وفد أمريكي يزور محافظة دمياط لبحث دعم التنمية المستدامة    السيسي ورئيس دولة الإمارات يصلان مقر حفل تخرج دفعة جديدة من الأكاديمية والكليات العسكرية    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للري    رئيس وزراء ولاية بافاريا يزور الخط الأول بالقطار الكهربائي السريع    رفع حالة القوة القاهرة عن جميع الحقول والموانئ والمنشآت النفطية في ليبيا.    وزارة الطوارئ الروسية تعيد من بيروت 60 مواطنا روسيا    قائمة المغرب.. الركراكي يعلق على غياب ثنائي الأهلي والزمالك    تأهل علي فرج وهانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة قطر للإسكواش    حبس سائقين سرقا شركة خاصة في المعادى    نتيجة تسرب غاز.. مصرع سيدة إثر حريق منزلها بالمنوفية    سلوى عثمان: "لطفي لبيب دخل مع زوجي وهو يتقدم لخطبتي بطبق بسبوسة"    عبدالغفار: «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 100 مليون خدمة مجانية خلال 63 يومًا    الهيئة تلزم صناديق التأمين الحكومية بالحصول على موافقتها عند نشر أية بيانات إحصائية    باحث: الدولة تريد تحقيق التوزان الاجتماعي بتطبيق الدعم النقدي    مونديال الأندية.. ورود وأشواك| 32 بطلاً فى «أم المعارك».. وإنجاز تاريخى ينتظر الأهلى    رسميًا.. انتهاء أزمة ملعب قمة سيدات الزمالك والأهلي    شراكة بين بنك الإمارات دبي الوطني مصر ومجموعة طلعت مصطفى لتقديم خدمات مصرفية للعملاء    وزير الصحة: نظام الرعاية الصحية في مصر يشهد مراحل تطور سريعة    تعديلات قطارات السكك الحديدية 2024.. على خطوط الوجه البحرى    الرئيس السيسي يستقبل رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمطار القاهرة    العرض العالمي الأول لفيلم المخرجة أماني جعفر "تهليلة" بمهرجان أميتي الدولي للأفلام القصيرة    كيف تحجز تذاكر حفل ريهام عبدالحكيم بمهرجان الموسيقى العربية؟    «القاهرة الإخبارية»: بريطانيا تستعد لإجلاء رعاياها في لبنان برا وبحرا    جاكلين عازر تزف بشرى سارة لأهالي البحيرة    «أوقاف مطروح»: توزع 2 طن لحوم و900 شنطة مواد الغذائية على الأسر الأولى بالرعاية    «تقلبات جوية».. بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس غداً ودرجات الحرارة المتوقعة    وزارة التعليم: التقييمات الأسبوعية والواجبات المنزلية للطلاب مستمرة    الخطيب يُكلّف محمد رمضان بإخماد "ثورة" علي معلول في الأهلي    يوفنتوس يعلن إصابة بريمير بقطع في الرباط الصليبي    بيراميدز يخوض معسكر الإعداد فى تركيا    تعرف على إيرادت فيلم "إكس مراتي" بعد 10 أسابيع من عرضه    منها «الصبر».. 3 صفات تكشف طبيعة شخصية برج الثور    لطفي لبيب: تكريمي في مهرجان الإسكندرية السينمائي تتويج لمسيرتي الفنية    وزيرا الرياضة والثقافة يشهدان انطلاق فعاليات مهرجان الفنون الشعبية بالإسماعيلية    تعدد الزوجات حرام في هذه الحالة .. داعية يفجر مفاجأة    باحث شرعي: يوضح 4 أمور تحصن الإنسان من الشيطان والعين السحر    محافظ الغربية يبحث سبل التعاون للاستفادة من الأصول المملوكة للرى    أوكرانيا تهاجم قاعدة جوية روسية في فارونيش بالطائرات المسيرة    التضامن تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    فروع "خريجي الأزهر" بالمحافظات تشارك بمبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان"    اتفاق بين منتخب فرنسا والريال يُبعد مبابي عن معسكر الديوك في أكتوبر    لطفي لبيب يكشف عن سبب رفضه إجراء جلسات علاج طبيعي    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الحرص والبخل    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    ضاحي خلفان يثير جدلًا بتعليقه على اغتيال حسن نصرالله.. هل شمت بمقتله؟    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    مدبولي يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«موقعة الجمل».. يوم حمى الإخوان الميدان
أسرار أخطر أيام ثورة يناير
نشر في المصريون يوم 02 - 02 - 2016

* محمد عياد: لا أنسى السيدة العجوز التي كانت تزودنا بالحجارة حتى لا نتراجع
* جلال محمد: رجل في صلاة الفجر حذرنا من مجزرة سترتكبها عصابات «الوطني»
* أسامة نور الدين: القناصة كانوا يطلقون الرصاص من أعلى العمارات المطلة على الميدان
* أسامة عبد القادر ذو «الرداء الأحمر».. أمسك سلاح البلطجي بيد وبالأخرى أسقط الحصان

الأربعاء الموافق الثانى من فبراير 2011.. يوم يتذكره المصريون جيدًا، ذلك اليوم الذى وقعت فيه ما عرفت ب "موقعة الجمل"، حين قامت مجموعات كبيرة من "البلطجية" والموالين للحزب "الوطنى" وأنصار النظام السابق بشن هجوم على المعتصمين بميدان التحرير، فى محاولة لإرغامهم على إخلاء الميدان بالقوة، وفض الاعتصام الذى كان قد دخل يومه الخامس وقتذاك، فى محاولة يائسة لإنقاذ نظام حسنى مبارك، الذى كان يترنح تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية وتنامى الضغوط عليه لدفعه لمغادرة السلطة، وكانت النتيجة سقوط 11 شهيدًا، وإصابة نحو 2000 جريح.
وكان ذلك بعد يوم واحد من خطاب مبارك الذى وجهه إلى المصريين وحاول فيه استدرار عطفهم وامتصاص موجة الغضب الشعبى العارم جراء أحداث العنف الدامية فى يوم "جمعة الغضب" 28 يناير، عبر الادعاء برغبته عدم البقاء بالحكم، مستهدفًا من ذلك توجيه ضربة مضادة للحشود بميدان التحرير، من أجل إخماد لهيب الثورة المتصاعد وتفريق المعتصمين بالميدان، الذى كان محط أنظار العالم حينذاك، من خلال التعهد بعدم الترشح لولاية رئاسية جديدة، والانتقال السلمى للسلطة، مع تعهده بتعديل المادتين 76 و77 من الدستور، لكنه رفض أن يغادر البلاد كما فعل نظيره التونسى زين العابدين بن على الذى فر إلى السعودية قبل ذلك بأيام.
ففى صبيحة ذلك اليوم، سارعت أعداد كبيرة من البلطجية والمسلحين باتجاه ميدان التحرير بتخطيط وإشراف رجال مبارك وحاشيته من قيادات الحزب "الوطنى" ورجال أعمال، وبمساعدة الأمن، لأجل إفراغ الميدان من المعتصمين، واتخذوا من ميدان مصطفى محمود وأماكن أخرى نقطة للانطلاق. وقام البلطجية الذين قدموا من ناحية ميدان عبد المنعم رياض ومن الشوارع المحيطة بالميدان بمهاجمة المتظاهرين بالحجارة والعصى والسكاكين وقنابل المولوتوف، بينما امتطى آخرون ممن قدموا من منطقة نزلة السمان الجمال والبغال والخيول وهجموا بها على المتظاهرين وهم يلوحون بالسيوف والعصى والسياط فى مشهد أعاد للأذهان المعارك فى العصور الوسطى.

لكنهم لم ينجحوا فى اختراق ذلك الحائط المنيع الذى شكله الشباب المعتصمون بأجسادهم للتصدى لواحد من أكثر الهجمات بربرية، لينقلب السحر على الساحر، ويستعيد الثوار زمام المبادرة بفضل غباء رجال مبارك، الذين أرادوها معركة لتصفية الثوار، وإعطاء قبلة الحياة للنظام الذى كان فى طريقه للانهيار، إلا أنهم وبدلاً من ذلك وضعوا من حيث لا يدرون المسمار الأخير فى نعش النظام، بعد أن أثار مشهد الجمال والبغال والخيول سخط المصريين الذين كانوا يتابعون بذهول ما يحدث، وسرعان ما تحول التعاطف النسبى مع مبارك إثر خطابه إلى موجة سخط شعبى متزايد، وأدرك المصريون وقتها أن خطابه الناعم ليس سوى محاولة لتخديرهم فى معركة التشبث بالسلطة، معتمدًا على آلته الإعلامية المضللة، التى استهدفت بث الخوف والرعب فى نفوس المصريين من ذلك المجهول الذى ينتظرهم إذا ما تنحى عن الحكم!!

لا يمكن إنكار حقيقة، أنه لولا شجاعة وصمود الثوار فى تلك الموقعة الحاسمة من معركة إسقاط نظام مبارك، لما كان له أن يستسلم فى نهاية الأمر ويقر بالهزيمة بعد تسعة أيام من ذلك بإعلانه التنحى عن الحكم، لكنهم مع ذلك لم ينلوا من التقدير الإعلامى أو التكريم كما نال غيرهم، على الرغم من التضحيات التى بذلوها، ربما لأنهم لا يجيدون تسويق أنفسهم إعلاميًا، كما يفعل من هم دونهم شجاعة وإقدامًا، لكن الإعلام صنع منهم نجومًا ورموزًا للثورة وباتوا هم من يتحدثون الآن باسمها.
حكاية السيدة العجوز
محمد عياد أحد من شباب "الإخوان المسلمين" الذين قاوموا محاولة بلطجية مبارك اقتحام الميدان فى "موقعة الجمل" والذى تمكن من "أسر" أحد المهاجمين بعد أن أسقطه من على حصانه يروى ل "المصريون" تفاصيل ما دار فى ساحة المعركة فى ذلك اليوم وأسرارًا لم ترو من قبل، فيقول: كانت الساعة حوالى 11 صباحًا، عندما ظهرت إرهاصات الهجوم المباغت، والذى كنا نتحسب له، وأعددنا خطة مسبقة للتصدى له، مع قدوم مسيرة من أعلى كوبرى أكتوبر فى اتجاه ميدان التحرير، فعزمنا على تكوين جدار بشرى لمنع هؤلاء من التقدم نحو الميدان، لأن ذلك كان سيؤدى إلى خلط الأوراق، وخلق حالة من الفوضى، خاصة بعد خطاب مبارك، الذى لاقى صدى شعبيًا ودفع ببعض المعتصمين إلى المغادرة، وكنا نعلم أن ذلك هو محاولة لإيجاد مبرر لفض الاعتصام، وهو ما زاد من عزمنا على التصدى لهؤلاء وبكل ما أوتينا من قوة، حتى لو كانت أرواحنا هى الثمن، لأننا كنا نعلم أن الاعتقال أو الموت فى سجون مبارك هو مصيرنا المحتوم إذا ما فشلت الثورة، وتمكنا بالفعل من صد محاولة الاقتحام من ناحية عبدالمنعم رياض، وواجهنا بصدورنا الحجارة والمولوتوف، ولم تفلح محاولة "البلطجية" فى اقتحام الميدان، بعد أن أحكم الثوار سيطرتهم على مداخله، فى مواجهة محاولات الهجوم المتكررة من الشوارع الجانبية، ودارت معارك كرّ وفرّ استمرت ساعات، بينما وقفت قوات الجيش على الحياد ورفضت التدخل، واكتفت بإطلاق النار فى الهواء فى محاولة منها لتفريق المتظاهرين.
واستطرد قائلاً: لا أنسى تلك السيدة العجوز التى كانت تساعدنا فى مواجهة "البلطجية"، من خلال إفراغ الأكياس البلاستيك من الأطعمة وملئها بالحجارة، التى كانت تلقى علينا، حتى تكون لنا مددًا فى الرد عليهم، وحتى لا يستغل المهاجمون تراجعنا فيتقدمون إلى قلب الميدان، وتمكنا بالفعل فى التصدى للهجوم و"تحرير" كوبرى أكتوبر، حيث كان يتمركز المسلحون وسقط فى تلك المواجهات شهيد ومصاب.
غير أن الهجوم الأكبر والذى أصاب جميع من كان بالميدان بالدهشة البالغة، كان مع اقتحام العشرات الذين امتطوا الجمال والخيول الميدان، فى مشهد عبثى أعاد إلى أذهاننا حروب القرون الوسطى، وعصابات قطع الطرق، لكن حالة الاستغراب لم تستمر سوى لحظات فقط، لنقوم فى رد فعل غير مرتب بشن هجوم مضاد تمكنا خلاله من القبض على عدد كبير من البلطجية والمسلحين، واستطعت الإمساك بحصان وإسقاط من كان عليه، لأكتشف بعدها سيلاً من الدماء يتساقط من رأسى بغزارة، نتيجة ضربة قوية من رجل كان يمتطى جملاً شجت رأسى، وقمت بالتوجه للمستشفى الميدانى، وعلى الرغم من أن الجرح كان بحاجة ل "غُرز" إلا أنى رفضت وتحاملت على نفسى وعدت لأشارك فى تلك الموقعة التى كان يعول عليها النظام السابق فى وأد الثورة، معتمدًا على عناصر من "أمن الدولة" والشرطة، وأعضاء الحزب "الوطنى" وهو ما ظهر لنا من خلال "الكارنيهات" التى كانت بحوزة المجموعة التى أمسكنا بها واحتجزناها فى مدخل محطة المترو، قبل أن يتم تسليمها لاحقًا إلى قوات الجيش.
رسالة تحذير
فيما يروى الشاب الإخوانى جلال محمد تفاصيل ما حدث فى يوم "موقعة الجمل"، قائلاً:" بعد خطاب مبارك العاطفى فى مساء اليوم السابق الأول من فبراير انتابنا خوف كبير من انقلاب الشعب علينا وهواجس اقتحام المواطنين الميدان للخلاص منا، وبتنا ليلتنا فى حيرة وقلق وخوف، وبعد آذان الفجر ذهبت أنا وثلاثة من زملائى للصلاة بأحد مساجد الدقى، وبعد خروجنا من المسجد عقب انتهاء الصلاة نادى علينا رجل كان يصلى معنا، وسألنا: "انتوا من الإخوان؟، فسكتنا، فقال لنا: "انتوا باين عليكوا إخوان.. خدوا بالكوا كويس أحسن فى ناس من الحزب الوطنى عند ماسبيرو ناويين يهجموا عليكوا، فأخذنا الكلام من فمه دون اهتمام كبير، وفسرنا تحذيراته على أنه من الحزب الوطنى ويحاول بث الرعب والفزع فى صفوف من بالتحرير".
وتابع قائلاً: "ما إن عدنا إلى الميدان، وأخذنا قسطًا من النوم حتى الثامنة صباحًا، حتى سمعنا من المتظاهرين عن تكهنات بوجود بلطجية يثيرون الذعر فى الميدان، فتذكرنا كلام الرجل وتأكدنا – وقتها – بأنها خطة لبث الفوضى والرعب فى نفوسنا، فشددنا الرقابة على مداخل التحرير وتولى شباب الجماعة الإشراف على المداخل وتفتيش من يريد دخول الميدان، وفى حوالى الساعة العاشرة صباحًا تزايد الزحام عند مداخل الميدان، فلم نستطع إحكام الرقابة والتفتيش، فدخل كثيرون دون تفتيش، ومنهم من كان يحمل حقائب، أو شنطًا بلاستيكية كبيرة".
واستطرد: "فى حوالى الساعة الحادية عشرة انتشر فى الميدان ظاهرة غريبة وهى تواجد مواطنين ليسوا من الثوار يدعون لإمهال مبارك فرصة بعدما قرر ترك الحكم فى سبتمبر، وكل واحد منهم يدعو مجموعة، ويهددون بأن البلاد ستكون خرابًا فى حال استمرار الاعتصام فى الميدان، وعلت النبرة بين الموجودين، إلا أن الدكتور محمد البلتاجى والدكتور صفوت حجازى اللذين كانا معنا تنبئا بالمؤامرة وطلبا منا عدم الانصياع لوساوس رجال الحزب المنحل وأنصاره المنتشرين بالميدان".
وواصل: "عندما شعرت هذه المجموعة بفشل مهمتها بدأت تتجمع من أماكن متفرقة فى الميدان عند مدخل المتحف المصرى حتى تجاوز عددهم الألفى رجل، وظلوا يهتفون لمبارك لاستفزازنا، ولكن لم ننصع لهم ولم نطاوعهم، وفى حوالى الساعة 12ظهرًا ظهرت مجموعة جديدة منهم يحملون طوبا من نوع خاص أشبه بقطع الرخام المسنون، حيث كانت عربات نصف نقل تحمل كميات كبيرة من الطوب المسنون لمجموعات النظام البائد وتفرغ حمولاتها لهم وتعود أخرى محملة، وظلوا يرموننا بالطوب ونحن نحاول الرد عليهم فى معركة لاكتساب الأرض بين الكر والفر، استمرت حتى فجر الخميس".
ومضى قائلاً: "اعتمدت المجموعة التى تصدت لهجوم البلطجية والمعتصمون على ثلاثة أشياء لصد الهجمات وهى معاودة استعمال الطوب لرمى البلطجية به، واستعمال طوب من مخلفات شركة المقاولات التى كانت تعمل فى الميدان، والوسيلة الثالثة هى شبابية تتلخص فى قيام الشباب باقتلاع قطع بلاط من الرصيف وتقوم فتيات بتكسير قطع البلاط إلى طوب صغير لاستعماله، وفى تلك الأثناء تعرض شاب يدعى خالد عطا – من قرية كفر المحروق التابعة لكفر الزيات غربية – لأول حالة إصابة بالميدان، بعد إصابته بقطعة رخام فى رأسه، أخذ على إثرها 7 غرز، لكن معارك الكر والفر التى كانت تدور لاكتساب الأرض خلفت نوع من التنظيم داخل الميدان وليس فى صفوف "الإخوان" فقط، إذ تشابكت أيدى الجميع وتلاحم كل من بالميدان لإنجاح الثورة والتصدى بالأرواح لمحاولات إفشالها".
وعن دخول الجمال والخيول، قال إن بلطجية الحزب "الوطنى" المتجمعين عن مدخل المتحف وأثناء هتافهم لمبارك انشقوا إلى صفين وكونوا "حارة" للسير عرضها ما يقرب من 4 أمتار، ودخلت الجمال والخيول وكان البلطجية فوق ظهورها يحملون سيوفًا وسنجًا وكرابيج، وأثار هذا المنظر الذعر لأنهم كانوا يضربون يمينًا وشمالا بما يحملونه، ولكن بفضل العزيمة والتوفيق من الله استطعنا السيطرة على الموقف، فقام عدد كبير ممن يمتلكون عصى بوضعها بين أرجل الجمال والخيول فتقع منكبة على وجهها فأخذنا منها عددا كبيرا، وقبضنا على ركابها، وبعد تفتيشهم وجدناهم جميعًا تابعين لأجهزة أمن الدولة وأن منهم ضباطًا ومنهم أمناء شرطة، وأثناء معركة الجمال والخيول تم اختراق الميدان من جوانب عديدة وصعدت مجموعات البلطجية إلى أسطح العمارات المطلة على الميدان لاستمرار معركة الطوب، وبدء معركة إطلاق الرصاص واستخدام القناصة.

وعن كيفية تطهير العمارات القريبة من التحرير من البلطجية والقناصة, يروى الشاب الإخوانى قائلا: طلب حمزة صبرى أحد مسئولى الإخوان بالغربية من شباب الميدان أن يتطوع اثنان لمعاونته على اقتحام أسطح العمارات القريبة من الميدان، فتطوع اثنان من الشباب وصعد الثلاثة على سلم أحد العمارات، وعندما وصلوا لأعلى السطح وجدوا "جراكن" بنزين وزجاجات، حيث كان يتم إعداد قذائف المولوتوف، فأمسكوا بعبوات البنزين وسكبوها فوق سطح العمارة، وأمسك صبرى بالولاعة وطلب من البلطجية أن ينزلوا ويخرجوا أمامهم من الميدان نهائيًا وإلا أشعل سطح العمارة بهم، وهو ما تخوف منه بلطجية الوطنى ونزلوا فارين إلى خارج الميدان نهائيًا، وأخذت محاولات تطهير المبانى القريبة من الميدان وقتًا كبيرًا.
وكان عدد الإصابات فى صفوف الثوار كبيرًا إلى حد أنه عندما دخل مسجد عمر مكرم فجر يوم الخميس لم يجد مكانًا لقدم من كثرة الإصابات، وتراوح عدد المصابين داخل المسجد بين 2500 و3000 مصاب، فى حين كان المستشفى الميدانى مكتظًا هو الآخر بحالات حرجة.
رصاص القناصة
أما أسامة نور الدين، وهو أحد المعتصمين آنذاك فيتحدث عن القناصة الذين كانوا يطلقون الرصاص على المتظاهرين، ويقول إنه كان عن البوابة القريبة من ميدان عبد المنعم رياض فوجد أحد المتظاهرين قادمًا يصرخ من الفزع ودخل إلى الميدان بسرعة بسبب موت زميل له برصاص أحد القناصة، حيث أصابته الطلقة بين عينيه فانفجرت رأسه وطار منها المخ على الأرض، وتسبب ذلك فى حالة من الذعر والهلع داخل التحرير، وقد مات منا كثيرون عند هذه البوابة بالتحديد.

ويضيف: كنت أظن أن الأحداث التى تنحصر عند مدخل المتحف المصرى فقط، لكن تبين فيما بعد أنها عند كل المداخل بدءًا من مدخل كوبرى قصر النيل مرورًا بشارع محمد محمود، وانتهاء بشارع قصر العينى، وكانوا يقومون بتسليم كل من يتم القبض عليه إلى قوات الجيش، لكنهم عرفوا فيما بعد أن الجيش يطلق سراحهم، فقرروا حبسهم عند البوابات الحديدية لمدخل مترو الأنفاق بعد تكتيفهم بالحبال.

وأشار إلى أن "الإخوان" تركوا نزول الميدان للحرية الشخصية بدءًا منذ يوم 25 يناير؛ ولكن فى "جمعة الغضب" جاء التكليف الرسمى من الجماعة بضرورة حشد الملايين من كل أنحاء الجمهورية، مشيرًا إلى التنظيم العالى للإخوان الذى يشتهرون به، وبالتالى تولى شباب الجماعة مسئولية تأمين بوابات التحرير ومداخله طوال فترة الثورة، فكانت كل محافظة تتولى تأمين مدخل من المداخل، والمحافظة نفسها تقسم نفسها إلى مراكز يتولى كل مركز التأمين ساعتين أو ثلاث ساعات حسب عدد الشباب الموجود بالميدان.

وأوضح أنه يوم موقعة الجمل تلقينا دعمًا كبيرًا من شباب الميدان عن طريق تكوين حوائط صد بشرية، لعدم فقد الأرض فى معركة الكر والفر والطول والقناصة، وكذلك تأمين المداخل جيداً لمنع اختراق الميدان كما حدث فى بداية يوم الأربعاء 1 فبراير.

ولا ينسى عند الحديث عن "موقعة الجمل" ذلك الشاب صاحب "الرداء الأحمر"، أسامة عبد القادر، وهو واحد من شباب "الإخوان المسلمين"، ويسكن بمنطقة شبرا، والذى قام تحت طلقات الرصاص وقنابل "المولوتوف" وفى شجاعة نادرة بالقفز فوق الحصان وبيد أمسك بسلاح فى يد البلطجى وبيده الأخرى أمسك بالبلطجى وظل ممسكا به حتى أوقعه وحصانه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.