فى شبر مية فى أى حوار ويخرج مهزومًا كما رأيناه أمام طبيب أسنان متواضع الرؤية السياسية؟! أكيد لن يأتى غير المرشحين الحاليين أو من فى مستواهم.. لكن مصر ولادة. بعد سنوات من الديمقراطية والشفافية ستنجب قادة بالمواصفات التى نريدها. فى الوقت الراهن.. "على قد لحافك مد رجليك"! [email protected]