إسلاميون: الحزب يدفع ثمنًا باهظًا لدعم «خارطة الطريق» ويتعرض لمؤامرة من أجل الإطاحة به لم تنجح المقاعد العشرة التي حققها حزب النور في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب في تخفيف حدة الشعور بالمرارة داخل الحزب وبين قياداته التي يسودها شعور بتخلي أجهزة الدولة عنها، على الرغم من مساندة الحزب ل "خارطة الطريق"، والإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، الأمر الذي ظهر جليًا في تعليق ياسر برهامي، نائب رئيس "الدعوة السلفية"، الزعيم الروحي للحزب: "سنشكو السيسي إلى الله". وعلى الرغم من حصول مرشحي الحزب على أكثر من 900 ألف صوت في مختلف أنحاء الجمهورية أغلبهم في قائمة غرب الدلتا، إلا أن النتيجة جاءت في المجمل مخيبة للتوقعات، فيما اعتبره محللون أنه يكشف عن أن الحزب كان المستهدف الأول من نظام "القائمة المطلقة"، الذي لم يعلن رفضه له خلال الجلسات مع عدلي منصور، الرئيس المؤقت، ورئيس الوزراء المقال إبراهيم محلب. ودفعت نتيجة الانتخابات في المرحلة الأولى قيادات الحزب للبحث عن أسبابها، فيما أرجعها الدكتور شعبان عبدالعليم، عضو المجلس الرئاسي للحزب إلى أسباب مختلفة، منها حملة التحريض الرهيبة التي شنتها الفضائيات التابعة لجماعة "الإخوان المسلمين" وحلفائها ضد الحزب، وأثمرت عن عزوف ناخبيه عن المشاركة في الانتخابات، إلى جانب حملة مماثلة قادها رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسس حزب "المصريين الأحرار"، فضلاً عن التوسع في استخدام المال السياسي من جانب القوى السياسية ورجال الأعمال في الجولة الأولى من الانتخابات. لكن الأسباب السابقة تجاهلت الأزمة الشديدة التي يعاني منها الحزب داخل قواعده التي أبدت انحيازًا شديدًا لتوجهات "الإخوان" وحلفائها، واعتبرت "النور" خائنًا لتوجهه الإسلامي، وعزفت عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي بشكل أظهر الحزب كأنه بدون قاعدة، الأمر الذي نفاه رئيسه الدكتور يونس مخيون، معتبرًا أن حصول الحزب على 30%من أصوات الناخبين بمفرده يكشف أن "النور" هو الحزب الأول في مصر، بحسب قوله. ويقول محللون إن فوز الحزب ب10مقاعد في جولة الإعادة يعطيه فرصة لإعادة ترتيب البيت من الداخل ويحفظ ماء وجه، باعتباره أنه يخوض معركة غير متكافئة مع مؤسسات الدولة ومع القوى المدنية والمالي السياسي. ورأى الدكتور أنور عكاشة القيادي الجهادي البارز، أن هناك رغبة حكومية من أجل الإجهاز على حزب "النور" بغير الطريق القضائي وحل الحزب بطريقة خشنة قد تنظر بشكل غير إيجابي في دوائر إقليمية ودولية. وأضاف: "الخيار الأقوى داخل السلطة يدور حول حرق النور جماهيريًا وإظهار عجزه أمام القواعد، لاسيما أن الحزب أدى الدور المطلوب منه بامتياز بعد تأييده لخارطة الطريق، الأمر الذي أفقده دعم كوادره ووجوده في الشارع وغدت قدرته على الحشد شديدة الضعف". وتابع "الخيارات تبدو محدودة أمام الحزب، حيث لم يعد أمامه إلا القبول بالمتاح والبحث عن أسلوب يعيد اللحمة بينه وبين قواعده ولملمة أوراقه في ظل التشتت التي تعاني منه الدعوة السلفية". فيما من غير المتوقع أن يعوض الحزب إخفاقه في المرحلة الثانية، نظرًا لأن 9من المقاعد التي حققها الحزب حصل على 3منها في معاقله الرئيسية بالإسكندرية والبحيرة ومرسى مطروح، ولم يبق للحزب إلا محافظة كفر الشيخ، فيما يحتفظ بأفضلية نسبية في محافظة الغربية والدقهلية والمنوفية وهي محافظات قد لا يحقق فيها أكثر من 10مقاعد. ويراهن الحزب على ورقة الهوية والتأكيد على أن وجوده بقوة في المشهد البرلماني كفيل بالتصدي للهجمة العلمانية التي تشن على الإسلام في مصر وهو ما بدا واضحًا في سلسلة التغريديات التي نشرها الزعيم الروحي للحزب الدكتور ياسر برهامي ووجه فيها كلامه لرجل الأعمال نجيب ساويرس، قائلاً: "لقد نجحت في إقصاء حزب النور عن تمثيل الحركة الإسلامية بأقل من عشر وجودها في المجتمع، وها هو الملياردير العالمي ساويرس، يستعد لتشكيل حكومة مصر، فلا تلوموا إلا أنفسكم ولتلمكم الأجيال المقبلة"، ما اعتبر يعد رسالة للمقاطعين من أبناء التيار الإسلامي. من جانبه، قال الدكتور ناجح إبراهيم، منظّر "الجماعة الإسلامية"، إن حزب "النور" سيستمر في المشهد السياسي بشكل هادئ وبدون اتخاذ مواقف دراماتيكية، لافتًا إلى أن الحزب سيمضي في مساره ويطور نفسه بشكل دءوب في ظل ما يمتلكه من قدرات على التعايش في المشهد دون مواجهة أو تطاحن. وأشار إلى أن الحزب "قائم على فكرة التعايش في المشهد حتى لو كان نصيبه من الكعكة قليلاً، بعكس حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الذي كان منشأه على الطموح للوصول للحكم، دون أن يمتلك القدرات التي توازي هذه الطموحات ولا القدرة على قراءة الواقع الدولي". ولفت إلى أنه "حزب النور سيقبل بالمتاح له في الساحة السياسية وسيتعايش مع نتائج انتخابات النواب حتى لو كان غير راض عنها". وأوضح أن "النور لم يستند لتنظيم قوى ولا بنية سياسية وتنظيمية قوية لذا وجدنا الانشقاقات بداخله من أول أزمة، وهو ما تمثل في تأسيس حزب "الوطن" فيما بقيت الانشقاقات داخل جماعة الإخوان في الحد الأدنى رغم كل شيء". ورأى أن "حزب النور يقوم على الاحتماء بالجسد السياسي للدولة والقبول بإمارة الحاكم المتغلب؛ لذا لا نتوقع منه مواقف لافتة بل إن نجاح ما يقرب من 10مرشحين له سيجعله منشغلاً بحفظ ماء الوجه وإعادة ترتيب البيت من الداخل، وتقييم الأخطاء والاستفادة من تداعيات المرحلة الأولى لانتخابات النواب".