هذا هو الكتاب الثاني للدكتور كمال حبيب القيادي الإسلامي والباحث المتخصص في شئون الحركة الإسلامية عن الرؤي الجديدة التي تعبر عن التطور الفكري داخل الحالة الإسلامية المصرية وعن رؤيته هو لهذه الحالة أيضاً ، والكتاب إبحار جرئ في عوالم الحركة الإسلامية المصرية الزاخرة بالكثير من التطورات علي كافة الأصعدة وفي كل الاتجاهات . يناقش الكتاب رؤي جديدة في الفصل الأول منه والمعنون " مناهج الفهم والخبرة وضوابطهما " حول فقه التعامل مع الشريعة الإسلامية وفقه التعامل مع الظاهرة الإسلامية عبر رؤية تميز بين الثابت والمتغير وتبني جدائل قوية بين النظر في النص وفهم الواقع كما قدم رؤية جديدة للتعامل مع فكرالأستاذ سيد قطب وفي الكتاب دراسة مهمة عن جماعة التكفير والهجرة ومناقشة أفكارها وتحليلها باعتبارها ظاهرة اجتماعية ونفسية كما يقدم المؤلف باعتباره أحد القيادات التاريخية للتيار الجهادي رؤيته وشهادته عن تطورات الأفكار وتحولاتها داخل هذا التيار وكيف نشأت وظهرت وتطورت وهو يروي كل ذلك شاهداً ومشاركاً وداعية إلي المراجعة والتجديد وإعادة الرؤية والنظرة من جديد حول العديد من القضايا لعل أهمها مسألة القدرة كشرط من الشروط التي يجب توافرها للقيام نحو قضية التغيير الداخلي في المجتمعات العربية والإسلامية ومسألة معرفة الواقع كأحد المداخل المهمة لبناء رؤية معرفية صحيحة للتعامل معه بعيداً عن العاطفة والرؤية الكلية التي لا يمكنها تحديد الفروق وإعطاء الخبرات البشرية والإنسانية وزنها في مسألة التغيير في مجتمعاتنا ، وفي هذا الجزء من الكتاب دراسة مهمة وفريدة عن " الرؤي المتبادلة بين الحركة الإسلامية ونظمها السياسية " وبعد استعراض هذه المواقف يصل الباحث إلي أن هذه الرؤي ليست ثابتة أو جامدة ولكنها متغيرة وفق السياسي السياسي والإدراك الذاتي لكل منهما ، ويعرض الكتاب لخبرة المواجهة بين الحركة الإسلامية المصرية وبين نظامها السياسي وينتهي إلي مجموعة مهمة من القضايا منها مثلا فشل التنظيمات السرية كأداة انتهجتها الحركة الجهادية للتغيير وفشل محاولة بناء مجتمعات موازية للمجتمعات التي تتعامل معها الحركة الإسلامية وبيان أن قضايا الإصلاح والتغيير ليست من مسائل الاعتقاد وإنما هي من المسائل المتغيرة التي يمثل الاجتهاد أداتها السياسية وفي الفصل الثاني المعنون بعنوان " تاريخ الأفكار و تحولات الحركة الإسلامية المصرية " يناقش تحولات الحركة الإسلامية المصرية ومستقبلها ويتعرض لتحولاتها وينتهي إلي أن " الملمح الذي سيشكل حالة الإحياء الإسلامي في المستقبل المنظور واللحظة الراهنة سيكون هو الفعل الأصولي الغربي المتعاظم في الديانة المسيحية واليهودية والمسيطر علي القرار السياسي الغربي ومراكز السيطرة والحكم في الدول الغربية وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية " وعن الإسلاميين والتحولات السياسية في مصر يرصد المؤلف ملاحظة تحول في السلوك الإسلامي نحو المشاركة في الأعمال المجتمعية والسياسية بعيداً عن استخدام العنف والمواجهة في الداخل ، ويرصد تحولات مشاركة الإسلاميين في الانتخابات النيابية والنقابية والمشاركة النسوية وغيرها من القضايا ، وعن التيار الجهادي في عالم متغير يرصد الكتاب التحولات الكبيرة التي حدثت لهذا التيار وينتهي إلي أن مستقبل التيار الجهادي مرهون باستمرار العنف البنيوي الكامن في العلاقات الدولية تجاه المنطقة العربية ومواقف النظم العربية من التحولات داخلها وعلي الصعيد العالمي أيضاً وفي دراسة مهمة بعنوان " الفكر الجهادي وأثره في الإصلاح السياسي يلاحظ المؤلف التحول من الجهادية إلي الإصلاح وأنه لا بد من تحولات من جانب النظام السياسي المصري تعطي معني " الجدوي " من تحولات التيارات الجهادية نحو الإصلاح وفي دراسة مهمة ضمن هذا الفصل يناقش المؤلف مراجعات التيار الجهادي المصري ويتعرض للجزء الذي لم يعرف من اجتهادات بعض قيادات تنظيم الجهاد التاريخية مثل " عبود الزمر " الذي أعلن عن برنامج إصلاحي يستلهم قيم النضال السياسي بعيداً عن استخدام العنف والقوة وفي الفصل الثالث بعنوان " الحركة الإسلامية .. رؤي وآفاق " يناقش الكتاب مستقبل العلاقة بين الدولة المصرية والحركة الإسلامية وهو يلاحظ أن الدولة المصرية لديها استراتيجية ثابتة في التعامل مع فصائل الحركة الإسلامية وهي استراتيجية " تعميق التناقضات دالخ الحركة الإسلامية " عن طريق السماح للقوي الإسلامية التي تستخدم الوسائل السلمية للتعبير عن نفسها بشكل حر لمحاصرة الاتجاهات التي تستخدم العنف ، ولكنه بعد أحداث سبمتبر ودخول أمريكا علي خط تعقب التيارات الإسلامية أصبح المعيار الجديد للتعامل مع هذه التيارات هو المواقف والتحولات الفكرية لهذه التيارات وليس وسائلها في التغيير ومن هنا دخلت التيارات السلفية علي الخط كما دخل علي الخط بقوة حزب الوسط كتعبير عن موقف فكري يمكنه حصار الإخوان المسلمين ويناقش هذا الفصل أيضاً " جدل الديني والسياسي في الانتخابات المصرية الأخيرة " كما يناقش مستقبل العلاقة بين الدولة المصرية والكنيسة القبطية والحركة الإسلامية وهو يؤكد علي أن أدبيات الحركة الإسلامية لم تتضمن أي تعبيرات عدائية ضد الأقباط ولكن التوتر بينهما كان انعكاساً لتوتر عام في المجتمع ناتج عن مواجهة أكبر بين الكنيسة والدولة المصرية ويرصد الكتاب التحولات الفكرية الجديدة للإسلاميين ناحية الموقف من الأقباط ويتعرض الكتاب أيضاً للحوار بين التيار الإسلامي وأمريكا ويراه خطراً داهما علي الحركة الإسلامية وفي الفصل الرابع والأخير المعنون بعنوان " الحركة الإسلامية بعد 11 سبتمبر " يناقش الكتاب مفهوم الشبكات الاجتماعية كأداة جديد لتحليل العنف في حادث شرم الشيخ وفندق طابا وحادثي خان الخليلي وميدان عبد المنعم رياض ويتعرض لمعني الشبكة الاجتماعية داخل الحالة الإسلامية خاصة التيارات الجهادية الهامشية الجديدة ، كما يعرض للمواقف الغربية من العالم الإسلامي والتي تعبر في رأي المؤلف عن مواقف أصولية متشددة تمثل أحد مصادر رد الفعل الإسلامي الجهادي علي المستوي الكوني والإقليمي للدفاع عن عالم الإسلام في مواجهة هجمة صليبية غير مسبوقة تثير الفزع والتوتر وبالطبع العنف في العالم الإسلامي ومن هنا يناقش الكتاب " الاستراتيجية الأمريكيةالجديدة تجاه العالم الإسلامي وأولوية الجانب الديني والثقافي والحضاري فيها ويكشف من خلال قرائته لبعض التقارير الأمريكية الاستراتيجية عن المخططات الأمريكية لعلمنة الإسلام ومحاولة بناء إسلامي وفق المخططات الأمريكية ويختم المؤلف الكتاب بكلمة مهمة إلي شباب الصحوة الجديدة يدعوهم فيها إلي الاستفادة من الخبرات المختلفة للحركة الإسلامية والبعد عن المواجهة وتعجلها وتعلم النفس الطويل والصبر الجميل في التعامل مع الواقع وفي خاتمة الكتاب عدد من الوثائق المهمة منها شبكة العلاقات الاجتماعية للملازم أول خالد الإسلامبولي وتقرير راند للتعامل مع الاتجاهات الإسلامية ومقال " فرانسيس فوكوياما " بعنوان " هدفهم العالم المعاصر " الذي نشرته النيوزيك الأمريكية في عام 2001 م والكتاب يمثل أحد الكتب المهمة لتسجيل التطورات التي عاشتها الحركة الإسلامية المصرية وقراءة الاستراتيجية الأمريكية في تعاملها معها ومن ثم فهو إضافة مهمة للمكتبة العربية .