عندما تشعر بالتراجع وهبوط المعنويات وتخرج منك الزفرات الحارة الأسيانة، فأنت تحتاج إلي وقفة استراحة، بلغة العصر تحتاج بطاريتك إلي إعادة شحن ولذلك يذهب الناس إلي رحلات الترويح عن النفس ويقومون بزيارة الأقارب ويجددون صلات أرحامهم وقبل كل ذلك يتجهون إلي المزيد من العبادات التي تخفف العناء عن أرواحهم المتعبة وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول عن الصلاة " أرحنا بها يا بلال " فإذا داهمك هذا الإحساس وأنت لا تستطيع الانقطاع عن أداء واجباتك في العمل أو في البيت، تلك الواجبات التي تسهم بمزيد من أسباب الإحباط الذي يغزوك، فيمكنك أن ترتحل بخيالك إلي مكان آخر يجدد طاقتك ويمنحك الأمل في الحياة، مكان يقع في ذاكرتك حيث تجمع فيه أجمل وأرقي ذكريات النجاح والسعادة التي مرت بك سابقا، وتركز علي لحظات الفرج بعد الشدة وكيف انفرجت أزمتك بترتيب إلهي لم يكن يخطر ببالك، وحقائق تميزك ونجاحك وتكريمك التي تثبت لك وللعالم بأسره أن استخدام إمكانياتك وطاقتك بكفاءة يؤتي أفضل الثمار، وذكرى أحاسيس شجية فاضت بها نفسك وأنت تمشي مع أحبائك في طريق يحمل ذكريات خاصة لا تنسي. تذكر أيضا الأشخاص المميزين الذين ارتبطت بهم في أي مرحلة من حياتك، تلك الأرواح الشفافة التي أخذت بيدك وأضاءت لك الطريق، إذا كان في حياتك شخص مقرب ممن ينطبق عليه هذا الوصف فلا تتردد في الاتصال به أو زيارته فيمكنه أن يخفف عنك الكثير، إنه يمنحك سلعة الحياة الغالية فليس هناك أجمل وأثمن من إحساسك بوجود روح مشرقة تؤازرك وتخفف عنك وتعطيك الأمل في الغد وتجعلك تشعر أنك بخير وترى الجانب المشرق في الحياة وتركز علي الجانب الإيجابي في حياتك، حتى لو لم يقدم لك حلا فإنه يعطيك ما تحتاجه دفعة للأمام، إضاءة للطريق، إشارة خضراء، واحة في الصحراء. هؤلاء الناس هم القناديل التي تضئ الطريق لغيرها من دون انتظار مقابل فهم ينشرون ظلهم ويمنحون ضوءهم لكل ما يعبر بهم. ورغم أن البعض يعطي من ماله أو وقته أو جهده للآخرين إلا أن أعظم العطاء هو العطاء من النفس، تحمل الآخر وبذل الاهتمام له وسعة الصدر ورحابة النفس التي تستوعب آلام الآخرين وتمدهم بما يحتاجونه من زاد لإتمام الرحلة. إنه المعني الحقيقي للحب، أن أتفهم الطريق الآخر وأغض الطرف عن عيوبه وأبني جسرا حميما بيني وبينه وأعينه علي البقاء صامدا أمام مشكلته حتى يأذن له الله بحلها. هؤلاء الأشخاص المميزون حباهم الله نبعا لا يغيض من الرحمة والحب في قلوبهم وهو يبذلونها لكل من يستحق. حاول أن تكون واحدا من هؤلاء وأن تمد ظلك لغيرك وتضئ الطريق لمن حولك وتضع العلامات الإرشادية لمن يأتي بعدك، فطريق الحياة، يصبح أجمل كلما كثرت فيه القناديل.