بعد مقتل صيدلي الإسماعيلية، على يد ضابط شرطة، وفى سياق احتواء الأزمة، قال محافظ الإسماعيلية إنه - أي هو - رئيس الجهاز التنفيذي وأنه لن يسمح بأي تجاوز لأي مسئول أيًا ما كان موقعه. كلام المحافظ قد يكون صحيحًا للجهات التي تخضع إليه استنادًا إلى قانون الحكم المحلي.. ولكن فيما يتعلق بالشرطة فإن كلامه في "الهجايص".. فهو ليس له أية ولاية عليها ولا يستطيع أن يأمر مدير الأمن ويطالبه من موقع "علاقة سلطة".. بل إن داخل الشرطة ذاتها فإن ثمة نظامًا سلطويًا طبقيًا على نحو الذي لا يجعل أحيانًا بعض الإدارات خاضعة لولاية الوزير، إلا على "الورق - القانون".. مثل جهاز "الأمن الوطني".. فهو قانونيًا يتبع وزارة الداخلية ولكن علاقته تقفز إلى صانع القرارات السيادية مباشرة بدون المرور بمكتب الوزير.
المهم أن في عزاء ضحية الشرطة في الإسماعيلية تكلم المحافظ ومدير الأمن بذات المفردات التي ملها الناس: سنحاسب أي متجاوز.. وأنها ممارسة فردية.. ولا تظلموا الداخلية.
وفي حين كان المحافظ ومدير الأمن يصدران هذا الخطاب المناور للناس، قال الأخير إنه تم نقل الضابط المتهم إلى ديوان مديرية أمن الإسماعيلية للتحقيق معه!
هذا الإعلان كان مضحكًا في وقت من الصعب أن يضحك فيه الناس.. فالضابط لم يتهم بمخالفة إدارية حدودها التحقيق معه من جانب رؤسائه فى المديرية.. ولكنه متهم بارتكابه جريمة قتل، ومن المفترض أن يكون مكان التحقيق فى النيابة العامة، وأن يحبس احتياطيًا على ذمة القضية.. لا أن يحمله زملاؤه لإخفائه في مديرية الأمن، ثم يعود إلى بيته لينعم بدفء التقلب في أحضان بابا وماما!! فيما لم تنم أرملة ضحيته ولا أولاده ولا أهله.. وقضوا ليلتهم بجوار جثته المسجاة بالمقابر المظلمة!
الكلام كله يتمحور على أن الضابط يحقق معه في المديرية.. وهو إجراء إداري لا جنائي.. وليتساءل الناس أين النيابة؟! بل إن أهل الضحية، نُقل عنهم قولهم إن النيابة أطلقت سراح الضابط القاتل، بعد أن انصرف أهل القتيل، على وعد التحقيق معه وتحويله إلى المحاكمة!
الإسماعيلية بطبيعتها مدينة "رومانسية" ولكنها غضبت لمقتل خالد سعيد بالإسكندرية، وكانت ثاني مدن مصر اشتعالاً في ثورة يناير، بعد انطلاق شرارتها من جارتها "السويس" لتتمدد إلى باقي مدن الجمهورية.. فماذا نتوقع ونموذج خالد سعيد يعاد إنتاجه على أراضيها؟ّ!
ما نسمعه من المسئولين المحليين، مجرد تطيب خواطر، وهو كلام بات من الابتذال ما يفقد الثقة بالنظام ونيته في حماية شعبه من التنكيل الأمني.. الكرة الآن في ملعب الرئيس عبد الفتاح السيسي.. فهو الذى "دافع" عن الانتهاكات واعتبرها "عادية" بسبب ظروف البلد الأمنية.. وعليه وحده الآن مسئولية تصحيح هذا "الخطأ".. وأن يبرق رسالة طمأنة لشعبه، مقرونة بإجراءات عقابية وتعرض رسميًا على الرأي العام.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.