وجه الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، انتقادات عدة للنظام الحالي، بدايةً من تهميش مساحة الحريات أمام المواطنين، ومرورًا بتوسيع الدائرة المنية، مطالبًا بإلغاء أو تعيين البرلمان المقبل حتى تكتمل الصورة، حسب قوله. وكان نص مقال "حمزاوى"، في صحيفة "الشروق"، والذي حمل عنوان "لا عليكم.. إما الإلغاء أو التعيين": ثم كان أن أماتت السلطوية الجديدة السياسة بمقصلة القبضة الأمنية، وتعميم استراتيجيات فرض الرأى الواحد والصوت الواحد وتزييف وعى الناس، والتورط في مظالم وانتهاكات واسعة. ثم كان أن هجرت السلطوية الجديدة المواطن من المجال العام، وجردت هذا الأخير الذي كانت التعددية قد عرفت طريقها إليه من قيم قبول الآخر وقبول الاختلاف في الرأى دون تخوين أو تشويه ومن ممارسة التسامح ومن احترام العقل والعلم والموضوعية، وأخضعته لهيستيريا تأييد البطل المنقذ. ثم كان أن حاصرت السلطوية الجديدة المواطن المتمسك بحرية الفكر وحرية التعبير عن الرأى ومنظمات المجتمع المدنى التي لم تقبل الاستتباع للحاكم أو للمؤسسات الأمنية والاستخباراتية أو لأموال النخب النافذة المتحالفة مع الحكم عبر حزمة من القوانين والتعديلات القانونية الاستثنائية، وعبر مجموعة من القيود والسياسات القمعية، وعبر العصف المنظم بسيادة القانون وضمانات التقاضى العادل لكى تسكت أصوات القلة المدافعة عن الحقوق والحريات وتتخلص من مطالباتها المتكررة بمساءلة ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات بغض النظر عن مواقعهم الرسمية. ثم كان أن ألغت السلطوية الجديدة استقلالية الهيئات الرقابية المعنية بمكافحة الفساد في الجهاز الحكومى وبمقاومة استغلال المنصب العام وبالحيلولة دون تغول السلطة التنفيذية خاصة مؤسساتها العسكرية والأمنية والاستخباراتية على غيرها من السلطات العامة وبمنع اكتساب رأس السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة دون رقيب أو حسيب، وكان أن تراجعت سيادة القانون واختفت عملا شروط شمول وفاعلية دور الأجهزة القضائية والهيئات الرقابية في ردع الفساد ومساءلة ومحاسبة الفاسدين، وكان أيضًا أن عزف الناس عن الاهتمام بالشؤون العامة وكل هذا المتراكم من الفساد يحيط بها. ثم كان أن استتبعت السلطوية الجديدة منذ صيف 2013 غالبية الأحزاب والحركات السياسية التي تطلق على نفسها أوصاف الديمقراطية الليبرالية واليسار الديمقراطى وبالقطع صفة المدنية بعد أن كانت الأحزاب والحركات هذه قد قبلت الخروج على الآليات الديمقراطية وشاركت في تمرير وتبرير جرائم ومظالم وانتهاكات مروعة، ثم كان أن وظفت السلطوية الجديدة فاشية الرأى الواحد والصوت الواحد لنزع المحدود المتبقى من الثقة الشعبية في الأحزاب والحركات السياسية ولخلق المزيد من الانطباعات السلبية عنها كفردية ومدفوعة بالمصالح الشخصية والحسابات الخاصة لكى يظن الناس أن بلادنا لا يقدر على إدارتها غير المؤسسات النظامية عسكرية وأمنية واستخباراتية، ثم كان أن فرغت السلطوية الجديدة الأحزاب والحركات السياسية من كامل المضمون المجتمعى 1) بتمرير قوانين انتخابات تحابى مرشحى «الدولة» وهم مرشحو الحكم ومرشحو المال الانتخابى وهم اليوم في مواقع واحدة مع مرشحى الحكم و2) بإحكام خطة استتباع البرلمان القادم وتفتيته وفرض الطابع الأمنى عليه بحيث لا يعدو أن يكون بمثابة الجهة «المنتخبة» التي تؤيد كل توجهات رأس السلطة التنفيذية وتعتمد مشروعات القوانين القادمة منه وتمتنع عن أي ممارسة رقابية جادة. ثم كان أن مهدت السلطوية الجديدة لتغولها على المواطن والمجتمع والدولة ولحكمها الانفرادى بسيطرة شاملة على وسائل الإعلام العام والخاص لكى تدير عمليات تزييف الوعى وحشد الجموع وتشويه المعارضين ودفع الناس لتأييد فاشية الرأى الواحد ومكارثية العقاب الجماعى، ولكى تضمن عدم التفات قطاعات شعبية واسعة إلى فساد المبررات التي يسوقها خدمة السلطان للفاشية والمكارثية ولكارثة المظالم والانتهاكات المتراكمة ولعبثية حديث المؤامرات والمتآمرين، ولكى تغرس الخوف في أوساط الناس على نحو يعطل الضمائر والعقول ويمنع دون التعبير الحر عن الرأى ورفض التورط في الصمت على الانتهاكات أو التعامل معها بمعايير مزدوجة.
ثم كان، على الرغم من عنف السلطوية الجديدة التي أمسكت بمعظم قطاعات المجتمع والدولة، أن أفصح الحكم عن عدم الارتياح للصلاحيات الممنوحة للبرلمان الذي لم ينتخب بعد والذي سيسيطر عليه الحكم بصورة شبه مطلقة، وأطلق خدمة السلطان للمطالبة بتعديل الدستور الذي تغيب عنه الكثير من المواد الضامنة لتحول ديمقراطى وعدالة انتقالية، فقط لكى لا يقض البرلمان المفتت والضعيف القادم مضاجع السلطة التنفيذية والمؤسسات الأمنية والاستخباراتية. للسلطوية الجديدة كل الحق، عليها إلغاء البرلمان تماما أو تحويله إلى مجلس معين دون صلاحيات تشريعية أو رقابية، فواقعيا هذا هو ما ينتظرنا، وتستطيع السلطوية أن تفعل ذلك دون تعديل الدستور فالأخير معطل في جميع الأحوال، والأفضل توفير الموارد المحدودة للدولة!