الحكومة تستخدم منهجية رئيس «المركزي للمحاسبات» في كشف الفساد.. ولجنة تقصي الحقائق المؤلفة من وزارات متهمة بالفساد تهاجمها انتقدت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، تقرير اللجنة التي شكلها الرئيس عبدالفتاح السيسي حول تصريحات المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات حول أن تكلفة فاتورة الفساد تقدر ب 600مليار جنيه خلال السنوات الأربع من 2012 إلى 2015. اللجنة التي ترأسها رئيس هيئة الرقابة الإدارية وضمت في عضويتها ممثلين عن كافة الأجهزة النيابية والقضائية والرقابية، فضلاً عن نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، وصفت دراسة جنينة بأنها "فاقدة للمصداقية ومضلل", وقالت إنها غير محددة المدى زمنيًا. وقالت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" في تقرير أصدرته اليوم، إنه "كان من المتوقع احترامًا لاستقلالية الجهاز ومبدأ الفصل بين السلطات، أن تنظر هذه اللجنة في وقائع الفساد المذكورة وأن تتحقق منها، بدلًا من الاتهامات التي انتهت إليها اللجنة للجهاز ورئيسه بتضليل الرأي العام والمبالغة في تقدير تكلفة الفساد وعدم تعريف الفساد بدقة، مما يؤدي إلى الإضرار بالمناخ السياسي والاقتصادي للدولة، على حسب التقرير". وفيما تساءل التقرير عن أهداف وجدوى ذلك التصريح مع تسليط الضوء على أن الدراسة معدة بالاشتراك مع جهات أجنبية، اعتبرت "المبادرة المصرية"، أن هذا التساؤل "يمهد الطريق لاستخدام قانون إعفاء رؤساء الأجهزة الرقابية من مناصبهم، الذي يسمح للرئيس بعزل رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات دون الرجوع إلى مجلس النواب". وانتقدت "المبادرة" في السابق القانون "لما يحمله من شبهات تعارض مع العديد من القوانين الأخرى والمبادئ الدستورية مثل المادة 215 من الدستور الحالي، التي تنص على تمتع الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال الفني والمالي والإداري والمادة 216 التي تنص على ضمان استقلال الأجهزة الرقابية في القانون الخاص بها، وحماية أعضائها بما يكفل لهم الحياد والاستقلال وضرورة موافقة مجلس النواب على تعيين رؤساء الجهات الرقابية والأجهزة المستقلة من قبل رئيس الجمهورية". وأشارت إلى أنه "يتعارض أيضًا مع المادة 20 من القانون رقم 157 لسنة 1998 بتعديل بعض أحكام قانون الجهاز المركزي للمحاسبات الصادر بالقانون رقم 144 لسنة 1988 والتي تنص على عدم جواز إعفاء رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من منصبه". وتطرقت "المبادرة" إلى تشكيل لجنة تقصي الحقائق، قائلة إن "تشكيلها في أغلبه وزاريًّا"، إذ "يتشكل قوامها الأساسي من أعضاء بوزارة العدل والتخطيط والمالية والداخلية، وشكلت بتكليف من رئاسة الجمهورية وهي جميعها جهات حكومية تنفيذية خاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات بما فيها وزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية"، فيما أشارت إلى أن "وزارة التخطيط كانت طرفًا في الدراسة موضع الخلاف". واعتبرت أن "كل هذه الأمور الهيكلية والتنظيمية تعصف باستقلال الجهاز المركزي للمحاسبات فكيف يمكن للجهاز أن يمارس عمله باستقلالية، والجهات التي يراقب عليها لديها القدرة للتحول إلى المراقبة عليه بل وتوجيه الاتهامات". وقالت: "يشكل كل هذا انتهاكات لنصوص دستورية وقانونية واضحة تضمن استقلال الجهاز. كان من المتوقع أن يقتصر دور اللجنة على النظر في والتحقق من وقائع الفساد المذكورة بالدراسة، وتقديم توصياتها في هذا الضوء بعيدًا عن اللهجة العدائية والاتهامية التي استخدمها تقرير تقصي الحقائق". وعلقت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" على نشر بيان لجنة تقصي الحقائق في عدد من وسائل الإعلام ومنها التليفزيون الرسمي للدولة، وتم توصيفه ك "بيان للرأي العام"، قائلة: "الرأي العام حتى هذه اللحظة أمامه صورة غير كاملة ومعلومات منقوصة، ولا يصله منها إلا شعور بصراع دائر بين بعض المسئولين في الحكومة ورئيس الجهاز". وأشارت إلى أنه "لا يوجد سبب معلن حتى الآن لعدم نشر تقرير لجنة تقصي الحقائق كاملًا، ونشر دراسة الجهاز المركزي للمحاسبات موضوع التقصي، حتى يكون أمام الرأي العام الحقيقة كاملة، وبخاصة أن البيان نصَّ على أن التقرير "بات ملكًا للرأي العام". وقالت إن "انتقاء ما يصل إلى الرأي العام وما يحجب عنه، ممارسة تتعارض مع مبادئ الشفافية وحرية تداول المعلومات وحق المواطن المصري في المعرفة، وهي المبادئ التي تلتزم بها مصر في دستورها وقوانينها والاتفاقات الدولية". وذكرت أن الدستور المصري في المادة 68 ينص على أن "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية". وتحظر المادة 9 من قانون الصحافة رقم 96 لسنة 1996 "فرض أي قيود تعوق حرية تدفق المعلومات" أو "يكون من شأنها تعطيل حق المواطن في الإعلام والمعرفة". وأضافت "يستحيل على الرأي العام معرفة ما إذا كانت الدراسة موضع التحقيق مضلِّلَة ومبالِغة، بدون عرضها على الرأي العام وجعلها متاحة للباحثين والمجتمع المدني والمهتمين، وبدء نقاش حول المنهجية المتبعة للوصول إلى هذا الرقم، وتعريف الفساد، خاصة بعد اتهام لجنة تقصي الحقائق جنينة بإساءة استخدام مصطلح الفساد، دون شرح لطريقة الإساءة ودون تقديم تعريف بديل". ولفتت إلى أن "الدراسة التي استند إليها تصريح جنينة قامت باحتساب المكسب الفائت والفرصة الضائعة على الدولة دون أن ينطوي ذلك بالضرورة على جريمة واضحة، وبخاصة في ملف التعدي على أراضي الدولة، وتخصيصها". وقالت إن "هذه المنهجية في حساب تكلفة الفساد منتشرة ومستخدمة من قبل الحكومة المصرية والقضاء المصري والكثير من المنظمات الدولية، فعلى سبيل المثال، استندت الكثير من أحكام بطلان عقود تخصيص الأراضي بالأمر المباشر في السنوات الماضية إلى نفس طريقة الحساب، وهي مقارنة ثمن تخصيص الأرض بالأمر المباشر بقيمتها السوقية، واعتبار الفارق بينهما إهدارًا للمال العام حتى لو لم يخالف ذلك القانون". وأشارت إلى أنه "في كل حالة من تلك الحالات، كانت تقدر قيمة المال العام المهدر بالمليارات أو مئات الملايين، وكان يوجد العشرات من قضايا تخصيص الأراضي بالأمر المباشر المنظورة أمام المحاكم، وحُكِم في العديد منها باستخدام هذا الأسلوب الحسابي". وذكرت أن "هيئة الرقابة الإدارية استندت في إعدادها للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في أواخر عام 2014، إلى أرقام التهرب الضريبي والجمركي (التي تستخدم أيضًا تقديرات الكسب الفائت أو الفرصة الضائعة حتى لو لم تَنْطوِ على جريمة واضحة) والتي قدرتها أيضًا برقم ضخم وهو 62 مليار جنيه في عام 2013 وفقًا للإستراتيجية". وقالت: "إذا افترضنا وجود نفس القدر من التهرب الضريبي في الأربع سنوات من 2012-2015 وهي الفترة المغطاة في تقرير المركزي للمحاسبات، وفقًا لبيان صحفي رسمي من الجهاز المركزي للمحاسبات، فيكون فقط إجمالي التهرب الضريبي والجمركي 248 مليار جنيه عن نفس الفترة". وأوضحت أنه "بعد استخدام الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد لأرقام واردة في دراسة: "تحليل تكلفة الفساد في مصر"، التي أقرها رئيس مجلس الوزراء وأعدتها مجموعة من الأجهزة الرقابية بقيادة الرقابة الإدارية، عادت بعد عام لجنةٌ، أغلب تشكيلها وزاري ويرأسها رئيس هيئة الرقابة الإدارية لتهاجم منهجية الدراسة التي استخدمتها الهيئة فيما قبل". وأوصت "المبادرة المصرية" بنشر تقرير لجنة تقصي الحقائق ودراسة الجهاز المركزي للمحاسبات موضوع التحقيق، صونًا لحق المواطنين في المعرفة والوصول إلى المعلومات ذات النفع العام، والتوقف مستقبلًا عن جميع أشكال تدخل السلطة التنفيذية في أعمال الأجهزة الرقابية ضمانًا لعدم تكرار الأزمة الحالية، وعلى رأسها إلغاء القانون رقم 89 لسنة 2015 والذي يجيز لرئيس الجمهورية عزل رؤساء الأجهزة الرقابية دون الرجوع إلى مجلس النواب.