أقرأ لحضرتك وتعجبنى بعض آرائك وليس كلها، جيلكم عمومًا يكتب بمثالية زائدة والحقيقة إننا نحن العيال كما تصفوننا عمليين جدا. أنا (نورا) طالبة فى المرحلة الثانوية عندى صاحب زى كل البنات، نتكلم سوا فى الموبايل بالليل بعد ما الناس تنام لأنه تقريبا هو الوحيد اللى فاهمنى ونخرج أحيانا نتمشى، أنا مش عارفه ده حب واللا أيه وما افتكرش أننا ح نتجوز فى يوم من الأيام وعارفة أننا أكيد ح نسيب بعض. ليه بنعمل كده؟ علشان نلحق ناخد أى حاجة من الدنيا، أحنا من أسر عادية كلها مشاكل والأهل مش حاسه بينا، أمى مثلا توفر الفلوس سرا حتى تستطيع ترك أبى فى أقرب فرصة وهى وتعامله معاملة سيئة لأنه لم يحقق لنا المستوى الاقتصادى المرتفع مثل خالتى التى تعيش فى فيلا، وأمى دائما تندم أنها تزوجت من إنسان فاشل لم يستطع أن يسعدها، أحوال زميلاتى فى البيوت تشبهنا، صاحبتى المقربة تعيش مع أمها فى بيت جدتها معظم الوقت لأن أمها تضيق بطلبات أبيها ولا تحب أن تقضى وقتها فى الطبخ والغسيل، زميلة أخرى أبوها يتنقل من زيجة إلى زيجة وأمها زهقت منه ولم تعد تسأل عنه خالص، عندما أشاهد مسلسلات التليفزيون أقول ياريت فيه كده فى الدنيا، فى المسلسلات الأسرة متحابة مترابطة يجلسون على مائدة الطعام وهو يتكلمون معا ويضحكون ويقبلون يد أبيهم، البيوت فى الحقيقة أصبحت مجرد أماكن للتجمع والمبيت، لايجمع أهلها حوار ولا طعام ولا حاجة. أرجو أن تفهميننى أنا متدينة وأصلى بانتظام منذ الصغر ومحجبة وأمى هى التى عودتنى على ذلك وأهالينا ناس متعلمة ومحترمة، أحنا بس فتحنا عيوننا على دنيا ملخبطة وبنتعامل على أساس اللى يقدر ياخد حقه من الدنيا ياخده فورا بطريقته ولا ينتظر أن يأتى الحظ إلى بابه لأنه كتير جدا لا يأتى أبدا. الرد كان هذا ملخص رسالة فتاة رمزت لاسمها (الحب من حقنا) والحقيقة أننى بذلت جهدا فى اختصار وتهذيب الرسالة من الأخطاء الإملائية والكلمات غير المفهومة، والتى تكررت كثيرا وخاصة كلمة (فاكس) والتى تستخدم بمعنى (بلا طائل) وإن كنت قد تركت الرسالة بعاميتها وأسلوبها لتعبر عن روح صاحبتها. ربما تكون البداية السليمة للرد على الفتاة هى آخر ما ورد فى كلامها (فتحنا عيوننا على دنيا ملخبطة) عندما تضطرب الحياة وينشغل الكبار بمعارك لا نهاية لها وتهتز الثوابت وتصبح قابلة للنقاش والعراك حولها ويشتد كل فريق فى جذب الحبل ناحيته فإنه يصبح لا وقت للتربية ولا فائدة أيضا. كثير من الأسر هى انعكاس للاضطراب الشديد فى المجتمع، الأم مثلا محجبة وحريصة على تعويد ابنتها على الصلاة وحريصة أكثر على تعليمها وتفوقها الدراسى ولكن علاقتها السيئة بالأب ومقارنتها بأختها وقياسها لنجاحه وفشله بالناحية المادية فقط فتح ثغرة كبيرة فى تربية البنت وأدى أيضا لاهتزاز صورة المثل الأعلى لديها، تربية الأبناء تختلف عن تربية الكتاكيت لا يكفى أن نضع لهم ما يحتاجونه من طعام وشراب ونشعر تجاههم بالحب فقط، تحتاج التربية خلفية اجتماعية سليمة وقدوة صالحة وقيم تمارس أمامهم، الأسرة تربة يجب أن تكون صالحة، وإلا فإن العيب عند الكبار فهم من قدموا صورة مهتزة للجيل الجديد، مشاكل التربية لدينا تحتاج مجلدات ويمكن باختصار أن نقول إذا أردت أن تربى ابنك ربِ نفسك أولا، التربية تحتاج حبا غير مشروط وتعامل يبث الثقة والأمان فى نفس الابن ونقل إحساس الأمان والاستبشار بالمستقبل إليه ثم دعه ينطلق ويتحمل مسئولياته. أما أنت يا ابنتى فلماذا تبدو كلماتك كأنها عراك وتحد؟ لو كنت تدافعين عن وجهة نظر مقنعة لما انفعلت هكذا؟ عندما تضطرب الأمور لابد أن يبدأ شخص ما بالفعل الصحيح، لماذا لا تكون فتاة جميلة مثلك هى التى تبدأ بالسير فى طريق الإصلاح؟ يحدث ذلك كثيرا، خاصة أن أخطاءك حتى الآن محدودة ويمكن التراجع عنها، دعك من هذا الفتى الذى تسمينه صاحب فيمكنك بسهولة أن تتكلمى وتتفاهمى وتتمشى مع زميلة وستكون هى الأقرب لك، أما إن كنت تفعلين ذلك من باب تقليد الأخريات فهذا لا يليق بك، أنت فتاة مستقلة ولست مجرد تابع يقلد تقليدا أعمى، وفكرى بالعقل وزنِي بين المكاسب والخسائر ستجدين نفسك خاسرة طول الوقت. تخسرين احترامك لنفسك، وهذا سبب عصبيتك وكتابتك لى، أنت تفرغين حمولة ناء بها ضميرك وتودين التخلص منها ودفاعك هو تبرير ضعيف لا يقنعك أنت نفسك. تخسرين ثقة والديك ورضاهما عنك وفخرهما بك، حتى لو لم يعرفوا التفاصيل فبالتأكيد سيشعرون أن براءتك تتلاشى ومواعيدك تضطرب وأحوالك تسوء. تخسرين سمعتك وهذه بالذات لا تعود إذا فقدت فهى ثوب ناصع البياض يعكره أقل الدنس، تخسرين بهجة مشاعرك الأولى فتتعجلين بذلها مع عابر سبيل فى حياتك بدلا من ادخارها لزوج المستقبل الذى يستحقها فعلا. الحب يا ابنتى عندما يأتى نصيبك وتعرفينه هو أسمى وأروع مما تظنين وهو كنز حقيقى لا يمكن اختطافه قبل أوانه ولا يعثر عليه العابثون فى الطرقات، هو ليس كلاما أجوف، كذلك الذى تسمعينه فى التليفون من فتاك، بل هو عطر الحياة الثمين الذى يستحق منا أن نحترمه وننتظره. دعك من مغامرات المراهقة غير المأمونة وارجعى عن طريق العبث وأنت ما زلت فى الخطوة الأولى لأنه بعد ذلك يجرف المتوغلين فيه إلى الهاوية وعودى لرشدك وتشبثى بصلاتك وبحضن أمك ووجهى طاقة حبك لأسرتك فكم من عائلات استعادت تماسكها وسعادتها بفضل ابن صالح منحهم حبه المطلق. كونى أنت شمعة البيت المنيرة ومرسال المودة بين أبيك وأمك، وبدلا من تقليد زميلاتك العابثات كونى أنت نموذجًا فى الالتزام والأدب تقلده الزميلات. [email protected]