كان شعار الثورة الأول الذى هتف به الجميع دون ترتيب مسبق أو اتفاق، إنه "العيش" الذى قامت عليه ثورة ال25 من يناير، خاصة أن العيش لدى الشعب المصرى لا يقف عند رغيف الخبز فحسب، وإنما يتعداه إلى مقومات المعيشة الضرورية من أنبوبة البوتاجاز، وكوب الماء النظيف، والمسكن البسيط الذى يؤويه، ويقيه من حر الصيف وبرد الشتاء، هو يريد مكانًا لابنه فى مدرسة تقدم تعليمًا مفيدًا ومتقدمًا، هو يريد سريرًا له فى مستشفى مجهز بكل أدوات العلاج. وكان أمل المصريين بعد الثورة أن تتحسن معيشتهم التى طالما حلموا بأن يحيوها كرامًا، ولكن بعد مرور 5 سنوات على الثورة، وتعاقب 4 رؤساء على مصر، بدءًا من المجلس العسكرى مرورًا بالرئيس الأسبق محمد مرسى والمؤقت عدلى منصور ونهاية بالرئيس الحالى عبد الفتاح السيسي، شهدت مصر تراجعا فى مستوى المعيشة، فقد انخفض سعر الجنيه أمام الدولار. وفى الوقت الذى أعلنت فيه وزارة المالية تراجع معدل نمو الاقتصاد مع تراجع أنشطة السياحة، والصناعة، والاستثمارات المحلية والأجنبية، أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع نسبة الفقر ومعدل البطالة، فضلا عن تراجع الاحتياطى النقدى الأجنبى لمصر فى الوقت الذى سجلت فيه ديون مصر الداخلية والخارجية زيادة تتجاوز 100% عن قبل الثورة. وكذلك وبرغم من وعود الحكومة المتكررة بالقضاء نهائيًا على أزمة البوتاجاز، لكن تلك الوعود لم تمنع ظهور الأزمة خلال الحكومات المتعاقبة، فطوابير البوتاجاز ما زالت مستمرة. الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، الخبير الاقتصادى الدولى، أكد تراجع الوضع الاقتصادى فى مصر بعد ثورة يناير، لأنه مرتبط بجودة الحياة من خلال تقديم الخدمات التى يتم تقديمها للمصريين، قائلاً: "الأوضاع الاقتصادية منيلة بنيلة خاصة فى الفترة الأخيرة". وأضاف عبده فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أنه تم فهم الثورة خطأ نتيجة ربطها بالجانب السياسى فقط وإهمال الجانب الاقتصادى فتدهورت الأوضاع الاقتصادية، مشيرا إلى أن الاحتياطى النقدى قبل الثورة كان 36 مليار جنيه ولكنه انحدر بعد الثورة. وتابع أنه فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى تراجع التصنيف الائتمانى فى مصر أربع مرات، موضحا أن مصر الآن أصبحت غير قادرة على سداد ما عليها من ديون برغم من ازدياد معدل النمو قليلاً هذا العام ولكن ليس بشكل كبير. وأوضح أن الوضع الاقتصادى فى مصر ينبئ بأنها فى بداية الإفلاس أو ثورة جياع، خاصة مع زيادة القروض الداخلية بشكل ملحوظ نتيجة إلغاء الحكومة لوزارة التنمية الإدارية المسؤولة عن عمل الشعب المصرى، فضلا عن تناقص مصادر العمالة الأجنبية وضرب السياحة والتى كانت تعود على مصر بمبلغ 12 مليار دولار قبل الثورة انخفض إلى 6 مليار فى عام 2015، متوقعا أن ينخفض إلى 4 مليارات هذا العام.