جمال سلطان عندما تخصص صحيفة قومية ست صفحات كاملة من عددها الأسبوعي دفاعا عن عضو بمجلس الشعب فالأمر يحتاج إلى وقفة ، وعندما يكون هذا العضو ملياردير كبير في حجم أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني ، فإن أكثر من علامة استفهام تفرض نفسها على الجميع ، ما فعلته صحيفة أخبار اليوم هذا الأسبوع فضيحة صحفية بكل المقاييس ، خناقة وقعت بين عضوين بمجلس الشعب ، أحدهم اتهم الآخر بالتآمر على أموال المصريين في البورصة من أجل أن يحقق أرباحا بلغت أربعة مليارات جنيه في ليلة ، وأنه كان يصدر مواد البناء لإسرائيل لبناء الجدال العازل العنصري الذي أدانه العالم كله ، وبالمقابل يتهم أحمد عز طلعت السادات بأنه سبه ورفع عليه الحذاء في المجلس ، وأعلن المجلس أنه سيحقق في الواقعة والاتهامات المتبادلة ، إلى هنا والخبر عادي رغم أنه من النوع "الحراق" مهنيا ، يمكن أن تأخذه مانشيتا في صحيفتك ، أما أن تفرد ست صفحات من القطع الكبير لهذا الموضوع وتحشد فيه كل طاقتك الصحفية من أجل أن تدافع عن الملياردير أحمد عز وتدين العضو طلعت السادات ، فبلا مؤاخذة ، من حق الجميع أن يسأل : ما هو المقابل بالضبط ؟ إن صحيفة أخبار اليوم صحيفة قومية ، وليست صحيفة الحزب الوطني ، والمفترض أن الطرفين سواء بالنسبة لها ، وأن هناك اتهامات متبادلة بين طرفين سيتم التحقيق فيها ، ويفترض أننا لا نعرف إلى أي وجهة سيذهب التحقيق ، ومن الذي ستتم إدانته في النهاية ، فما الذي حمس صحيفة قومية لكي تسابق الزمن وتحشد عشرات من صحفييها وكتابها وكتاب آخرين من خارجها حشدتهم على عجل من أجل أن تدافع عن أحمد عز بكل ما أوتيت من قوة ومن بجاحة أيضا ، أنا لا أعتقد أبدا أن هذا من قبيل الإسفاف ، أبدا ، المسألة عاقلة ومعقولة ومحسوبة ، ومن حقنا أن نسأل عن الثمن وعن الحساب ، ومن يتحمل فاتورة الحساب ، في تصوري أنه لو كان الخلاف مع جمال مبارك نفسه ، فلن تفرد له صحيفة قومية ست صفحات في عددها الأسبوعي من أجل أن تدافع عنه ، ربما أجرت تحقيقا أو نشرت مقالا افتتاحيا أدانت فيه خصومه ، أما "تأجير" ست صفحات من العدد الأسبوعي لتاجر وملياردير فهو موقف يستحق أن يحاكم من اقترفوه ، لأن هذه الصفحات مادة إعلانية فضائحية لا يمكن أن تنسب إلى العمل الصحفي بأي مقياس ، أعرف أن صحفا أخرى على علاقة بأحمد عز نشرت مقالات أو تحقيقات مشابهة ، وهو ما يعني أن حملة "تأجير" منسقة ومرتبة ، ولكن لا توجد صحيفة فعلت ما فعلته أخبار اليوم التي وصل الحال فيها إلى ما يشبه "ملحق" خاص للدفاع عن الملياردير أحمد عز ، هل دفع أحمد عز "إيجار" هذه الصفحات ، أقصد الإعلانات ، من فوق الطاولة وليس من تحتها ، فهمي هويدي قال قبل أيام أن الصحافة القومية في ظل القيادات الجديدة تعاني فسادا مهنيا ، ولكنها لم تدخل اختبارات قوية في الفساد المالي ، .. أعتقد أن هذه الفرضية تحتاج الآن إلى مراجعة . [email protected]