يبدو أن تداعيات عملية "تل أبيب" لن تقتصر على إثارة الرعب بين الإسرائيليين, بل إنها قد تتسبب أيضا بخسائر اقتصادية فادحة لتل أبيب, خاصة بعد التحذير الذي أصدرته كل من بريطانيا والولايات المتحدة. وحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 4 يناير, فإن وزارة الخارجية البريطانية أصدرت تحذيرا لمواطنيها بعدم السفر لبعض الأماكن في إسرائيل عقب عملية تل أبيب، وضرورة أخذ الاحتياطات الأمنية والاستماع لتعليمات أجهزة الأمن. وبرّرت الخارجية البريطانية الأمر بالتغير المتسارع في الوضع الأمني بإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، فهو متوتر وغير متوقع، وتحصل فيه حوادث عنيفة، بما فيها عمليات إطلاق النار والطعن. وتابعت "هناك مخاوف على حياة السياح الأجانب من التعرض لمثل هذه الحوادث المذكورة، ولذلك طلبت الخارجية البريطانية من رعاياها عدم السفر عبر الحافلات إلى القدس". وفي السياق ذاته, دعت السفارة الأمريكية في تل أبيب مواطنيها الموجودين بإسرائيل بالمحافظة على اليقظة وإبداء قدر أكبر من الحذر، والامتناع عن الاقتراب من أماكن المواجهات، والبقاء في حالة استماع دائم لوسائل الإعلام المحلية، لأن الوضع الأمني في إسرائيل معقد. وذكرت السفارة الأمريكية - حسب "يديعوت أحرونوت"- أنه رغم ما تبذله الحكومة الإسرائيلية من جهود كبيرة لضبط الوضع الأمني، فإنها لا تستطيع ضمان منع تنفيذ عمليات دامية على أيدي منفذين وحيدين, أو منظمات مسلحة. وكانت "يديعوت أحرونوت" ذكرت أيضا في 3 يناير أن الآلاف من قوات الشرطة الإسرائيلية وجهاز الأمن العام "الشاباك" وحرس الحدود، يواصلون بذل جهودهم للعثور على منفذ عملية "تل أبيب", التي وصفتها ب"المعقدة". وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن عملية إطلاق النار التي وقعت في مطلع يناير قرب حانة بتل أبيب, وخلفت مقتل إسرائيليين اثنين، نفذها فلسطيني يقطن في قرية عرعرة داخل الخط الأخضر. وتابعت أنه سبق لمنفذ العملية -واسمه نشأت ملحم "28 عاما"- أن اعتقل في السجون الإسرائيلية عام 2007 لمحاولته اختطاف سلاح جندي إسرائيلي انتقاما لمقتل ابن عمه الذي قتل برصاص شرطي إسرائيلي. واستغربت الصحيفة سبب الامتناع عن إطلاق النار على منفذ العملية مع أن العديد من الإسرائيليين يمتلكون أسلحة شخصية، موضحة أن أحد الإسرائيليين كان مسلحا, لكنه أصيب بالذهول لحظة وقوع العملية, ولم يخطر على باله إطلاق النار على المنفذ. وكشفت "يديعوت أحرونوت" أن الإسرائيليين لا يعرفون ماذا يفعلون، وينظرون في جوالاتهم بانتظار تلقي تعليمات أمنية جديدة، لأن "عملية تل أبيب" سببت لهم حالة من الهستيريا الحقيقية, خاصة في ظل عجز الشرطة, التي تنتشر في كل الأماكن, عن إلقاء القبض على منفذ الهجوم. وكانت الأجهزة الأمنية الاسرائيلية قالت إنها تشتبه في أن منفذ عملية إطلاق النار قرب حانة بشارع ديزنغوف وسط تل أبيب الجمعة 1 يناير, والتي أسفرت عن مقتل إسرائيليين اثنين وجرح آخرين, من فلسطينيي الداخل. وأضافت شرطة الاحتلال أن كاميرات مثبتة داخل متجر قريب من الحانة سجلت صورا لرجل يرتدي زيا أسود ويشتري خضروات، وأخرج بعد ذلك سلاحا ثم خرج من المتجر، وشوهد وهو يطلق النار باتجاه الحانة، كما أظهرت لقطات من داخل الحانة هروب مرتاديها واختبائهم وسط وابل من طلقات الرصاص. وبعد ذلك, أعلنت شرطة الاحتلال توصلها لهوية منفذ الهجوم المسلح في قلب تل أبيب الجمعة، وهو فلسطيني يدعى نشأت ملحم في ال28 من عمره، يقطن بقرية عرعرة في المثلث داخل الخط الأخضر, موضحة أنها لم تتمكن بعد من إلقاء القبض عليه. وفي 2 يناير, أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضعه خطة لتشديد الإجراءات الأمنية في مناطق فلسطينيي الداخل, بصورة جذرية، على خلفية عملية تل أبيب. وتوعد نتنياهو بمكافحة ما سماها الجريمة وبسط سلطة القانون في الوسط العربي داخل الخط الأخضر. وأضاف "لا يمكن القول أنا إسرائيلي في الحقوق وفلسطيني في الواجبات، من يرد أن يكون إسرائيليا يجب عليه أن يكون كذلك في الاتجاهين، والواجب الأول هو الرضوخ لقوانين هذا البلد". وليست هذه هي المرة الأولى التي تشدد فيها إسرائيل من إجراءاتها ضد عرب الداخل، فقبل أيام, أدان عضو الكنيست الإسرائيلي جمال زحالقة الإجراءات الإسرائيلية ضد القيادات العربية في الداخل الفلسطيني، معتبرا أنها تأتي لإسكاتهم عن القضايا الجوهرية التي تواجه الشعب الفلسطيني. وتحدث في هذا الإطار عن حظر إسرائيل للحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، ومحاكمة عضو الكنيست حنين الزعبي بتهمة إهانة موظف دولة، والتلويح بحظر أحزاب عربية، فضلا عن الإجراءات ضد قيادات فلسطينية في الداخل. ونقلت "الجزيرة" عن زحالقة, قوله :" إن ما يمارس من قبل حكومة نتنياهو يتناغم مع سياسة اليمين الإسرائيلي القائمة على رؤية العربي خطرا على الأمن الإسرائيلي".