جمال سلطان الزميل ممتاز القط رئيس تحرير أخبار اليوم الجديد لم يترك جهة أمنية أو سياسية أو قضائية أو نقابية إلا حرضها علينا أمس في مقاله بالصحيفة ، لمجرد أننا سألناه عن الصفحات الست التي خصصها معاليه للملياردير أحمد عز ، أمين التنظيم في الحزب الحاكم وعضو مجلس الشعب، في عدد السبت الماضي بعد معركته مع طلعت السادات ، طبعا قصة الحذاء كلها طلعت فشنك حسب التحقيقات التي أشرف عليها رئيس المجلس نفسه الدكتور فتحي سرور ، وهذا ما ضاعف من الفضيحة والحرج عن أخبار اليوم ، لقد سألنا الأخ ممتاز سؤالا صريحا من حقنا كمواطنين ، هذه الصفحات الست التي كانت مادة إعلانية فضائحية متسترة في صيغة العمل الصحفي كم دفع فيها أحمد عز ، بالحلال طبعا ، لم يجب القط ، ولا يستطيع أن يجيب لأنها فضيحة وكارثة ، وإنما راح يتحدث عن من يهاجمون الشرفاء ويتهمون الناس في ذممهم ، كما أنه كعادة أمثاله راح يتترس بمقدمة خارج الموضوع دفاعا عن الرئيس مبارك وأن "الصحف الصفراء" تهاجم الرئيس وتنتقده مع أنه رمز مصر ، وطبعا لا أضيع وقت القارئ في التعليق على هذا المنطق الفرعوني القديم الذي يرى الحاكم إلها لا يجوز انتقاده أو المساس به رغم أننا نرى في أمريكا من يتهم بوش علانية وفي كبريات الصحف بأنه "غبي" كده مرة واحدة وعلى كل حال من الطبيعي أن يكون ممتاز القط ممتنا للرئيس مبارك الذي بقرار منه كشف عن موهبة كانت مدفونة ، لم يقرأ الناس لها عامودا فقط في الجريدة من قبل ، وفجأة أصبحت تخصص لنفسها صفحة كاملة كل عدد لشرح الأوضاع في مصر والعالم ، رأسه برأس هيكل في زمانه ، وأحيانا تخصص لمعاليه الصفحة الأولى والأخيرة معا ، وهذه خصوصية مصرية ، حيث المواهب تولد بقرار جمهوري ، وعودة لجوهر الموضوع ، فلا يليق بممتاز القط أن يتترس بالرئيس مبارك وانتقاده ، والأليق به أن يجيب على الواقعة ، هذه الصفحات الست التي خصصتها للدفاع عن الملياردير أحمد عز وأمجاده وأمجاد أجداده وطهارة يده وشفافية البيزنس الذي يقوده والذي ربح فيه أربعة آلاف مليون جنيه في ليلة ، هذه الصفحات الست التي خصصتها لعز ، ما هي الأبعاد القومية الخطيرة الطارئة التي دفعتك لها ، وإذا كان الرئيس مبارك في تصورك هو رمز مصر ، هل أصبح أحمد عز أيضا رمز مصر بحيث تخصص له ست صفحات من العدد الأسبوعي للدفاع عنه وتلميعه وذبح خصومه ، ثم إني مندهش من جرأة صحفي مصري على دعوة كل مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية والنائب العام ورئيس الجمهورية لخنق حرية الصحافة ، ووضع الحياة الصحفية تحت الوصاية ، ووقف أي تراخيص لإصدار صحف إلا ما يرضى عنه معاليه أو تسبح بحمد أصحاب الفضل عليه ، وعلى كل حال نحن في المصريون محرومون من الترخيص أصلا ورفضوا منحنا ترخيص طباعة صحيفة المصريون وتوزيعها رغم استيفائنا لكل الشروط والعقود والضوابط ، وهذه من معالم أزهى عصور الديمقراطية بدون شك ، .. ما كتبه القط أمس لا يكشف عن تدني مهني في الصحافة القومية وحسب ، وإنما يكشف أيضا عن أن الصحافة القومية تحولت بالفعل إلى الوجه الآخر لشومة الأمن المركزي . [email protected]