المدارس الخاصة تجبر أولياء الأمور على الاشتراك في الباص.. والتعليم تعلق    19 شهيداً بينهم أطفال بقصف مدرسة تؤوي نازحين في غزة    بدر عبدالعاطي يلتقي وزير خارجية الجزائر    الخطيب: احتفالات الأهلي ستتوقف بعد الخروج من الملعب.. وأشكر الجماهير العظيمة    أحوال الطقس في مصر.. تعرف على أبرز التقلبات الجوية    تفاصيل مأساوية وراء وفاة نجل المطرب إسماعيل الليثي    حقيقة تأجيل الدراسة في أسوان بسبب الحالة المرضية    تفاصيل صادمة في سقوط نجل مطرب شهير من الطابق ال10.. ما القصة؟    متحدث الحكومة: الجزء المتبقى من الأدوية الناقصة بسيط جدًا.. والأزمة تنتهي خلال شهر    فحص 515 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    الاتحاد الأوروبي: القضية الفلسطينية عادت للطاولة بعد أحداث 7 أكتوبر    استرداد 159فدانا من أراضي الدولة بأبي قرقاص    حزب المؤتمر: منتدى شباب العالم منصة دولية رائدة لتمكين الشباب    موسم شتوي كامل العدد بفنادق الغردقة.. «ألمانيا والتشيك» في المقدمة    "علم الأجنة وتقنيات الحقن المجهري" .. مؤتمر علمي بنقابة المعلمين بالدقهلية    اكتمال عدد المشاركين بورشة المخرج علي بدرخان ب«الإسكندرية السينمائي»    فيلم 1/2 فيتو يثير الجدل بعد عرضه في مهرجان الغردقة لسينما الشباب بدورته الثانية    فصائل فلسطينية: استهداف منزلين بداخلهما عدد من الجنود الإسرائيليين ب4 قذائف    الأزهر للفتوى: الإلحاد أصبح شبه ظاهرة وهذه أسبابه    تعرف على أهداف منتدى شباب العالم وأهم محاوره    ستيفان دوجاريك: جوتيريش يحذر من أي تصعيد يهدد باتساع الصراع بدارفور    بيكو للأجهزة المنزلية تفتتح المجمع الصناعي الأول في مصر باستثمارات 110 ملايين دولار    تدشين أول مجلس استشاري تكنولوجي للصناعة والصحة    بلقاء ممثلي الكنائس الأرثوذكسية في العالم.. البابا تواضروس راعي الوحدة والاتحاد بين الكنائس    هل يمكن أن يصل سعر الدولار إلى 10 جنيهات؟.. رئيس البنك الأهلي يجيب    أول ظهور لأحمد سعد مع زوجته علياء بسيوني بعد عودتهما    السجن 6 أشهر لعامل هتك عرض طالبة في الوايلي    عبدالرحيم علي ينعى الشاعر أشرف أمين    توتنهام يتخطى برينتفورد بثلاثية.. وأستون فيلا يعبر وولفرهامبتون بالبريميرليج    إيطاليا تعلن حالة الطوارئ في منطقتين بسبب الفيضانات    شروط التحويل بين الكليات بعد غلق باب تقليل الاغتراب    فتح باب التقديم بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الدينى    ندوات توعوية فى مجمعات الخدمات الحكومية بقرى حياة كريمة في الأقصر.. صور    لافروف: الديمقراطية على الطريقة الأمريكية هي اختراع خاص بالأمريكيين    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزى ووحدات الرعاية    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    صلاح يستهدف بورنموث ضمن ضحايا ال10 أهداف.. سبقه 5 أساطير    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرافعة تاريخية تبدأ ب(الإعدام لمبارك وشركاه) .. والصدمة تصيب المتهمين
نشر في المصريون يوم 04 - 01 - 2012

«الإعدام».. أول المطالب التى أوردتها النيابة العامة فى مرافعة تاريخية، ألقتها، أمس، فى قضية قتل المتظاهرين، مطالبة بتوقيع أقصى العقوبة على الرئيس «المخلوع» حسنى مبارك ووزير داخليته حبيب العادلى، و6 من كبار ضباط وزارة الداخلية فى عصره.
استمعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار أحمد رفعت إلى مرافعة النيابة العامة ممثلة فى المستشار، مصطفى سليمان، المحامى العام الأول لنيابات استئناف القاهرة فى قضية قتل المتظاهرين وإهدار المال العام والتربح من تصدير الغاز لإسرائيل، قبل أن تقرر تأجيل نظر القضية إلى جلسة اليوم، لاستكمال مرافعة النيابة العامة حول قتل المتظاهرين، ثم تليها مرافعة النيابة فى قضية إهدار المال العام.
فى بداية الجلسة قال القاضى: «ورد للمحكمة بعض المستندات التى صرحت المحكمة لكم (للدفاع) باستخراجها للاطلاع عليها وتصويرها»، ومن جانبه، طالب سامح عاشور، منسق هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدنى، بتحديد ميعاد لجلسات مرافعة المدعين بالحق المدنى وهيئة قضايا الدولة، ثم قال محمد الجندى، محامى إسماعيل الشاعر: «كيف تفتح المحكمة باب المرافعة فى قضية منعت أوراقها عن الدفاع»، ورد القاضى «أوراق المحكمة بقت فى الشارع يا أستاذ.. وسمحنا بحصول كل واحد منكم على نسخة، منها فى اسطوانة مدمجة (سى دى)».
وفى بداية مرافعتها قالت النيابة إن الرئيس المخلوع «خطط لتوريث ابنه (المتهم الثالث جمال مبارك) بوشاية من زوجته، والتى أرادت أن تكون أما لرئيس بعد أن كانت زوجة الرئيس. مبارك استخدم فى سبيل تنفيذ هذا المخطط، ذراعه اليمنى المتمثلة فى وزارة الداخلية، والتى كانت تحمى النظام وليس الشعب، ووجهت رصاصا إلى صدور مواطنين سلميين شرفاء، خرجوا فى مسيرات سلمية تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية»، مطالبة بتوقيع «أقصى العقوبة على مبارك ووزير داخليته ومساعديه المحبوسين، وهى الإعدام شنقا». كما طالبت النيابة المحكمة بأن تترافع فى كل قضية منفردة، حيث تتناول قضية قتل المتظاهرين، ثم قضايا إهدار المال العام.
جاء فى مرافعة النيابة التى تلاها المستشار، مصطفى سليمان، المحامى العام الأول لنيابات استئناف القاهرة: «بسم الله الحق، والحمد لله نحمده ونستعين به ونستلهمه ونسأله الهداية والتوفيق خير ما نستهل به مرافعة النيابة العامة قول المولى عز وجل، بسم الله الرحمن الرحيم (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِى الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ).. وقوله سبحانه وتعالى (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ)».
السيد الرئيس حضرات القضاة الأجلاء، فى مسرى من الزمان، أيامه وشهوره وسنين تفيض زهوا على سواها، يعرفها الناس معلنة عن مولدها، تتهافت عليها الأرواح وتتعانق الأنفس لا تود لها مضيا، وأحسب أن الأيام من 25 يناير حتى 11 فبراير من عام 2011، من تلكم الأيام النادية الخالدة، التى ستظل فى ذاكرة الشعب المصرى، بل فى ذاكرة العالم بأثرة، ولم تمح منه لأن آثارها ونتائجها هى السبب فى مثولنا أمامكم فى هذه الساحة المقدسة، يحوطنا شرف تمثيل للنيابة العامة ممثلة المجتمع حاملين كلمة الشعب فى قضية فريدة غير مسبوقة، أطلق عليها البعض قضية «القرن»، ولكن الحقيقة والواقع يقران أنها القضية الأولى من نوعها، والأهم فى سجل مصر القضائى، بل والتاريخ العربى كله، نتيجة لأهميتها فى أنها المرة الأولى التى يخضع فيها رأس الدولة الحاكم لسلطان العدالة للتحقيق والمحاكمة، تنفيذا حقيقيا لسيادة القانون وعلى أرض الواقع على الحاكم والمحكوم.
فهى المرة الأولى التى يحاكم فيها المصريون رئيسهم فى مشهد كبير لم يحدث من قبل وربما لن تتكرر، فهى قضية تنعى لمصر ولمنطقة الشرق الأوسط سقوط حكم الفرد بلا عودة، ونهاية عقود طويلة من الحكم الاستبدادى، الذى اعتبر الحاكم نفسه بديلا عن الشعب، تعلو ارادته على إرادة الأمة، ولا يخضع للحساب لأنه فوق القانون.
قضية تذكر كل حاكم قادم بأنه مسئول عن صحة قراراته، وأنه خاضع للمسألة فى دولة تساوى فيها حقوق المواطنين، ولا يوجد فيها من هو فوق القانون، بدل إن القانون فوق الجميع، القضية درس عظيم وعبرة للمستقبل، تلزم كل حاكم أن يتذكر دوما أن السلطة مفسدة مطلقة وحسابها آت لا محالة، وأن هناك قيما مشروعة تجبح جماح إرادته تتمثل فى الدستور والقانون وانه سوف يأتى عليه يوم ويخرج فيه من زهو السلطان ويعود إلى صفوف المواطنين مرة أخرى كمواطن عادى.
قضيتنا تأخذ بالبلاد وبالمنطفقة بأكملها إلى آفاق جديدة يتحول فيها الحاكم من فرعون مستبد غاشم إلى مجرد إنسان ينطبق عليه ما ينطبق على بقية شعبه، ومن ثم تتم محاكمته إذا أخطأ أو أفسد، قضيتنا ستفتح الباب على مصراعيه إلى دخول مصر إلى نادى البلاد المتقدمة، التى ينهض قوام حياته على حكم القانون، وليس على الغش والتدليس والنفاق والرياء، فالقضية غادرت مصر فيها على نحو نهائى لا عودة فيه مرحلة تاريخية طويلة غابت فيها المساءلة وأصبحت علامة فارقة ونقطة تحول فى تاريخ الحكم فى مصر.
السيد الرئيس حضرات القضاة الأجلاء، بين يدى حضراتكم فى حقيقة الأمر دعويان لكنهما فى الواقع تمثلان قضية واحدة، القضية الأساسية هى الشروع فى القتل، وهذه القضية ليست كمثيلتها من قضايا القتل والتى سبق وان عرضت على سيادتكم وفصلت فيها بميزان العدل والحق، فهى ليست قضية قتل نمطى لكنه قتل كان أطرافه ولأول مرة المتهمون فيها رأس النظام ووزير داخليته وكبار مساعديه، والمجنى عليهم نفر من الشعب وعدة فئات من المصريين من المصابين، والقتلى من خيرة أبناء الوطن، تصدوا مع غيرهم من قطاع شجاع من الشعب الحر وقاموا بثورة شعبية بدأت أحداثها فى 25 يناير الماضى وانضمت إليها فيما بعد كل الأمة بكل فئاتها وانتمائها الحزبى على قلب رجل واحد، هؤلاء جادوا بأنفسهم وضحوا بأرواحهم الطاهرة وسلامة ابدانهم من أجل تحرير الكرامة والحرية المسلوبة من كل قيد ولتحقيق العدالة الاجتماعية وإصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والمطالبة بعهد جديد من الحرية والعدالة. أما المتهمون فيها فيأتى على رأسهم الرئيس السابق الذى شاءت له الأقدار تولى حكم مصر دون سعى منه إلا أنه رفض أن يترك الحكم بإرادته نزولا على إرادة شعبه، حتى نزع منه نزعا، رئيس وحاكم أقسم اليمين على رعاية مصالح الشعب، فإذا به يحنث اليمين ويرعى مصالحه الشخصية، وأسرته لاسيما فى العقد الأخير من حكمه، والذى كرسه لارتكاب خطيئة لم يسبقه فيها أحد من رؤساء مصر السابقين، إلا وهى توريث الحكم، فأفسد الحياة السياسية وزور اختيار الشعب فى اختيار نوابه، وعصف بكل شخصية حصلت على بعض شعبية وأطاح بها من موقعها وترك منصب نائب الرئيس شاغرا طيلة فترة ولايته حتى تخلو الساحة لابنه المتهم الرابع ويتحقق مشروع التوريث.
ثلاثة عقود تزيد على فترة حكمى الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وانور السادات، استغرقت نصف عمر الشيوخ وأغلب عمر الكهول وكل عمر الشباب، كانت كافية وكفيلة بتحقيق النهضة لمصر بكل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، فيما لو توافرت الكفاءة والنزاهة والتقوى، وبالتالى نقلت مصر إلى مصاف البلاد المتقدمة، لكنه خذل الشعب وآثر فى العقد الأخير من ولايته مصلحته الشخصية ومصلحة أسرته على مصالح الدولة، ورغم احساسه بالملل من الحكم وتقدمه فى العمر إلا أنه عاند الزمن وآثر البقاء فى السلطة وبريقها لآخر يوم فى حياته فأنسته شهوة السلطة رغبات الأمة حتى قام الشعب ليتخلص منه.
كان بوسعه أن يسلم زمام الأمور بعد فترة أو فترتين إلى من هو أصغر فى العطاء وأصغر فى العمر، ولم يأخذ العبرة من حادث اغتيال الرئيس السادات أمام عينيه فى المنصة ويستجيب لإرادة الشعب ويريح نفسه من الأعباء الكثيرة ويقى الشعب شروره الجسيمة وخطاياه الرهيبة، وخضع لضغوط أسرته ليوافق على توريث الحكم وانصاع إلى إرادة قرينته التى أرادت أن تكون أما لرئيس بعد أن كانت زوجة لرئيس.
لم يدرك ان مصر ليست عقارا أو عزبة خاصة يمكن أن تورث ولم يقدر صبر الشعب المصرى على سنوات الظلم والاستبداد ولم يستمع إلى صوت الشارع الذى يطالب بالحرية.
بلغت الاستهانة بالشعب قمتها، حينما قام نظامه بالتزوير المفضوح لانتخاب مجلس الأمة، وتزوير إرادة الشعب لتمرير مشروع التوريث فحدث الانفجار المكبوت وصدق فيه قول الشاعر «رزقت ملكا فلم تحسن سياسته.. وكل من لا يسوس الملك يخلعه».
رئيس أهان نفسه ولوث بعضا من ماضيه كان محل فخر وأهال التراب على فترة حكمه التى كساها بظلمه والاستبداد، فاستحق انتهاء مشوره بالانكسار والذلة من قصر الرئاسة إلى قفص الاتهام ثم إلى أشد العاقاب، وصدق فيه قول الشاعر إيضا، «إذا اشتدت الذنوب وهالت فمن العدل أن يهول العذاب».
قام بتكريس الدولة وأجهزتها لتوريث الحكم لنجله بإحكام سيطرة الحزب الوطنى على مقدرات الشعب واحتكاره السلطة التشريعية سيعا لتنفيذ مشروع التوريث وأبقت السلطة التنفيذية مسئولين فى مواقعهم لفترات طويلة رغم فشلهم مما أدى إلى تفشى الفساد وعدم محاكمة المسئولين واحتمائهم بالنظام والسلطة. تبنى سياسات اقتصادية أدت إلى ارتفاع الاسعار وعدم تناسبها مع الاجور، وخدمت الاغنياء على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة، فازداد الاغنياء غناء والفقراء فقرا، وازدادت الطبقات المعدمة فظهرت المشكلات العمالية واتسعت الهوة والفوارق وأصبحت سحيقة بين الطبقات.
فى ظل هذه السياسة حدث تقهقر اقتصادى غير مسبوق، وفقر فاق كل الحدود وتخلف تعليمى وتراجع علمى، أدى إلى انحسار دور مصر الإقليمى والدولى وفقدانها إلى دورها الذى كانت تتمتع به بين الأمم.
المتهم الثانى حسين سالم، صديق المتهم الأول وأسرته المقرب صاحب المكانة المتميزة والعلاقة الوطيدة التى يعرفها القاصى والدانى، بدأت صلتهما فى السبعينيات حينما كان مبارك نائبا للرئيس السادات، وكان على علم بنشاط سالم فى تجارة السلاح وكان على علم بإدانته فى إحدى القضايا، ورغم ذلك أتى به بعد توليه الرئاسة وأحاطه برعايته وتحصل على خلفية تلك الصداقة على أفضل المواقع فى شرم الشيخ بقرب المحميات الطبيعية، كما منح فرصة استثمارات فى مشروعات عملاقة تعلقت بالغاز والبترول والكهرباء والغاز والسياحة وكان يمنح القروض كما يريد من البنوك فازدادت ثروته على ثرائه والسؤال الذى يطرح نفسه هو: إذا كان هذا ما قدمه المتهم الأول لصديقه الثانى فماذا قدم المتهم الثانى لصديقه الأول؟.
المتهم الخامس حبيب إبراهيم العادلى، أطول وزراء الداخلية عمرا فى الوزارة، تولى مسئولية وزارة الداخلية لمدة تزيد على 13 عاما، وهى فترة غير مسبوقة أهله لها براعته فى إقامة نظام قمعى أمنى مستبد، وخروجه بدور جهاز الشرطة العظيم من خدمة الشعب وحمايته وتوفير الأمن له إلى خدمة النظام الحاكم، واستخدام كل السبل القمعية فى وأد الفكر وقمع الحريات وحجب الرأى واتبع سياسات أمنية خاطئة حيث بسط سلطان الأمن على غالبية المرافق بالدولة مما أدى إلى زواج الأمن بالحزب الوطنى وكرس كل أجهزة الشرطة للمتهمين وإنجاح مشروع التوريث كما لم يعبأ بالأرواح التى أزهقت والعاهات التى حدثت فى أبناء الشعب فى سبيل البقاء فى منصبه، وبقاء المتهم الاول فى سدة الحكم متشبثين بتلك السلطة بجعل عروشها قائمة ولو على جثث أبناء الوطن.
أبناء الوطن كل جريمتهم أن قلوبهم همت بحب بلادها حتى انساها هذا الهيام كل شىء حولها رغم بطش الجناة الذين غابت عنهم الرحمة بأم قطع الحزن قلبها على ولدها وأب أدمته الوجيعة على ولده، الذى كان يجد فيه أملا فيما أعجزته الهموم عن تحقيقه. السيد الرئيس حضرات المستشارين الأجلاء، «لقد جئت اليوم إلى محراب العدل حاملا هموم شعب ووطن بجريمة هى الأبشع فى مصر فى تاريخنا المعاصر، جريمة قتل نفر من الشعب كل جريمته هو الخروج بعد طول صبر يطالب أبسط حقوقه هى الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية، جئناكم بأوجاع شعب يملؤه الحسرة والألم على الأرواح التى أزهقت على أمة فقدت جزءا من شبابها ونسائها واطفالها سقطوا بين قتيل وجريح والألم من نظام قمعى مستبد تعامل مع متظاهرين سلميين أبرياء شرفاء بقلب ميت، نعم لقد قست قلوبهم فهى كالحجارة أو أشد قسوة، وصوب بنادقه عليهم بدلا من حمايتهم خوفا من أن يهتز عرشه أو يتأثر سلطانه، نحن الآن أمام الماضى والحاضر والمستقبل.
الماضى الذى عاشته الأمة فى ظل سياسة قمعية، والحاضر الذى نعيشه فى ظل آلامه ومخاوفه بسبب الفوضى والانفلات الأمنى والغياب الواضح للمؤسسة الشرطية والمستقبل الذى يمثل الأمل للأمة لأنه بلا شك فإن هذه المحاكمة ستحدد مستقبل مصر فى السنوات المقبلة وسيكون عنوانها منهاجا فيه العظة والعبرة لمن يتولى الأمور بعد ذلك.
المرافعة تنقسم إلى شقين الأول قضية القتل والثانى قضايا إهدار المال العام وستقوم خطة المرافعة على من أول وقائع الدعوى، ثم الحكمة من إحالتها إلى المحكمة، ثم الأدلة التى اعتمدت عليها النيابة فى إحالة المتهمين إلى ساحتكم وتنتهى بالخاتمة والطلبات. وقائع الدعوى تتعلق بالاشتراك بالقتل والشروع فيه وتتلخص فى أن الجهات الامنية رصدت من شهر أكتوبر 2010 وجود حالة رفض شديد لدى طوائف الشعب المختلفة وان هذه الحالة تصاعدت فى شهر نوفمبر، بعد الانتخابات التشريعية بسبب نتائجها ثم ازدادت بعد اندلاع الثورة فى تونس، كل هذه الحالة كانت سببا فى سوء وتردى الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فتردى الاوضاع السياسية دون تكرار نتيجة تدهور النظام السياسى وتكريس الدولة لتوريث الحكم وتزوير الانتخابات التى اسفرت عن خسارة كل مرشحى التيارات المعارضة وسيطرة الحزب الوطنى على الغالب الأعم من مقاعد البرلمان، سعيا لتنفيذ مشروع التوريث، بالاضافة إلى بقاء عدد من المسئولين فى مواقعهم لفترات طويلة رغم تفشى الفساد وعدم محاسبة المفسدين. أما الجانب الاقتصادى فيتمثل فى ارتفاع الاسعار وتبنى سياسات اقتصادية تخدم الأغنياء على حساب الفقراء وغياب العدالة الاجتماعية، كل هذا أدى إلى قيام بعض العناصر الشبابية والناشطين السياسيين فى فى منتصف يناير 2011 بالدعوة على فيس بوك بتنظيم مظاهرات وتحركات حاشدة من مختلف المحافظات وذلك بالتزامن مع احتفالات الشرطة بعيدها يوم 25 يناير الماضى، على أثر ذلك عقد العادلى اجتماعا مع مساعديه وأصدر إليهم تعليمات بالعامل الأمنى العنيف، لكن استجاب الكثير من المواطنين مع تلك الدعوة، وخرجوا فى تظاهرة سلمية لم تشهدها البلاد من قبل واتسمت بالتدفق المستمر من حركات «كفاية، 6 أبريل، الجمعية الوطنية الوطنية للتغيير، جماعة الإخوان المسلمين، والبرلمان الشعبى الموازى»، أخذت شكل الوقفات والاحتجاجات السلمية للمطالبة بالقضاء على الفساد ومكافحة الفقر وإقالة وزير الداخلية وتشكيل حكومة جديدة، وإلغاء الطوارئ وحل مجلسى الشعب والشورى ومحاكمة حبيب العادلى وإجراء انتخابات نزيهة ووقف تصدير الغاز لإسرائيل. فى مساء ذلك اليوم زحف جميع الوقفات الاحتجاجية إلى ميدان التحرير حيث امتلأ الميدان بالمتظاهرين وأعلنوا اعتصامهم لحين تنفيذ مطالبهم فقامت قوات الشرطة بتنفيذ تعليمات المتهمين باستخدام القوة والعنف وتم تفريق المتظاهرين فى منتصف الليل. يوم 26 واصل المتظاهرون التظاهر فى مختلف المحافظات وتم استخدام أسلحة الخرطوش لتفريقهم فحدث وفاة بعض المجنى عليهم، وقامت الجمعية الوطنية للتغيير وحركة 6 أبريل وصفحة كلنا خالد سعيد توجيه دعوة من خلال فيس بوك لتنظيم مظاهرة يوم 28 يناير عقب صلاة الجمعة تحت مسمى جمعة الغضب على أن يكون الاطلاق من الشوارع الجانبية والاحياء الشعبية ثم التوجه إلى الميادين العامة والإعلان عن تنظيم اعتصام مفتوح لتنفيذ المطالب.
وقام العادلى ومساعدوه بعقد اجتماع قرروا فيه تكليف القوات لمنع وصول المتظاهرين لميدان التحرير والميادين العامة بالمحافظات بأى طريقة والسماح للقوات بإطلاق الأعيرة النارية على بعض المتظاهرين حتى لو أدت إلى قتلهم لتخويف الباقين، وحثهم على التفرق، كما أبلغ العادلى وزير الاتصالات حينها، بضرورة قطع الاتصالات لتقليل عدد المتظاهرين يوم جمعة الغضب، وفوجئت الشرطة بمشاركة حشود ضخمة من المواطنين بعد صلاة الجمعة بجميع المساجد بمختلف المحافظات، ضمت أعداد غفيرة من المواطنين من ذوى الاتجاهات السياسية وغيرهم دون ان يؤثر قطع الاتصالات على اعادة المشاركة فى تلك الاحتجاجات وعجزت الشرطة عن تفريق المتظاهرين لعدم تناسب امكاناتها مع العدد الهائل ورغم ذلك أصرت القوات على محاولة منع المتظاهرين من الوصول إلى ميدان التحرير والميادين الأخرى فى المحافظات وقامت بتنفيذ التعليمات الواردة إليها بإطلاق الأعيرة النارية والخرطوش، مما أدى إلى وفاة 225 مواطنا حتى الآن وإصابة 1368 حتى الآن.
وعلى الرغم مما بدا على مبارك ونجليه ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى ومساعديه، من الشعور بالصدمة بعد الاستماع إلى مرافعة النيابة إلا انه عقب انتهائها أصيب المدعين بالحق المدنى ب«خيبة أمل» حيث قال عدد منهم في تصريحات صحفية إن المرافعة «ضعيفة، والنيابة العامة غير جاهزة وركزت على الجانب السياسى أكثر من الجانب الجنائى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.