يبدو أن الكيان الصهيوني بدأ يحصد ما زرعه من تطرف وإرهاب في المنطقة، حيث تظاهر آلاف الإسرائيليين في بلدة بيت شمس قرب القدسالمحتلة في 29 ديسمبر احتجاجا على محاولات متشددين يهود منع الاختلاط بين الرجال والنساء في الأماكن العامة ومحاولتهم فرض نظامهم الديني وطريقة حياتهم المتزمتة في البلدة. ونظم الاحتجاج في بلدة بيت شمس عقب تفجر الغضب الشعبي بعدما قالت طفلة عمرها ثماني سنوات عبر التليفزيون الإسرائيلي إن رجالا من المتزمتين اليهود بصقوا عليها وهي في طريقها إلى المدرسة واتهموها بارتداء ملابس غير محتشمة. ولم يقف الأمر عند ما سبق، حيث أعلنت شرطة الاحتلال في 29 ديسمبر أيضا أنها اعتقلت رجلا "متشددا" بعد وصفه مجندة "بالعاهرة" في حافلة عامة لرفضها طلبه منها الانتقال للجزء الخلفي من الحافلة. ومن جانبها، قالت المجندة وتدعى دورون ماتلون ل "راديو إسرائيل" إن رجلا متدينا اقترب منها وأصر على انتقالها لمؤخرة الحافلة، بعد أن ركبت من محطة قرب قاعدتها العسكرية في القدس، موضحة أنها ردت عليه قائلة :" يمكنك الانتقال للجزء الخلفي إذا كنت لا تريد أن ترى وجهي، فأنا لا أريد أن أرى وجهك"، إلا أنه صرخ بوجهها ،قائلا:"أيتها العاهرة اذهبي للجلوس بالمقعد الخلفي". وفي تعليقه على تلك الحادثة، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن التمييز بين الجنسين يتعارض مع "المبادئ الديمقراطية" و"المبادئ الأساسية للديانة اليهودية". ومن جانبه، طالب الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز بالخروج في مظاهرات ضد اليهود المتزمتين الذين يحاولون فرض نظام ديني صارم، قائلا:" إنه اختبار يتعين فيه على الإسرائيليين الاحتشاد لإنقاذ الغالبية من مخالب أقلية صغيرة تقوض أعظم قيمنا". وفي السياق ذاته، قالت زعيمة المعارضة الإسرائيلية تسيبي ليفني إنها تكافح من أجل صورة إسرائيل ليس فقط في بيت شمس ولا بشأن إقصاء المرأة وإنما ضد كل المتطرفين الذين ظهروا فجأة لمحاولة فرض رؤيتهم وطريقة حياتهم. ويبدو أن الأسوأ مازال بانتظار الكيان الصهيوني، حيث قناة "الجزيرة" عن ناشطين حقوقيين في تل أبيب القول إن التمييز ضد النساء في إسرائيل بدافع الحساسيات الدينية خرج عن نطاق السيطرة. ورغم أن نتنياهو تعهد باتخاذ إجراءات صارمة ضد مضايقات المتطرفين اليهود ومحاولاتهم منع أي اختلاط بين الجنسين بالأماكن العامة، إلا أنه لن ينجح في هذا الأمر لأن الحديث عن مثل هذه القضايا يهدد بإثارة غضب تحالفاته السياسية مع الأحزاب الدينية المتطرفة. بل ونشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية مقالاً للكاتب آرى شافيت قال فيه :"إنه بعد عشرة أشهر من الربيع العربى باتت الصورة واضحة، إذ سيطر الإخوان المسلمون على تونس ومصر والمغرب والأردن وسوريا، كما سيطر من سماهم الإخوان اليهود على إسرائيل, فأدى ذلك إلى انهيار الحداثة العربية ومعها تنهار الحداثة الإسرائيلية". وأشار إلى أن المحكمة العليا الاسرائيلية امتلأت بقضايا تتعلق بفصل الذكور عن الإناث وتحريم سماع الأغانى وحظر صور النساء فى أى مكان ، فضلا عن مطالبات عنيفة بشأن حقوق الأقليات والحقوق الفردية. وتابع آرى" فى إسرائيل الآن موجة غير مسبوقة من العنصرية ضد العرب وكراهية العلمانية واضطهاد المرأة مما يهددها بالتحول إلى عصر الظلام "، كما أعربت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أيضا عن قلقها العميق وصدمتها بسبب موجة التشريعات المقيدة للديمقراطية في إسرائيل خاصة مشروع القانون المقترح الذى يحد من التبرعات لمنظمات حقوق الإنسان والاستبعاد المتزايد لمشاركة النساء الإسرائيليات فى الحياة العامة. وذكرت صحيفة " يديعوت أحرونوت" أن كلينتون أبدت أيضا صدمتها لتخصيص بعض وسائل النقل فى القدس أماكن جلوس منفصلة للنساء، معربة عن قلقها العميق حيال المناخ الاجتماعى وتحجيم دور المرأة الإسرائيلية والفصل بين الجنسين فى وسائل النقل العامة. والخلاصة أنه رغم تحذيرات إسرائيل المتكررة من خطر وصول من أسمتهم الإسلاميين المتشددين للسلطة في بلدان الربيع العربي، إلا أنه سرعان ما تأكد للجميع أنها هي أساس التطرف والعنصرية ، بل وبدأت أيضا تحصد ما زرعته.