هدأت حدة الأزمة الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين، بين طرفي النزاع "الحرس القديم" ومكتب إدارة الأزمة، الذي جرى انتخابه في فبراير من العام الماضي، بعد شهور من الشد والجذب، وسط تأكيدات مراقبين أن الأزمة انتهت لصالح "شيوخ التنظيم". وكشف مقربون من جماعة الإخوان المسلمين، أن "جناح محمود عزت وإبراهيم منير ومحمود حسين تمكن من تقليم أظافر الحركة الثورية الشبابية في الداخل الإخواني، عبر السيطرة على أدواتهم الإعلامية متمثلة في الغياب الملحوظ للمتحدث باسم الإخوان "محمد منتصر" (تدور حوله شبهات كثيرة بأنه شخصية وهمية)، وغلق منافذ أخرى مثل فضائية "مصر الآن" (لسان حال الجماعة) والسيطرة على الصفحات والمواقع الرسمية. وكشف أحد شباب الجماعة ل"المصريون"، عن نية "الحرس القديم" ب"قبول مبادرة مصالحة مع النظام بوساطة دولة إقليمية، والسعي لفرضها على الجماعة، مع التسويق لخيار تفرضه هذه الدولة، وتتعلق بتراجع الإخوان للخلف والبعد عن التصعيد الثوري في مقابل هدنة تسعى فيها هذه الدولة". وشنت مجموعة "صوت الإخوان" هجوما حادا على من أسمتهم ب"عواجيز التنظيم"، وطالبت بإقالتهم ومنح الشباب فرصة القيادة، لتجديد دماء الإخوان. وحذرت المجموعة من "طريقة تفكير هؤلاء (الحرس القديم للتنظيم) "التي عفى عليها الزمن والتي ربما كانت تصلح قديما ولكن في عصرنا الراهن لا مجال لها". وأشارت إلى أنه "في إحدى ملفات الأرشيف الكامل التي حصلت عليه لمن أسمتهم ب"العواجيز" مراسلة غريبة تدل على مدى عجز هؤلاء الذين ما زالوا يؤمنون للنظام بعد كل ما فعلوا بعدما قتلوا وشردوا واعتقلوا". وكان القيادي الإخواني "محمد سودان"، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة قد نفى "وجود أزمة داخل التنظيم"، مشيرا إلى أن ما يحدث داخل الإخوان "ليس المحنة الأولى، وليس هذا هو الخلاف الأول لجماعة يمتد عمرها لكثر من 87 سنة". واعتبر سودان (المقيم في بريطانيا) في تصريحات ل"المصريون"، أن "ظهور الخلافات على السطح يعد ظاهرة صحية"، قائلا: "فالجماعة تضم ملايين الأعضاء من أعمار مختلفة وجنسيات مختلفة وثقافات مختلفة، وإن لم يطفو على السطح أى خلافات فهذا معناه أنه لا حياة لهذه الجماعة، و أنها جماعة مستكينى مسلوبة الإرادة". وقال "سودان" إن "ما يهم قادة التنظيم والأعضاء الآن الخروج من هذه الأزمة بأسرع وقت ورأب الصدع بأقل خسائر ولا نشك أبداً فى نصر الله الذى نظنه قريبا". وفي اتجاه آخر، قال المخرج عز الدين دويدار (مقرب من الجماعة)، إن "الحرس القديم داخل التنظيم نجح في انقلابه على مكتب إدارة الأزمة المنتخب"، مؤكدا أنه "بإغلاق قناة مصر الآن اكتملت عملية سيطرة مجموعة ابراهيم منير ومحمود حسين ومحمود عزت على المنافذ الإعلامية للجماعة، وبذلك استسلمت مجموعة 2014، وانتهت الأزمة تقريبا". وأوضح "كانت سيطرة مجموعة 2014 على المنافذ الإعلامية الرسمية للجماعه (القناة - الموقع - الصفحة الرسمية - المتحدث الرسمي) هي العائق الأخير أمام استكمال الانقلاب داخل الجماعة بعد تمكن القيادة التاريخية من استعمال نفوذها وأدواتها في تقسيم الجماعة جغرافياً على الأرض بالتواصل الآثم مع المكاتب والقطاعات متجاوزة القياده الشرعية داخل مصر". وأضاف أن "الحرس القديم تمكنوا من بسط نفوذهم على الأرض من خلال رجالهم الموالين في كل شعبه ومكتب وقطاع". وأشار إلى أنه "لم يكن صعباً الترويج للانقلاب فمن يسمع لقيادات منتخبة لكن مجهولة مطاردة في مواجهة رموز تاريخية تصارع بتاريخها ونفوذها". ولفت إلى أنه: "منذ شهر تقريباً بشرت قيادات الشعب والمكاتب الإخوان في القطاعات والمحافظات الإقليمية بأن الأزمة إنتهت ، وكانت تلك رسالة مجموعة الدكتور منير ، هذا الأسبوع بشرت قيادات المكاتب والشعب الإخوان بأن الأزمة إنتهت في قطاعي القاهرة والإسكندرية (آخر القلاع) بأن الأزمة قد إنتهت ، وكانت تلك أيضاً رسالة مجموعة الدكتور منير". وتهكم دويدار قائلا: "داعاً محمد منتصر تلك الشخصية الوهمية التي لن نعرف من كانت ولن نعرف من ستكون وداعاً مصر الآن ومبروك لجيل 1930 العودة لقيادة الماضي و الحاضر والمستقبل ومبروك لقناة الحوار بالمناسبه وسحقاً للجهل والجاهلين والدولتجية والمترددين". وألقى الانقسام بظلاله على صفوف الجماعة، ما دفع تيار كبير من الشباب لتأييد القيادة الجديدة باعتبارها تمثل إرادتهم في مواجهة السلطات عبر حراك ثوري لإسقاط النظام. ويدين للقيادة الجديدة بالولاء الجانب الأكبر من المكاتب الإدارية بما فيها "مكتب الخارج" (يرأسه أحمد عبدالرحمن)، و"اللجنة الشرعية" ولجنة "الشباب المركزية" اللاتي تأسست مؤخرا، وذلك لأن تلك المكاتب اكتسبت شرعيتها من الانتخابات التي أشرف عليها المكتب الجديد في فبراير 2014 كما أنها توافق على رؤية القيادة الجديدة للمشهد وتعاملها معه وتحظى بتأييد الشباب، وتدرك ذلك القيادة التاريخية والتى بدأت في مد جسور التواصل مع المكاتب الإدارية لتقوم بعزل القيادة الجديدة عن جسد الجماعة. أما العلاقات الخارجية والتمويل فهي من نصيب القيادة التاريخية ورموزها مثل الدكتور محمود حسين والذي يمثل تنظيم إخوان مصر في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان. وتعود جذور أزمة الإخوان إلى اعتصام رابعة العدوية (استمر قرابة 45 يوما وجرى فضَّه في 14 أغسطس 2013)، وفيه اجتمع مجلس الشورى العام للجماعة (الهيئة التشريعية العليا) واتخذ قرارا بالمضي في التصعيد، وأوصى بإيجاد قيادات بديلة في حالة اعتقال قيادات الصف الأول. فيما طالت أيدى النظام قيادات الصف الأول والثاني والثالث في الجماعة، ولم يتبق سوى بعض أعضاء مكتب الإرشاد المطاردين في الداخل، وآخرين في الخارج كان قد خرجوا بتوصيات قبيل أحداث 30 يونيو، كان أبرزهم محمود حسين الأمين العام للجماعة وأمين صندوقها وجمعة أمين الذي توفي بالخارج بعد صراع مع المرض. وعقب الفض كُلف الأمين العام محمود حسين بإدارة شؤون الإخوان المطاردين بالخارج، ومع الاهتزاز الإداري بالجماعة سعت الصفوف المتبقية في مصر بالتنسيق مع القيادات في الخارج إلى إجراء انتخابات لتشكيل مكتب إرشاد جديد يدير الجماعة وأزمتها الحالية وهو ما جرى في فبراير 2014. وانتهى الوضع حينها بتشكيل مكتب جديد لم يضم الأمين العام السابق محمود حسين ولا مجموعة كبيرة من الوجوه القديمة في المكتب، وقد علمت القيادات في السجون بهذه الانتخابات وباركوها، وأكدوا أنهم خلف القيادة الجديدة، وقد شغل منصب الأمين العام الجديد محمد كمال خلفا لمحمود حسين.