في محاولة لترميم الشروخ التنظيمية داخل جماعة الإخوان المسلمين، كشفت مصادر مقربة من لجنة إدارة الأزمة في الداخل، عن إعداد لائحة جديدة للإخوان، من المتوقع أن يتبعها انتخاب مكتب إرشاد ومجلس شورى عام جديدين. المصادر التي تحدثت معها "المصريون" رفضت الكشف عن تفاصيل أكثر، بخلاف إعداد اللائحة الجديدة، من قبل لجنة إدارة الأزمة داخل مصر برئاسة محمد كمال، أكدت في الوقت ذاته أن الجماعة تسير في اتجاه الهيكلة الكاملة، لكن يبقى الاتفاق على استبعاد أطراف الأزمة الأخيرة هو العقبة أمام ذلك. وكان "الحرس القديم" ممثلاً في مكتب إرشاد ما قبل فض رابعة ممثلاً في إبراهيم منير ومحمود عزت ومحمود حسين، قد حاول الالتفاف على الحل الذي توصل إليه طرفا الأزمة والذي يقضى بإجراء انتخابات جديدة عل صعيد مجلس الشورى العام، ومن ثم وضع لائحة جديدة يتبعها انتخاب مكتب إرشاد تنفيذي جديد مع استبعاد طرفي الأزمة من هذه الانتخابات. واللائحة الداخلية التنظيمية للجماعة هي قانون النظام الأساسي للإخوان، وافقت الجمعية العمومية للإخوان المسلمين عليها، وأصبحت نافذة في 8 سبتمبر 1945. وفي نوفمبر 2012 انتهى مكتب الإرشاد من صياغة اللائحة داخلية جديدة، تضمنت زيادة عدد أعضاء مكتب الإرشاد من 16 إلى 20 عضوا، وزيادة عدد المعينين إلى 4 بدلا من 3، وعدد ممثلى الإخوان في الخارج من 3 إلى 4، وممثلى الجماعة في شمال وجنوب الصعيد إلى 3 بدلًا من 2. وحددت اللائحة ولاية المرشد ب4 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، ولا يسمح له بالترشح مرة ثالثة. ويجرى المكتب الإداري في كل محافظة الانتخابات على عضوية مجلس الشورى الخاص به، كما يسمح له بتعيين من 7 إلى 10 أعضاء يتولون محاسبة مكتب الإرشاد وتشكيل لجنة استشارية لمعاونة المكتب في اتخاذ القرارات. وشملت اللائحة زيادة أعضاء مجلس شورى الجماعة من 118 إلى 130 عضوا، وتوسيع عضوية المعينين إلى 10 نصفهم من الأخوات، على أن يتم إجراء الانتخابات على مقعد مسؤولة الأخوات بمجلس إدارة الشعبة، كما يجرى انتخاب مسؤولة للأخوات في المكتب الإداري للمحافظة، و3 من السيدات لمجلس الشورى الخاص به، وحظرت اللائحة الجمع بين منصبين داخل الجماعة. وجرت انتخابات داخلية في شهر فبراير 2014 على صعيد محافظاتالفيوم وبني سويف والمنيا، فيما قامت بقية المكاتب الإدارية في الجماعة بتزكية أعضاء منها بسبب الظروف الأمنية، وهو الأمر الذي أفرد القيادة الجديدة التي استبعدت مجموعة من القيادات القديمة وعلى رأسهم الدكتور محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة وتم تعيين مكانه الدكتور محمد كمال، وهو ما لا يعترف به حسين حتى الآن، معتبرا أن من أفرزتهم الانتخابات الأخيرة في الداخل والخارج مجرد لجنة معاونة لمكتب الإرشاد القديم وهو محل الخلاف بين القيادات. وألقى الانقسام بظلاله على صفوف الجماعة، ما دفع تيار كبير من الشباب لتأييد القيادة الجديدة باعتبارها تمثل إرادتهم في مواجهة السلطات عبر حراك ثوري لإسقاط النظام. ويدين للقيادة الجديدة بالولاء الجانب الأكبر من المكاتب الإدارية بما فيها "مكتب الخارج" (يرأسه أحمد عبدالرحمن)، و"اللجنة الشرعية" ولجنة "الشباب المركزية" اللاتي تأسست مؤخرا، وذلك لأن تلك المكاتب اكتسبت شرعيتها من الانتخابات التي أشرف عليها المكتب الجديد في فبراير 2014 كما أنها توافق على رؤية القيادة الجديدة للمشهد وتعاملها معه وتحظى بتأييد الشباب، وتدرك ذلك القيادة التاريخية و التي بدأت في مد جسور التواصل مع المكاتب الإدارية لتقوم بعزل القيادة الجديدة عن جسد الجماعة. أما العلاقات الخارجية والتمويل فهي من نصيب القيادة التاريخية ورموزها مثل الدكتور محمود حسين والذي يمثل تنظيم إخوان مصر في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان. وتعود جذور أزمة الإخوان إلى اعتصام رابعة العدوية، وفيه اجتمع مجلس الشورى العام للجماعة (الهيئة التشريعية العليا) واتخذ قرارا بالمضي في التصعيد، وأوصى بإيجاد قيادات بديلة في حالة اعتقال قيادات الصف الأول. فيما طالت أيدى النظام قيادات الصف الأول والثاني والثالث في الجماعة، ولم يتبق سوى بعض أعضاء مكتب الإرشاد المطاردين في الداخل، وآخرين في الخارج كانوا قد خرجوا بتوصيات قبيل أحداث 30 يونيو، كان أبرزهم محمود حسين الأمين العام للجماعة وأمين صندوقها وجمعة أمين الذي توفي بالخارج بعد صراع مع المرض. وعقب الفض كُلف الأمين العام محمود حسين بإدارة شؤون الإخوان المطاردين بالخارج، ومع الاهتزاز الإداري بالجماعة سعت الصفوف المتبقية في مصر بالتنسيق مع القيادات في الخارج إلى إجراء انتخابات لتشكيل مكتب إرشاد جديد يدير الجماعة وأزمتها الحالية وهو ما جرى في فبراير 2014. وانتهى الوضع حينها بتشكيل مكتب جديد لم يضم الأمين العام السابق محمود حسين ولا مجموعة كبيرة من الوجوه القديمة في المكتب، وقد علمت القيادات في السجون بهذه الانتخابات وباركوها، وأكدوا أنهم خلف القيادة الجديدة، وقد شغل منصب الأمين العام الجديد محمد كمال خلفا لمحمود حسين.