انتهى الاجتماع الدولي حول سوريا الذي بدأ صباح اليوم في فيينا, بعد ثماني ساعات من المفاوضات، بنقاط توافق وخلاف على ان يعقد اجتماع جديد خلال أسبوعين، بحسب ما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. وقال فابيوس: "لقد تطرقنا الى كل المواضيع حتى الأكثر صعوبة منها, هناك نقاط خلاف لكننا تقدمنا بشكل كاف يتيح لنا الاجتماع مجدداً بالصيغة نفسها خلال أسبوعين". والتقى الأطراف الدبلوماسيون الرئيسيون في الملف السوري، وبينهم ايران و السعودية، أبرز قوتين متخاصمتين في المنطقة، للمرة الأولى اليوم، في فيينا لبحث فرص إيجاد تسوية سياسية للنزاع المستمر منذ اكثر من اربع سنوات في هذا البلد. وفي منعطف ديبلوماسي لافت في الازمة السورية، شاركت ايران، حليفة نظام دمشق في محادثات فيينا، ما يشكل مؤشراً اضافياً إلى عودة طهران إلى صفوف الاسرة الدولية، بعد بضعة اشهر على توقيع اتفاق حول برنامجها النووي. وبعد وصوله الخميس الى العاصمة النمسوية، التقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري، على حدة، كلاًّ من نظيريه الإيراني محمد جواد ظريف والروسي سيرغي لافروف، اللذين يقدّم بلداهما دعماً ثابتاً للنظام السوري في النزاع الذي أوقع أكثر من 250 ألف قتيل منذ 2011. وقال كيري: "حان الوقت لمنح ايران مكانا حول الطاولة"، مؤكداً بذلك التحوّل في موقف الولاياتالمتحدة التي كانت حتى الآن معارضةً لهذه الفكرة. ورأى كيري ان مفاوضات فيينا هي: "اكبر فرصة واعدة أتيحت لنا حتى الآن. الفرصة التي تحمل أكبر قدر من الامكانات لايجاد أفق سياسي"، ولو أن الولاياتالمتحدة لا تتوقع حلاًّ فورياً. وكان وزراء الخارجية الاميركي والروسي، والسعودي عادل الجبير، والتركي فريدون سينيرلي اوغلو، عقدوا جولة محادثات اولى، الاسبوع الماضي، في فيينا، أبرزت امكانية إجراء محادثات بين ممثلي الدول ذات المواقف المتباينة حول الملف السوري، وقد التقى الوزراء الاربعة مجدداً مساء الخميس. والاجتماع الذي بدأ اليوم، يشمل ما لا يقل عن 12 وزير خارجية من دول اقليمية وغربية، مثل وزراء خارجية لبنان جبران باسيل ومصر سامح شكري وبريطانيا فيليب هاموند وفرنسا لوران فابيوس والمانيا فرانك فالتر شتاينماير ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني. وكان لافروف، الذي التقى كذلك الوزير الايراني الخميس، أعلن في موسكو قبل مغادرته الى فيينا "تمكنّا في النهاية من جمع كل الاطراف دون استثناء حول طاولة واحدة ، اللاعبين الرئيسيين (في الملف)، والاعضاء الدائمين في مجلس (الأمن) وإيران ومصر ودول الخليج والعراق". ومن غير المطروح في الوقت الحاضر مشاركة الحكومة السورية او المعارضة في المحادثات. والعقدة الرئيسية في المفاوضات تتعلق بمستقبل نظام بشار الاسد. اكد فابيوس هذا الاسبوع ان واشنطن وباريس وحلفاءهما الغربيين والعرب يريدون التفاوض حول "جدول زمني محدد" لرحيل الرئيس السوري. وروسيا التي اطلقت حملة قصف جوي في سوريا، معلنةً استهدف المجموعات "الإرهابية"، تتّهم بقصف الفصائل المعارضة للنظام من اجل تعزيز موقع الأسد، فيما تتمسك موسكووطهران بمنح الرئيس السوري دوراً في مرحلة الانتقال السياسي في سوريا. اما الرياض فتبدي موقفاً متشدداً بهذا الصدد، عبّر عنه مجددا وزير خارجيتها، إذ أكّد امس لل"بي بي سي" ان بشار الاسد: "سيرحل إمّا بنتيجة عمليةٍ سياسية او لأنه سيخلع بالقوة". وشدد وزير الخارجية الايراني، قبل رحيله الى فيينا، على مبدأي "عدم التدخل في شؤون سوريا الداخلية" و"احترام سيادة البلد وحق الشعب السوري في تقرير مصيره"، وفق ما نقلت عنه وكالة ايرنا الرسمية.
وقال مدير البحوث في معهد العلاقات الدولية الفرنسي كريم بيطار أن: "موافقة السعوديين على حضور ايران مهمة بحد ذاتها. ولهذا يمكننا أن نتوقع أن هذا الاجتماع لن يعقد من اجل لا شيء". وأضاف ان "السؤال الآن هو معرفة إن كان الروس والايرانيون سيقترحون فترةً انتقاليةً طويلةً جداً، تمتد إلى ما لانهاية. هناك فرق كبير بين الحديث عن فترة ستة اشهر او فترة سنتين". وفي سياقٍ آخر، كانت نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء اليوم، عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله إن الكرملين: "يريد أن توافق المعارضة السورية على نهج مشترك وأن تشكل وفداً للمحادثات مع الحكومة السورية". وأضاف أن روسيا والسعودية تبادلتا قوائم بالشخصيات المعارضة السورية التي يمكن أن تشارك في المحادثات التي ستجري في فيينا. وذكر أن موسكو تريد مشاركة الجيش السوريالحر, والأكراد في المحادثات. ونقلت إنترفاكس عن بوغدانوف قوله إن القائمة الروسية تضم 38 اسماً، لكن موسكو تتحلى بالمرونة ويسعدها توسيع القائمة. وأضاف أن: "الولاياتالمتحدة وعدت بتقديم قائمتها. وقال وسيط الاممالمتحدة لليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد ان المناقشات بشأن سوريا يمكن أن تمهد الطريق امام مفاوضات اكثر شمولية بين هذين البلدين في نزاعات أخرى مثل اليمن والعراق. واضاف "لدي اعتقاد قوي أنه في وقت ما يجب أن يكون هناك حوار مباشر بين دول الخليج، وخصوصا السعودية، وايران. فهم جيران ولديهم كل الاسباب للتوافق". وشدد ولد الشيخ احمد على "الفرصة التي يشكلها الاتفاق النووي مع ايران التي ستنفتح اقتصاديا وستحتاج الى سوق كبيرة مثل الخليج". وقال ان "الانقسام" بين السنة والشيعة "يبدو مبالغا فيه اكثر من الواقع" و"هناك مشاكل اهم تطرح نفسها، مثل التنمية ومكافحة الفقر". من جهته، قال مسؤول أميركي كبير اليوم إنه قد تكون هناك جولة جديدة من المحادثات الدولية في فيينا الأسبوع المقبل من أجل التوصل إلى حل سياسي للحرب في سوريا.