قال الكاتب عبدالباري عطوان، الصحفي الفلسطيني، إن المملكة السعودية باتت تقترب من حرب مباشرة في مواجهة إيران، لتنهي بذلك عقودًا من الحرب بالوكالة بين البلدين، مشيرًا إلى أن الأخيرة تخذ من حادثة "تدافع مِنى" كأرضية لتأجيج الصراع. وأوضح "عطوان"، في مقال نشره بصحيفة "رأي اليوم"، والتي يرأس تحريرها"، أن التدخل العسكري الروسي في سوريا لدعم "الأسد"، جاء ليصب المزيد من المازوت على نار التوتر، ويعزز فرص الصدام، خاصة اذا ما حاولت القيادة السعودية تكرار الدور الذي لعبته في مطلع الثمانينات من القرن الماضي في حشد المجاهدين السنة وتعبئتهم وتسليحهم لقتال السوفييت في أفغانستان. وطالب "عطوان"، بضرورة الاعتراف بأن التهديدات الإيرانية ضد السعودية هي الأقوى والأعلى صوتا، والأعنف لغة، وتحاول توظيف كارثة الحجاج في مشعر منى، كأرضية في هذا التصعيد، لحشد الشعب الإيراني، وتعبئته خلف أي صدام مع السعودية، بسبب حالة الغضب الشديد التي تسود أوساطه تجاه كارثة الحجيج. وأوضح "عطوان" أن قيادات الدولة الشيعية سواء كان العسكرية أو السياسية تؤجج للصراع، مستشهدًا بتصريحات بعضهم، حيث قال اللواء محمد علي الجعفري القائد العام للحرس الثوري الإيراني، والرجل الأقوى في إيران بعد المرشد، في تهديدات صدرت عنه السبت "إن الحرس الثوري مستعد لتوظيف جميع قدراته لتوجيه رد سريع وعنيف، في أي زمان ومكان، ضد آل سعود، بسبب كارثة منى، واسترداد حقوق الحجاج الأيرانيين الضحايا، وتحقيق طلب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي". وكان المرشد الإيراني الأعلى نفسه هدد في الأسبوع الماضي "برد عنيف وقاس في حال إساءات السعودية للحجاج"، وطالبها بأن تتحمل مسؤوليتها عن حادثة التدافع في منى، داعيا إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق تضم ممثلين عن الدول الإسلامية. العميد مقتدى قرباني المقرب جدا من الجنرال قاسم سليماني رئيس فيلق القدس، ورئيس تحالف الثورة الإيرانية، ذهب في تهديداته للسعودية إلى ابعد من الجميع عندما قال "إن ألفي صاروخ جاهزة لضرب السعودية إذا أصدر مرشد الثورة أوامره بالتنفيذ". في المقابل تلتزم القيادة السعودية حالة من الصمت إزاء هذه التهديدات، وباستثناء مقالات شرسة تهاجم إيران وتتهمها ببذر بذور الفتنة الطائفية، وتطالب بالتصدي لها. وقال "عطوان" إن هناك تفسيران لهذا التصعيد الإيراني المتصاعد واللغة غير المسبوقة التي تتسم بها التهديدات المرافقة له: الأول: أن تكون إيران جادة فعلا في توجيه ضربات ضد المملكة، بعد أن وجدت نفسها في موقع صعب بعد عدم قدرتها على نصرة حلفائها في اليمن (الحوثيين)، وباتت موازين الحرب في سورية تميل إلى صالح تحالفها، بعد تدخل الروس عسكريا، وتعزيز وجود النظام السوري، الأمر الذي يخفف الضغوط عنها في الملف السوري بدرجة اكبر، والعراقي بدرجة اقل، ويحقق لها حرية اكبر في الحركة سياسيا وعسكريا. ثانيا: أن يكون هذا التصعيد يهدف الى ممارسة ضغوط على السعودية لدفعها الى المزيد من الشفافية في مسألة التحقيقات في وفاة 464 حاجا إيرانيا بينهم مسئولين كبار، وتقديم اعتذار رسمي عن هذه الكارثة وتعويضات لأسر الضحايا، لان إيران، ومهما صعدت، من الصعب ان تدخل في حرب مباشرة لمعرفتها لحجم الخسائر المتوقعة، حتى لو كان الانتصار حليفها، وهذا ما يفسر سياسة ضبط النفس في اليمن، والحد الأدنى من التدخل المباشر في سورية. من الصعب ترجيح أي احتمال على الآخر، لكن يمكن القول أن قيادة إيران “مجروحة” بل و”محرجة” أمام مواطنيها بسبب كارثة الحجاج وارتفاع عدد ضحاياها، وتزايد الحديث عن روايات عديدة من بينها وجود “تعمد” أو “مؤامرة” لقتل هؤلاء، و”خطف” بعضهم، وهذا البعض يضم قيادات في الحرس الثوري والجيش والأمن، وإحدى الروايات، أو بالأحرى الشائعات، راجت بقوة عن احتمال وقوف قوى خارجية خلف عمليات الخطف هذه، ولعب غياب الشفافية في التعاطي السعودي الرسمي من مسألة “المفقودين” دورا ملموسا في تغذية هذه الشائعات”. وأضاف: "القيادة السعودية تواجه هذه التهديدات الإيرانية وحدها تقريبا، وفي ظل غياب حاضنة رسمية عربية قوية لها، وباستثناء الدعم القطري التركي، فان معظم الدول العربية تلتزم حالة من اللامبالاة، ولعل التصريحات التي أدلى بها السيد سامح شكري وزير خارجية مصر، التي قال فيها: "إن الغارات الجوية التي تشنها روسيا في سورية ستساهم في محاصرة الإرهاب والقضاء عليه"، هي المثال الأبرز على ما نقول، والموقف المصري هذا يتناقض كليا، بل ويتصادم، مع موقف “الحليف” السعودي، وهناك أنباء حول اتخاذ كل من الأردن والإمارات الموقف المصري نفسه، تجاه تطورات الوضع في سورية، والتدخل العسكري الروسي".