كان مقتل الشاب السكندري خالد سعيد على يد الشرطة في عام 2010، أحد أبرز الأسباب لاندلاع ثورة 25يناير 2011، إلا أنه بعد مضي نحو خمسة أعوام على تلك الثورة التي أطاحت بنظام حسني مبارك لاتزال تتكرر مثل هذه الحوادث، بعد أن سقط أكثر من شاب ضحية للتعذيب داخل أقسام الشرطة. في أقل من أسبوع، وقعت 4 تجاوزات من الشرطة ضد مواطنين في محافظاتالأقصر، والقليوبية، والإسماعيلية، ومدينة أكتوبر، تمثلت في التعذيب والإهانة، ونتج عنها وفاة 3 أشخاص، ما أشعل موجة من الغضب الشعبي. ففي قسم شرطة الأقصر، توفى المواطن طلعت شبيب (47 عامًا)، بعدما تعرض للتعذيب على أيدي ضباط الشرطة، بحسب أسرته. وألقت قوة من قسم شرطة الأقصر القبض على شبيب أثناء تواجده في مقهى بمنطقة العوامية، واقتياده إلى قسم الشرطة، حتى فوجئت عائلته بتلقيها نبأ نقله إلى مستشفى الأقصر الدولي جثة هامدة، وفق تقرير صادر من المستشفى. وتظاهر الأهالي في الأقصر منددين بالجريمة، مرددين هتافات ضد الشرطة. وفي الإسماعيلية، اقتحم ضابط بقسم شرطة أول الإسماعيلية، يُدعى محمد إبراهيم، صيدلية، واعتدى على عفيفي حسني، طبيب بيطري، واصطحبه إلى ديوان القسم، واعتدى عليه مجددًا، ما أدى إلى وفاته، ما دفع اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، إلى وقفه عن العمل لحين انتهاء تحقيقات الوزارة معه. بينما احتج الأهالي بقطع الطريق. وفي القليوبية، اتهمت أسرة مواطن يُدعى عمرو أبوشنب، ضباط مركز شبين القناطر، بالتسبب في وفاة نجلها، إثر التعدي عليه وضربه. وقال المحامي والناشط الحقوقي أسعد هيكل، إن تعذيب وقتل مواطن بقسم شرطة جريمة لا تقل خطورة عن جرائم الإرهاب، حيث إن مكافحة الإرهاب والحفاظ على حقوق الإنسان في ذات الوقت، معادلة صعب تحقيقها، مؤكدًا أننا سننجح يوما ما في تحقيقها. وأضاف هيكل في تصريحات إلى "المصريون"، أن "مظاهرات الأقصر التي لم يهتم بها الإعلام مؤخرًا هي إنذار غضب للداخلية، وتنبيه واضح للرئيس، بأنه لا عودة إلى ما قبل 25 يناير ولازلنا نتمنى أن ينتبه الرئيس". وأثارت تكرار جرائم التعذيب داخل أقسام الشرطة تساؤلات حول أسباب صمت الرئيس عبدالفتاح السيسي عنها. وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه "ليس مطلوبًا من الرئيس السيسي أن يتدخل في كل مرة يحدث فيها انتهاكات داخل أقسام الشرطة ولكن يجب عليه أن يبحث بشكل دوري عن كل التقارير التي تقدمها منظمات حقوق الإنسان عن هذه الانتهاكات وغيرها". وأضاف نافعة ل"لمصريون" ، أنه "من الواضح أن هناك حاجزًا ما بين الرئيس وبين ما يحدث من انتهاكات وذلك بسبب السطوة الأمنية المسيطرة على مجريات الأمور".
من جانبه، قال مجدي حمدان، العضو السابق بجبهة الإنقاذ، والأمين العام ل "الجبهة الوطنية لمكافحة الفساد", إن "ما تقوم به الداخلية المصرية هو إحياء لمسيرة امتدت على مدار 35عامًا من القمع الأمني والتعامل مع المصريين وكأنهم ليسوا من عالم البشر". وأضاف "صمت الرئيس السيسي عن هذه الانتهاكات من الأمور المستغربة ويعطي إشارة عن رضائه التام عما يحدث". وتابع "وزارة الداخلية لم تدخر وسعًا لتهييج الشعب ضدها وضد نظام الحكم حيث إن الشرطة تمثل واجهة النظام", وقال إن "المسار يماثل تمامًا لما حدث يوم 25يناير"، مطالبًا بإقالة كل قيادات الداخلية وإعادة هيكلة الوزارة بما يتعاطى مع احترام حقوق الإنسان. وانتقد منظمات حقوق الإنسان في مصر التي قال إنه "لاوجود لها إلا على السوشيال ميديا".