"200 سجين وقعوا على إقرارات تستعطف الحكومة وتؤكد البراءة من الإسلاميين"، كان ذلك مضمون خبر متداول مطلع العام الجارى، عبر من يعرفون إعلاميًا ب"الإخوان المنشقين"، ليعاد إنتاج الخبر مرة أخرى خلال اليومين الماضيين من ذات المصدر وبنفس الرقم وموجه لذات الجمهور. وبينما أنكر النظام رعايته حملة "التوبة" هذه اعتبر مراقبون تلك الحملة آلية لشق صفوف الإخوان واللعب على الأزمة الداخلية للتنظيم. قيادات إخوانية من جانبها ربطت بين طريقة تفكير النظام الحالى ونظام الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر فى تعامله مع المعارضة وخصوصًا جماعة الإخوان المسلمين فى محاولة مكررة لشق الصف الإخواني بمثل هذه الإقرارات. فمن جانبه قال الدكتور عز الدين الكومى، القيادي بالجماعة إن "طرح فكرة ما تسمى ب"إقرارات التوبة" ليست جديدة"، مشيرًا إلى "أن هذا الأمر تم طرحه من قبل ثروت الخرباوي ومختار نوح وكمال الهلباوى (قيادات إخوانية منشقة)، بجانب محاولة حزب النور استثمار تلك الفكرة". وحول القصد من ترويج تلك الفكرة رأى الكومى فى تصريحات ل"المصريون" أن "القصد منها البحث عن شرعية مفقودة"، متهكمًا: "وحتى لو تم هذا الأمر هل سيمنح شرعية للنظام". وربط الكومى بين "محاولة السلطات الحصول على تأييد المعتقلين للإفراج عنهم بما بفعله (زبانية التعذيب) فى سجون الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر"، على حد تعبيره. وأشار القيادى الإخوانى إلى أنه رغم إحداث توجه نظام عبد الناصر لدى كثيرين من المعتقلين آنذاك نوعًا من الإرباك وانشقاق عدد من المعتقلين الذين آثروا السلامة وطمعًا فى الخروج من جحيم التعذيب عن جسم التنظيم، لكن الأغلبية لم تنصع لمثل هذه الإغراءات وظلت ثابتة على مبادئها لعلمها بطبيعة الطريق ومنعطفاته". وأضاف: "ظن البعض (حينها) أنه بمجرد كتابة التأييد سيذهب إلى بيته فى اليوم التالى، لكنها كانت زحلوقة من ركبها انحدر إلى منحنيات خطرة تبدأ بالتجسس على إخوانه وكتابة تقارير عنهم وانتظار صدور أمر الخروج، الله عصم الإخوان من هذه الفتنة وتحملوا ما تشيب من هوله الولدان على يد حمزة البسيونى، وشمس بدران، وصفوت الروبى وغيرهم". ولفت إلى أن "الخرباوى ونوح والهلباوى زعموا بأنهم قدموا مشروعًا قوميًا لمقاومة الإرهاب والتأثير على عقول الشباب وتغيير المفاهيم وقدموا طلبات بهذا الخصوص ولكنه باء بالفشل أدمغة". وفى سياق متصل، شكك حسام المتيم أحد شباب الإخوان والمنسق العام لمجلس قيادة شباب الثورة فى صحة ما ذُكر بشأن توقيع 200 شاب من جماعة الإخوان على إقرارات التوبة هذه، خصوصًا حينما يؤكد الخبر أن بعضهم مطلوب أو تم القبض عليه فعليًا بتهم التظاهر والشغب. المنطق -بحسب المتيم- يشير إلى ضغوط تمارسها الأجهزة الأمنية على الشباب للخروج بتلك التصريحات الإعلامية فى صورة بالونات اختبار لقياس مدى صمود الصف الإخواني فى وجه هذه المهاترات. وفسر المتيم فى تصريحات ل"المصريون" ذلك بأنه "ربما يكون على أمل إحداث أضرار بالصف الإخواني فى محاولة على ما يبدو لتشتيت الجهود الرامية لمواجهة النظام بعدما أكدت جموع المعارضين من الإخوان وغيرهم إصرارهم على المضي قدمًا فى تحرير مصر من حكم النظام الحالي وللأبد"، على حد تعبيره. وأكد الميتم أن جموع شباب الإخوان يصرون على الحفاظ على وجودهم داخل الإطار التنظيمي للجماعة فى هذه المرحلة الحرجة"، متابعًا: "وهذا لا يعنى مطلقًا فى وجهة نظره عدم بذل الجهود المضاعفة للعمل على تطوير الجماعة داخليًا لمواجهة بعض الأخطاء والقصور فى الأداء وذلك فى استجابة لمطالبات عدة توجه بها الشباب لإيجاد آليات مرنة تسمح بعرض وتقييم وجهات النظر المختلفة والعمل على تصعيدها لفريق الإدارة داخل الجماعة". وفى وقت سابق قال عمر عمارة، منسق تحالف شباب الإخوان المنشقين، فى تصريحات ل"المصريون" إن "200 شاب إخواني وقعوا عريضة وإقرارات توبة عن تبرؤهم من فكر الجماعة، مشيرًا إلى أن أغلب من وقع على الإقرارات هم على ذمة قضايا وأغلبهم مقبوض عليه بتهمة التظاهر والشغب". وأشار عمارة إلى أن "شباب جماعة الإخوان المسلمين يمثلون نصف عدد الجماعة، ولابد من الدولة أن تفتح لهم الطريق للعمل فى الحياة السياسية بعد هذه الإقرارات". ومنذ الإطاحة بمرسى فى 3 يوليو 2013، ويحاكم الآلاف من قيادات وكوادر جماعة "الإخوان" والمعارضين أمام المحاكم بتهم "ارتكاب العنف والتحريض عليه"، فيما تعتبرها الجماعة تهما سياسية وتجدد التزامها بالمسار السلمى فى المواجهة، فيما تقول الحكومة دائمًا، إن أحكام القضاء "غير مسيسة"، وملتزمة بالقانون والدستور وفى إطار مواجهة أية خروج عنهما.