في تعليقها على محادثات جنيف بشأن الأزمة السورية, قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إن الولاياتالمتحدة والدول الغربية قدمت تنازلات لروسيا وإيران مكنت نظام بشار الأسد من الاستمرار في ضرب المدنيين. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 31 يناير أن الهدف المعلن لمحادثات جنيف بشأن تحقيق السلام, هو أمر بعيد المنال, ويجب التركيز في البداية على المأساة الإنسانية بسوريا. وتابعت " الغرب يضغط على المعارضة السورية، رغم أن هذا الضغط يجب أن يُمارس على داعمي الأسد في موسكو وطهران". واستطردت " تمكين الأسد خلال محادثات جنيف من أن تكون له اليد العليا, لن يفعل شيئا غير تعزيز ما يقوله تنظيم الدولة عن أنه الوحيد القادر على الدفاع عن المسلمين السُنة". وأشارت إلى أن التعامل مع هذه المحادثات بشكل خاطئ, لن يؤدي إلى السلام, وقد ينتهي بها إلى تعزيز تنظيم الدولة. وكان مبعوث الأممالمتحدة ستيفان دي ميستورا التقى مع وفد المعارضة السورية في جنيف مساء الاثنين الموافق 1 فبراير. واعتبر دي ميستورا أن هذا الاجتماع مع المعارضة هو البداية الرسمية للمباحثات بشأن سوريا، مضيفا أن على القوى الكبرى العمل على إنجاح المباحثات لوقف القتال بسوريا. وتابع "هدفنا الآن هو ضمان تمثيل جميع أطياف السوريين في المباحثات" معتبرا أن إطلاق سراح المعتقلين سيكون مؤشرا جيدا لبدء المباحثات. ومن جهته، قال المتحدث باسم وفد المعارضة في مباحثات جنيف سالم المسلط خلال مؤتمر صحفي إن اللقاء مع دي ميستورا كان إيجابيا فيما يخص الشق الإنساني، مضيفا أنهم ناقشوا مع المبعوث ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 قبل الدخول في المفاوضات. وردا على سؤال بشأن إمكانية التفاوض مع النظام، قال المسلط إن اجتماع الاثنين كان لمناقشة الجانب الإنساني، و"إذا كانت هناك نوايا صادقة لدى الطرف الآخر" فستسعى المعارضة لتحقيق العملية السياسية التي جاءت من أجلها إلى جنيف. وقال المسلط إن الطرف الحقيقي الذي يحاصر السوريين هو النظام، مؤكدا أن وفد المعارضة يطالب برفع الحصار عن المناطق كافة، وأنه يريد حلا جذريا لمشاكل السوريين في المناطق كافة. وتعليقا على سؤال بشأن اعتراض روسيا على مشاركة ممثل جيش الإسلام محمد علوش في الوفد، قال المسلط إن جميع الفصائل الثورية موجودة وممثلة في الوفد المفاوض، مضيفا أن روسيا تعتبر جميع الشعب السوري إرهابيا باستثناء بشار الأسد، وأن الإرهابي الوحيد في سوريا هو النظام والميليشيات التي استقدمها من الخارج أو صنعها في الداخل ومنها تنظيم الدولة، وفق قوله. وفي وقت سابق الاثنين، قال المسلط إن المعارضة تلقت ضمانات بتطبيق قرار مجلس الأمن, وهو ما يعني سماح النظام السوري بعمليات الإغاثة الإنسانية ورفع الحصار ووقف الهجمات على المدنيين، لكن بشار الجعفري رئيس وفد النظام السوري, قال إن "دمشق تدرس خيارات مثل وقف إطلاق النار وممرات إنسانية وإطلاق سراح سجناء" معتبرا أن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تأتي نتيجة للمحادثات وليست قبلها. وبدوره، قال رئيس الوفد المفاوض للهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض أسعد الزعبي في بيان إن المعارضة لن تتنازل عن مطالبها بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 بشكل كامل، وعلى الأخص المادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة, وأنه لن تكون هناك مفاوضات مع نظام الأسد قبل تنفيذ ذلك. ونقلت "الجزيرة" عن الزعبي قوله إن لقاء المعارضة مع دي ميستورا تضمن ثلاث نقاط, وهي وقف القصف الروسي على مناطق الثوار، وفك الحصار عن المناطق التي يحاصرها النظام وحزب الله وإيصال المساعدات للمحاصرين، وإخراج المعتقلين. ومن ناحيته، قال كبير المفاوضين في وفد المعارضة محمد علوش إن الوفد جاء إلى جنيف لينقل رسالة من الشعب السوري إلى العالم حول حقيقة ما يجري على الأرض في سوريا. وأكد علوش ل"الجزيرة" عند وصوله مطار جنيف أن الفصائل المسلحة وعلى رأسها جيش الإسلام جزء من الشعب والمعارضة السورية، وأن من يريد أن يصنف الاٍرهاب "عليه ألا يرتكب ثمانين مجزرة ضد الشعب السوري", في إشارة إلى روسيا. ومن جانبه, قال رئيس مفوضية حقوق الإنسان لدى الأممالمتحدة زيد بن رعد الحسين الاثنين إن تجويع المدنيين السوريين يرقى لمستوى جرائم الحرب ويشكل جريمة محتملة ضد الإنسانية يجب محاكمة مرتكبيها ولا ينبغي أن يشملها أي عفو مرتبط بإنهاء الصراع. وخلال مؤتمر صحفي في جنيف، مكان انعقاد محادثات السلام السورية, أضاف الحسين "في حالة سوريا، نحن هنا لتذكير الجميع بأنه حيث تكون هناك مزاعم تصل إلى حد جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية فإن العفو غير جائز". وأشار إلى أن تجويع الناس في بلدة مضايا و15 بلدة ومدينة أخرى في سوريا "ليست جريمة حرب فقط بل جرائم ضد الإنسانية إذا أثبتت في المحاكم". وقدر الحسين أن عشرات الآلاف محتجزون بطريقة تعسفية في السجون السورية ويجب الإفراج عنهم. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اعتبر أيضا استخدام التجويع والحصار في بلدة مضايا بريف العاصمة السورية "جريمة حرب"، متهما أطراف الصراع بارتكاب أفعال يحظرها القانون الإنساني الدولي. وقال بان كي مون :"إن أطراف النزاع كافة في سوريا، بما في ذلك الحكومة التي تتحمل المسئولية الرئيسية لحماية مواطنيها، يرتكبون أفعالا محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي".